لم تنتصر الانفصالية أمينتو و إنما فشلنا في القيام بما كان علينا القيام به
الأخطاء 15 القاتلة
شكلت نازلة الانفصالية أمينتو حيدر مناسبة أخرى لكشف واقع الدبلوماسية المغربية التي لازالت تعاني في الدفاع عن قضايا المغرب العادلة و المصيرية.
إن المتتبع لدبلوماسيتنا، بخصوص قضية المغرب الأولى، الصحراء المغربية، يلاحظ بسهولة تكرار الأخطاء بشكل فج، بدءا من الصراع حول جزيرة ليلى و الأزمة الدبلوماسية مع السنغال و قطع العلاقة مع فنزويلا و طرد السفير الإيراني وصولا إلى نهج التعاطي مع نازلة الانفصالية أمينتو حيدر.
- عدم تفعيل المسطرة:
لعل من أول انحراف تم تسجيله هو عدم الكشف عن كل الأحداث و الوقائع في إبانها و اكتفاء وزارة الخارجية بالإعلان عن طرد الانفصالية أمينتو – و ليس إعادتها إلى جزر الكناري – دون الكشف عما اقترفته من أفعال يجرمها القانون المغربي ، بل يعتبرها جنايات تمس المقدسات، علاوة على الاستفزازات التي كالتها لأكثر من مسؤول مغربي ضمنهم وكيل الملك أثناء مزاولته لمهامه.
- الاعتماد على تبريرات و تفسيرات واهية:
أمينتو إلى مدينة العيون صرح الوزير الإسباني "ميغيل أنخيل موراتينوس" باسم الحكومة الإسبانية نافيا اعتراف بلاده بسيادة المغرب على صحرائه. و هذا ما أكده بيان وزعته الوكالة الفرنسية "أ.ف.ب" على أوسع نطاق و أقر بعدم حصول أي اعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، و إنما اكتفت الحكومة الاسبانية بالقول إن القوانين المغربية تطبق في الصحراء، و هذا أمر واقع يعاينه الجميع. لكن أفادت أن بلادنا انتصرت في قضية الانفصالية أمينتو مستدلة باعتراف الإسباني الوهمي بسيادة المغرب على صحرائه.
- التصريحات المجانية:
من التصريحات التي أثارت العديد من المحللين، تصريح وزير الخارجية، الطيب الفاسي الفهري، بكون الانفصالية أمينتو حيدر ليست صحراوية و أنها لا تنتمي إلى "الصحراء الغربية" كما تدعي، و ذلك بدليل أن مسقط رأسها كان بمنطقة طاطا التي لم تكن خاضعة للنفوذ الإسباني، مما أثار أكثر من تساؤل في ذهن العديد من الذين استحضروا إشكالية تحديد الهوية و إقامة مخيمات الوحدة بالمدن الصحراوية المسترجعة.
و من حيث لا يدري، سار وزير الخارجية في ركاب أطروحة الانفصاليين، و هذا أمر من المفروض أن لا يخفى على وزير يشارك في المفاوضات.
- غياب التنسيق و التواصل:
ظل غياب التنسيق و التواصل سائدا في تدبير ملف الصحراء، و قد تأكد هذا الأمر بوضوح إثر حادثة الانفصالية أمينتو.
فبينما كانت وفود الأحزاب السياسية تجوب العواصم العالمية قصد التأكيد أنه لا مجال لعودة الانفصالية خارج احترام السيادة الوطنية، كان القرار قد أتخذ بعودتها إلى مدينة العيون، مما أظهر أن العديد من القيمين على أمور تلك الوفود ظلوا يجترون خطابا خشبيا لا يغني و لا يسمن من جوع في قضية جوهرية مثل قضية الوحدة الترابية.
- غياب إستراتيجية واضحة المعالم و محددة المقاصد:
هل يكفي أن تكون القضية التي تدافع عنها عادلة، أم وجب أقناع الغير بكونها كذلك؟ هذا هو السؤال بصيغته "السيكسبيرية".
