الأخلاق.... كيف يكون الالتزام بها!؟
الكل ينادي بالأخلاق ولكن ما السبيل الحقيقي لكي يلتزم بها الجميع! إليكم هذا الشرح العملي المبني على علاقات التناسب الطردي والتي يحلم بها علم الاجتماع منذ تأسيسه...!
وبالمناسبة علم الاجتماع كان اسمه الأصلي "فيزياء" المجتمع لانهم اعتبروا أنهم تحصيل حاصل سوف يكتشوفون علاقات التناسب الطردي الأساسية لمنظومة المجتمع!
ماذا تعني الأخلاق..؟!
الأخلاق تعنى أن على المرء وبالتالي الناس ككل أن يلتزموا بسلوك معين سليم وصحيح. وهذا السلوك من المفترض أن يعمل على سلامة المجتمع.
هذا السلوك يجب أن يتشابه بين الكل بطبيعة الحال. وبالتالي فهو "سلوك متشابه مشترك"..!
فإذا كان السلوك البشري بشكل أو بآخر هو نتيجة المعلومات التي يحتويها العقل البشري. فمنطقيا السلوك المشترك هو نتيجة المعلومات المشتركة لأنها تولد سلوك متشابه.
فأنا أتكلم العربية وليس الصينية لأن المعلومات اللغوية في عقلي هي عربية وليست صينية. ولا أستطيع الطبابة لأنه لا يوجد في دماغي معلومات طبية كاملة تؤهلني لكي أعمل طبيبا..!
فإذا استوعبنا أن السلوك البشري في نهاية الأمر هو انعكاس للمعلومات التي يحتويها الدماغ البشري بشكل أو بآخر... بعدها يمكن فهم الكثير من الأمور الجوهرية..!
فبشكل عام إذا أردنا الحصول على سلوك مشترك يجب أن توجد "معلومات مشتركة"... أي أن المشتركات المعرفية هي المسئولة عن السلوك المتشابه المشترك...هذا أمر منطقي! والذي من ضمنه السلوك المشترك المسمى بالأخلاق!
لكن توجد مشكلة أساسية يجب الانتباه لها أولا... وهي أننا نعيش في عالم متسارع التطور... بالتالي منطقيا يجب تطوير المعرفة المشتركة حتى تكون فاعلة في هذا العالم المتسارع التطور..!
إذ لا يمكن في هذا الوقت على سبيل المثال التعاطي مع ويندوز 95 لأن العالم قد تخطى نظام التشغيل هذا..!
وكذلك الأمر بالنسبة للمشتركات المعرفية الموجودة في عقول البشر... لا بد من تطويرها حتى تبقى تعمل بالكفاءة اللازمة..! وبالتالي نحصل على سلوك مشترك راقي والذي من ضمنه التقيد بالأخلاق الحميدة..!
إذن بقي السؤال الأخير... أين نجد تلك المشتركات المعرفية المتطورة حتى نحصل على السلوك المشترك المتجدد الراقي..؟!
في الحقيقة هذه المشتركات المعرفية المتطورة لابد أنها خلاصة الفكر البشري..! فأين نجد خلاصة الفكر البشري..؟! هل في المقاهي مثلا أم في جلسات لعب الكوتشينه..!
بالتأكيد في الكتب..! بالتحديد الكتب التي يستطيع قراءتها الجميع دون الحاجة إلى التخصص –حتى تكون مشتركة- أي الكتب الثقافية..! التي نراها في المكتبات العامة ومحلات بيع الكتب والبسطات في الشوارع..! فهذه الكتب هي المصدر الوحيد للحصول على المشتركات المعرفية!
ولهذا عند مراجعة إحصاءات مبيعات الكتب حول العالم ونسب القراءة للكتب العامة الثقافية... نلاحظ علاقة تناسب طردي بينها وبين التزام بالمبادئ العامة التي ينادي بها المجتمع ككل..!
حتى في أبسط المبادئ تجد الجميع ملتزمين بها بسبب كثافة المشتركات المعرفية الراقية التي يؤدي إلى سلوك راقي مشترك في نهاية الأمر..!
فكل المجتمعات تنادي بأشياء بسيطة... مثل لا تزعج الجيران، لا ترمي المخلفات في الشارع، لا تتكلم بصوت عالي مزعج، لا تستخدم بوق السيارة بكل مناسبة... كل هذه الأمور البسيطة يلتزم بها المجتمع القارئ لسبب بسيط... وهو أنه ولكثرة المشتركات المعرفية (والتي من أدوارها التي لا تعد ولا تحصى أنها تعمل على الربط بين عناصر أي مجموعة) يشعر الشخص بالآخر بشكل كبير جدا مما يجعله يحسب حساب الآخر... الآخر الذي يمكن أن يكون الجار... عابر الطريق... النائم في ذلك المنزل نهاية الشارع... الخ.
فالإنسان يشعر بأفراد أسرته ويهتم بهم لأنه يشاركهم بالكثير من المعرفة الشخصية... فيحدث الود والتراحم..! ولكن هل يستطيع أحد أن يتعرف بشكل شخصي على كل الناس..؟! بالطبع لا... فما الحل..؟!
الحل الوحيد أن يكون مشتركا معهم في منظومتهم المعرفية حتى يشعر بالارتباط..! وهذا أمر منطقي في نهاية الأمر..! وبالتالي الطريقة الوحيدة للتشارك مع الآخرين بدون المعرفة الشخصية –الغير ممكنه أصلا- هو التشارك معهم في مشتركات معرفية –وكما قلنا سابقا- متطورة راقية حتى –وكما قلنا سابقا- يحصل الارتباط بالآخر..!
ولهذا إذا أراد الجميع للأخلاق أن يتم الالتزام بها لا بد من زيادة المشتركات المعرفية في المجتمع الذي يعاني من عدم الالتزام بها..!
أي إقناع المجتمع بضرورة رفع نسبة القراءة العامة للمجتمع..!
ولمزيد من الشروح العلمية يمكن قراءة بقية مقالاتي..! أما بالنسبة للإحصاءات لتبيان علاقة التناسب الطردي بين الالتزام بالمبادئ التي ينادي بها مجتمع ما وبين نسب القراءة الثقافية، فأعدكم بها عندما تقرر جامعة ما أو مركز أبحاث بتبني هذا المشروع ويقوم بكل ما يلزم من إحصاءات لإظهار علاقات التناسب الطردي بين الالتزام بالأخلاق العامة وبين انتشار المشتركات المعرفية الراقية بكثافة!
التعليقات (0)