أسوأ ما خسره الأخوان المسلمون في غضون شهرين فقط هي صورتهم المحفورة على جداريات ثمانين عاماً وهم في ثياب المضطهدين والمطاردين بلا هوادة من قبل الأنظمة الحاكمة المتعاقبة ..
شكلت ثورة في 25 يناير اندماجا مدهشاً وتوحداً مذهلاً بين قلوب أخلاط الشعب المصري بغالبية طوائفه ومذاهبه وثقافاته ومشاربه ضد آخر أنظمة الحكم الفردي الشمولي المستبد حتى أسقطته دون أدنى هوادة أو قبول لهدنة أو لمدة يحدث فيها انتقال هادئ للسلطة يجنب البلاد عواقب وخيمة أو فوضى مدمرة ..
انتبه الناس إلى جماعة الأخوان وقد انضمت للاحتشاد في اليوم الثالث للثورة , ولتلتحم بجموع القوى الثورية في ميدان التحرير ..
وقد تيقظت في جوانح تلك القوى مخيلات الصراع الدائب الدائم بين الأنظمة الحاكمة المستبدة وبين جماعة الأخوان المسلمون الدعوية التي ترفع شعار إيقاظ الأمة من سباتها , وبث روح الدين فيها , وحثها على اتباع نهج الإسلام بوسطيته , واعتداله , وتسامحه , وثرائه بكل ما فيه من خير وتقدم وإعمار وتنمية أمة الإسلام ..
ولأنها الفصيل الأدق تنظيماً والأقدر على الحشد والتحرك , فقد انضوت الغالبية من أحزاب وقطاعات و قوى والثورة تحت لواء دعوة الجماعة "مشاركة لا مغالبة" , واحتشدوا جميعاً خلف مرشح جماعة الأخوان المسلمون للرئاسة ضد الفريق أحمد شفيق المحسوب على النظام البائد , وأشدهم تشاؤماً يقول في نفسه أنه من رابع المستحيلات أن تكرر الجماعة المظلومة ذات استبداد وفساد النظام الظالم ..
وقد عرف عبدالرحمن الكواكبي "الاستبداد " في كتابه "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد " بقوله :
ولن نسهب كثيراً في إيراد أدلة إغراق جماعة الأخوان المسلمون نفسها في الاستبداد ..ولكن يكفينا هنا بعد أن أمسك مرشحها محمد مرسي بمقود الحكم وجلوسه على كرسي العرش رئيساً لجمهورية مصر العربية , أن نرصد انسلاخ كثير من رموز القوى الثورية وانفصالها عن الالتحام "الثوري" مع جماعة الأخوان المسلمون التي قلبت شعارها " مشاركة لا مغالبة " إلى نقيضه تماماً . واستولت على كافة مفاصل الحكم , وأسندت كافة مناصب الدولة لرجالها ومواليها على قاعدة الولاء لا الكفاءة ..
وربما أن مساً من جنون صدمة العرش أصاب رأس الجماعة فرأت أن تقتص لنفسها أولاً من خصومها التاريخيين .. وأن ترد السيئة بعشر أمثالها والحسنة بمثلها أو بنصيفها ..
وبعد أن تخلصت من صفعها بالجماعة "المحظورة" التي لاكها الإعلام المباركي كالعلك .. فإنها قد ردت الصفعة بعشرة أمثالها ..
فاخترعت أو استدعت أو تبنت وصف "الفلول" لتصم به ليس أرباب وتابعي النظام البائد فحسب , بل كل من يقف في طريقها أو يعارضها أو ينتقدها أو لا يتفق معها .. فكل من ليس مع جماعة الأخوان فهو من " الفلول" ..
وصار وصف الفل أو الفلول وكأنه عار أو عقاب تؤدب به الجماعة مخالفيها أو من ليسوا على دربها .
ثم استدارت جماعة الأخوان "وبغباء سياسي منقطع النظير" إلى الإعلام لتقيم خصومة شديدة معه حد الملاعنة .. وحاولت أن تسيطر على منبر الإعلام لا بكفاءة الإحلال والتجديد ولكن بغباء الإذلال والتقييد ..
فاغلقت قنوات فضائية وأحالت إعلاميين وصحفيين إلى محاكم الجنايات تستهدف سجنهم بتهمة إهانة رئيس الجمهورية .. ومنعت نشر مقالات العديد من كبار الكتاب كونها تنتقد استبداد وهيمنة الأخوان ..