لقد اتضح بجلاء غياب إستراتيجية ناجعة و فعالة للدفاع عن القضية الوطنية الأولى، مما كرس العشوائية و التردد و خلق أجواء الارتباك و فقدان الجدوى، و بالتالي كان من الطبيعي جني الفشل.
- سوء التدبير، غياب التخطيط و بطء التكلف مع المتغيرات:
هناك مواقف يعجز المرء عن تصنيفها و تفسيرها أو تبرير التراجع عنها، مما يجعل الجميع في حرج، بما في ذلك عاهل البلاد، جلالة الملك. و هذا إن كان ينم عن شيء، فإنه ينم عن قصور مدبري شؤون الدبلوماسية المغربية.
لقد ربط الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري وزير الاتصال، و مسؤولون كبار غيره، عودة الانفصالية أمينتو حيدر إلى الصحراء المغربية بتقديم الاعتذار لجلالة الملك. و ها هي عادت دون أن تقوم بذلك، بل هي التي طالبت بالاعتذار لها حسب ما صرحت به للقناة الأولى الأسبانية.
و هناك مفارقة غير مفهومة، إذ بمقارنة بسيطة بين المغرب و الجزائر، نلاحظ أن بلادنا تواجه الكثير من الانتقادات الدولية في مجال حقوق الإنسان، في حين أن المنطق يفرض أن تكون الجزائر مستهدفة بهذا الخصوص أكثر منا. فلا مجال للمقارنة بين واقع حقوق الإنسان و الحريات يسن البلدين، فالمغرب قطع أشواطا غير مسبوقة في هذا المجال. و هذا راجع إلى سوء التدبير و غياب التخطيط و بطء التكيف مع المتغيرات و مسايرة المستجدات، و هي كلها نواقص مازالت تعاني منها دبلوماسيتنا.
و هناك أيضا سلبية و محدودية جدوى و فعالية القرارات المتخذة في دوائر ضيقة، سيما وزارتي الخارجية و الداخلية، في حين لا يسمح لباقي الفاعلين – البرلمان، الأحزاب، أو فعاليات المجتمع المدني – بالمساهمة و المشاركة في بلورة القرار الدبلوماسي، و إنما أقضى ما يمكن الإقرار به هو تمكينهم من لعب أدوار تسويقية و تنفيذية لقرارات متخذة في غيابهم. و هذا ما أثر كثيرا على الترويج لمواقف المغرب بالخارج. و يزيد الطين بلة مع سيادة غياب التنسيق و التواصل مما يساهم في حدوث الارتباك و عدم تطابق المعلومات المرتكز عليها. و من شأن هذه الوضعية خدمة مواقف خصوم الوحدة الترابية بطريقة غير مباشرة.
- قصور الرؤية و غياب الاحترافية:
حسب العديد من عارفي خبايا الأمور، بدا بوضوح نؤشر غياب الاحترافية و التسرع في التعاطي مع القضايا الحساسة و عدم القدرة على تدبير الأزمات الطارئة.
و من الانزلاقات "القاتلة"، في نظر البعض، و التي كرستها وزارة الخارجية، اقتصارها على الاكتفاء بعدالة القضية التي تدافع عنها، في حين كان عليها، و لازال، أن تكون بمثابة المدافع عنها باستمرار عبر بلورة رؤية دبلوماسية و خطط استباقية تجعل السفارات المغربية بالخارج فضاءات مفتوحة و ليس منزوية على نفسها مقتصرة على التحركات المناسباتية أو النشاط في دوائر ضيقة أو محدودة.
إن مرحلة "ما بعد أمينتو" تستوجب بلورة دبلوماسية قوية مستندة على رؤية واضحة المعالم و محددة المقاصد.
- التقليل من شأن الأحزاب السياسية و دورها في الدفاع عن القضية الوطنية الأولى:
إن وزير الخارجية، الطيب الفاسي الفهري، اقتصر على استدعاء الأحزاب لإخبارها بالنتيجة، في حين كان من المفروض إشراكها في اتخاذ القرار اعتبارا لطبيعة القضية و تداعيات النازلة على الصعيد العالمي.
تم تكرار نفس السيناريو عند اتخاذ قرار عودة الانفصالية أمينتو إلى العيون معتبرة نفسها منتصرة ظافرة. و في هذا الصدد أسر لنا قيادي حزبي مدليا " كان في أمكان المغرب نقل الانفصالية إلى الحدود المغربية الجزائرية ما دام مكانها الطبيعي هو الجزائر أو مخيمات تندوف في كنف البوليساريو، و ذلك اعتبارا لتنكرها العلني، المدعم بتصرفات، لجنسيتها المغربية و عدم اعترافها بجواز السفر المغربي.
- عدم توظيف الرصيد الحقوقي المحقق:
لم يتم توظيف الرصيد الحقوقي الذي حققه المغرب، و الانفصالية أمينتو إحدى المستفيدات منه، مما ساهم في نجاح الانفصاليين و الجزائر و المتحالفين معهما في ترويج صورة المرأة المضطهدة و المبعدة عن فلذات كبدها. كما لم يتم الربط بين هذه القضية و الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالجزائر و مخيمات تندوف، إذ مازال على التراب الجزائري عدد كبير من الأسرى المدنيين و حالة المحتجزين الذين يعيشون مختلف أصناف المعاناة، و كان هذا من "أضعف الايمان".
- التصدع و الفرقة:
هناك من التصرفات ما أحدث التصدع و الفرقة، ففي الوقت الذي ظهر بجلاء المخطط المبيت لحركة الانفصالية "أمينتو"، ظل بعض رؤساء الأحزاب يغردون خارج السرب، إذ نصب بعضهم أنفسهم مدافعين عن الانفصالية .
كما برزت بعض التصريحات المكبلة و الواضعة البلاد في حرج، مثل إشارة السلطات إلى أن الانفصالية "أمينتو" ولجت المغرب يعد خضوعها التام للإجراءات المعمول بها، إلا أن المعنية بالأمر كذبت فورا هذا التصريح معلنة أن دخولها كان استجابة للضغوط الممارسة على المغرب دوليا.
- تهميش الرأي العام الداخلي:
من الأخطاء التي انكشف أمرها، إصرار القائمين على الأمور على عدم إشراك الرأي العام المغربي و قواه الحية في تدبير ملف الصحراء.
و من تداعيات النازلة أن المرء أضحى يشعر أن الدولة لا تولي اهتمام للرأي العام الداخلي، في حين تتسرع في الخضوع للضغط الخارجي. و هذا تصرف اعتبرته بعض الجهات غير مشرف للمغرب و لا للمغاربة.
- ضعف التسويق للمواقف الرسمية و للإجماع حول القضية الوطنية:
من مؤشرات جوانب فشل الدبلوماسية المغربية في تعاطيها مع قضية الوحدة الترابية و ملف الصحراء، بروز صعوبات جمة في تسويق المواقف الرسمية و غياب التنسيق مع فعاليات المجتمع المدني التي أخذت على عاتقها، منذ أمد طويل، الدفاع خارجيا و باستماتة عن القضية الوطنية الأولى.
كما أن الفشل البين لدبلوماسيتنا بخصوص ملف الصحراء، انكشف بجلاء عبر سوء و رداءة توظيف العائدين، و ازداد مشهد الفشل بروزا بفعل تسييج مكونات المجتمع المدني في هذا المضمار.
و من المؤشرات الدالة أيضا على الفشل، أن الموقف الرسمي لا يجد صدى له يذكر في التقارير الدولية، و هذا ما أكده الدكتور محمد أتركين. و ذلك ليس لأن الجهات المكلفة بإعداد تلك التقارير تحجم عن الاستماع للمواقف الرسمية، و إنما لأن من يدافعون عنها ظلوا لا يتجاوزون "تقنية الببغاء"، أي إعادة إنتاج خطاب رسمي مغلق دون حجية استنادا على القانون الدولي و حقوق الإنسان. و ربما أن هذا الأمر سيفضح أكثر بفعل التداعيات القادمة إن لم تتم إعادة النظر في جملة من الأمور المرتبطة بتدبير ملف الصحراء، إن على الصعيد الداخلي أو الخارجي.