واستدارت جماعة الأخوان إلى الجيش فضربت رابطة شديدة المتانة بين الشعب والجيش في مقتل بإهاجة الشعب على الجيش وإظهاره بصورة الطامع في السلطة الطامح إلى الانقلاب على الشرعية الثورية .. وهو ما نتج عنه انفراد جماعة الأخوان بالجيش وتسديد أسوأ طعنات الغدر إليه وقتل رابطة التواصل بين الشعب وبين مؤسسته العسكرية ..
ذلك .. ناهيك عن معركتهم ضد القضاء وشروعهم في تصفيته لا تنقيته ..
علاوة على محاولة القضاء ومحو أعلى وأهم مؤسسة قضائية في البلاد ممن على خريطة العدالة وذلك باستخدام أسوأ ألوان الهجوم عليها بالطعن في ذمم ونزاهة وعدالة وحياد وكفاءة وتاريخ قضاتها توصلاً إلى هدمها كلية بل وإلغائها من مواد الدستور القادم ..
إضافة إلى بلوى السيطرة على الجمعية التأسيسية للدستور الأولى الملغية والثانية الحالية واستخدام كافة الحيل غير النزيهة لإعاقة وتعطيل القضاء عن اللحاق بها وكشف عوارها قبل أن "تضع" الدستور الأخواني الجديد ..
لن نضرب مثلاً بآخر من انقلبت عليهم الجماعة وأزاحتهم من طريقها وهم كثر , وهم كثر .. الصحفي المعارض الشهير عبدالحليم قنديل الذي نشر مقالاً ضد مبارك بعنوان "أشعر بالعار أنك الرئيس" ولم يحاكمه مبارك ولم يسجنه وإن كان هناك من تحرش به من أزلام النظام .
عبدالحليم قنديل الذي ساند الجماعة وساهم في إعتلائها عرش مصر كافأته بإحالته إلى محكمة الجنايات متهما بجريمة "رأي" !!!!!!
وقد تلخص رأي "قنديل" في الأخوان بعد وصولهم إلى الحكم بقوله :
بالرغم من أن الشعب المصرى إستطاع أن يحطم صنم مبارك إلا أن نظام مبارك قائماً حتى الآن .
وأضاف قنديل قد إنتقلنا من زمن ” محمد حسني ” إلى زمن ” محمد مرسي “ واصفًا حكم الإخوان بـ” شربة زيت الخروع التى لابد للبلد أن تأخذها عشان تنظف “
وذكر قنديل : طبيعة الإخوان كحزب يحكم مصالح الأغنياء وضد مصالح الفقراء العمال والفلاحين والمثقفين فالوجوه نفس الوجوه والسياسيات كما هى ،
فمبارك كان يقال إته أعظم كنز إستراتيجي لإسرائيلي .. وقيادة الإخوان أعظم كنز إستراتيجي لأمريكا، و مصر الأن تحت الإحتلال السياسي الأمريكي وبها ثاني أكبر سفارة أمريكية في العالم .
واستنكر قول البعض أن مرسى فتح مصر كما فتح الرسول مكة مضيفًا : أتحدى مرسي ومكتب الإرشاد إنه يقوم بإلغاء المعونة الأمريكية للجيش المصري .
وأضاف قنديل جماعة البزنس (جماعة الإخوان ) تصوروا أن الشعب المصر ى متسول بموافقتهم على وديعة قطر لمصر .
وقال قنديل : مافيش حاجة إسمها إهانة الرئيس فهو ليس إله ولا نبي ولا نصف نبي والرئيس موظف عام يخدم الشعب المصري وأي محاولة للإرهاب لن تعني شئ على الإطلاق ولكنها تعنى شيئاً واحد أن مصير مبارك الذي إنتهى إليه هو نفس المصير الذي سيتنهي إليه مصير من يقف أو يحاول أن ينال من حرية المواطن وأمنه وإننا سوف نراقب وسوف نحطم الأصنام .
وأكد قنديل على أن الثورة موجودة و إنه يجب علينا إقامة حزب بحجم الإخوان لنقاومهم قائلًا : بالفعل نحن نقيم ” التيار الشعبي” الذي لابد أن يبدأ من القرى والمصانع ثم يتقدم إلى حركة الشارع يكون قادراً على تحقيق مطالب الشعب المصري المتحفز والقادر على تدمير أصنام الإخوان
أما العميد ” محمد بدر” وكيل حزب الوعى واحد مؤسسى حركة ” كفاية ” فقال :
تحالفنا مع الإخوان ولكنهم خالفوا التحالف ،
نظام مبارك أصاب مصر بالبرد ونظام الاخوان أصاب البلاد بالسرطان .
رابط تصريحات عبدالحليم قنديل
http://onaeg.com/?p=250099
التعليقات (0)