إن بقاء نشاط المغرب، على الصعيد الدولي، في الدائرة الرسمية و عدم تقاسمه من قبل مكونات أخرى، جعل موقف بلادنا يظل ضعيفا مقارنة مع تحرك الانفصاليين في الخارج و ربحهم لود مكونات المجتمعات المدنية خارجيا.
عموما ظلت الدبلوماسية المغربية، بخصوص ملف الصحراء، تقدم أطروحات، يعتبرها المتلقي الأجنبي هشة ، عوض الاستناد على المتغيرات الدولية و توظيف المواقف الدولية الجديدة و تسويق أفضل لنتائج الانفتاح السياسي و توفير هوامش الحريات، غير المسبوقة، في العالم العربي و الإسلامي، و التي تأكدت في الأقاليم الصحراوية.
يضاف كذلك غياب تحرك السفارات المغربية بالخارج لتوضيح المشكل و الرد على الدعاية المغرضة التي حركها الانفصاليون و الجزائر. فلم تبدأ بعض السفارات تحركها إلا بعد أن "قضي الأمر و كان مفعولا".
كل هذه النواقص برزت مع نهج التعاطي مع نازلة الانفصالية "أمينتو".
- النيل من هبة الدولة و صدقيتها:
إن النهج المعتمد خلق تداعيات نالت من هيبة الدولة و صدقيتها، إذ ظلت مكتوفة الأيدي أمام التصريحات النارية للانفصالية "أمينتو" و هي في عقر دارها مصرحة أن عودتها انتصار للقانون الدولي ولحقوق الإنسان و لـ " القضية الصحراوية" معلنة عن استمرارها في الدفاع عنها. و رغم ذلك ظل القائمون على الأمور عاجزين على مساءلتها ، هذا في وقت مازال يقبع فيه مواطنون في السجن لأنهم إما كتبوا أو أدلوا بآراء و تصريحات في قضايا تهم وطنهم أو إقليمهم ، كما حدث للكولونيل قدور الترحزاز و شكيب الخياري على سبيل المثال، أليس هذا إحراج.
و في هذا المضمار، تساءل مواطن مقيم بالديار البلجيكية ندم على مشاركته في وقفة للدفاع عن قرار إبعاد الانفصالية "أمينتو": "لماذا لم تقم السلطات المغربية باعتقالها منذ البداية لما اقترفته من تجاوزات سافرة بدل "الشوهة" التي لحقت بنا؟".
- عدم التصدي لتغلغل الانفصاليين في المجتمع المدني الاسباني:
كشفت نازلة الانفصالية "أمينتو"على مدى هذا التغلغل و الحقد ضد المغرب الذي نعت بأقذع الأوصاف في المظاهرة المنظمة بالمناسبة بمدريد. و من المعلوم أن إسبانيا أضحت فضاءا صعبا بالنسب للدبلوماسية المغربية، و تغيير واقع الحال هذا يتطلب مجهودات كبيرة، سيما مع وسائل الإعلام التي تحركها لوبيات قوية موالية للانفصاليين، مما يقف حجر عثرة في وجه تسويق المواقف الرسمية.
- خلق حالة التذمر في صفوف الجالية:
أحدث نهج التعاطي مع النازلة حالة من اليأس و التذمر و الحسرة في صفوف الجالية المغربية بالخارج. و هذا ما رصدته جريدة "القدس" التي أوردت أن مشاعر الحسرة و اليأس تفشت في نفوس الجالية المغربية في إسبانيا.
و الحالة هاته، ألم يحن بعد الوقت لإفادة النظر في نهج عمل و اشتغال الدبلوماسية وآلياتها المدنية و العسكرية و المخابراتية؟
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
شكلت نازلة الانفصالية أمينتو حيدر مناسبة أخرى لكشف واقع الدبلوماسية المغربية التي مازالت تعاني من أجل الدفاع عن قضايا المغرب العادلة و المصيرية.
إن المتتبع للدبلوماسية المغربية بخصوص قضية الصحراء، قضية المغرب و المغاربة الأولى، الصحراء المغربية، يلاحظ بسهولة تكرار الأخطاء بشكل فج، بدءا من الصراع حول جزيرة ليلى و الأزمة الدبلوماسية مع السنغال و قطع العلاقة مع فينزولا و طرد السفير الإيراني وصولا إلى نهج التعاطي مع نازلة الانفصالية أمينتو حيدر.
و قد ساهمت تداعيات هذه النازلة إلى حد كبير في كشف جملة من القضايا لم يكن يعلمها إلا النزر من المغاربة رغم أن القضية تهمهم جميعا و تعتبر من أول الأولويات الآنية و الاستراتيجية.
لتسليط بعض الأضواء على خلفيات و انعكاسات هذه النازلة اتصلت جريدة "الصحراء الأسبوعية" فكانت الحصيلة كالتالي:
ذ.عبد الرحمن مكاوي / خبير في الشؤون العسكرية و الإستراتيجية لـ "الصحراء الأسبوعية"
أمينتو ووراءها الخلية الاستخباراتية الجزائرية (الفرقة 192) مقرها ببن عكنون بالجزائر العاصمة
1 - شكلت عودة أميناتو حيدر صدمة للمغاربة، سيما و أنها لم تقدم أي تنازل كما تم الترويج لذلك، فكيف تقيمون هذه النازلة؟
اعتقد ان الدبلوماسية المغربية تقوم بمجهودات لشرح الفخ الذي نصبته الجزائر من خلال دفع أمينتو حيدر الى اتخاذ مواقف و مبادرات معادية للوحدة الترابية المغربية. فالمرأة معروفة بتفننها في الدعاية السياسية المعادية للمغرب ووراءها خلية جزائرية مكونة من ضباط مختصين في التشويش على بلدنا في المحافل الدولية و المعروفة بالفرقة 192 و التي مقرها بن عكنون الجزائر العاصمة.فوزير الخارجية و التعاون المغربي رفع جزئيا الغموض الذي لف عودة امينتو حيدر الى المغرب، الذي كان يهمنا هو : هل دخلت امينتو حيدر بجواز سفر مغربي؟ وهل كتبت اسم البلد الذي تنتمي اليه؟ و ما هي طبيعة الضغوط التي مورست على المغرب لإبرام هذه الصفقة؟. الظاهر ان امينتو حيدر هي التي تنازلت ووقع الاتفاق بتدخل فرنسي قوي في الموضوع، رغم انها ما زالت تكذب ابرام اي اتفاق بينها و بين الدولة المغربية. ان التدخل الفرنسي سحب البساط عن المشروع الجزائري لإقحام المغرب في حرب حقوقية اعلامية عالمية، مخطط كان يهدف الى مطالبة الدول العظمى الدائمة في مجلس الأمن منح اختصاصات الشرطة لقوات الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) لحماية السكان الصحراويين و تقديم المغرب كدولة مارقة الى الرأي العام العالمي.
2 – هل من شأن تنازل الدولة المغربية عن موقفها الأصلي تشجيع انفصاليي الداخل على المزيد من إحراج المسؤولين المغاربة و المزيد من توريطهم؟
في رأيي الشخصي، ان الخطوط العريضة للمفاوضات التي جرت حول موضوع امينتو حيدر لم تعرف بعد، و لا يمكننا في هذه الآونة الكلام او الحديث عن التنازل او انهزام الدولة المغربية طالما ان المفاوضات كانت سرية تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كيمون و تدخل عدة أطراف دولية. فالسياسة الخارجية تخضع للإستراتيجية خارجية تخدم مصالح المغرب و امنه القومي، فهي قابلة للمراجعة و التصحيح او التفعيل. فينبغي استقرار السياسة الخارجية و العمل على اصلاحها و صلابتها و تغيير السلوكيات الانفعالية و الغير المدروسة و التي كانت لها في الماضي نتائج سلبية على سمعة المغرب و كرامته، قرارات تحدث أضرارا متعددة و جانبية تمس أمننا القومي و موقعنا في النظام العالمي الذي اصبح قرية صغيرة.
3 - في نظركم، إلى ما يعود الارتباك الواضح في التعاطي الرسمي مع قضية الانفصالية أميناتو؟
لا يمكننا الكلام بمفهوم الارتباك في العلاقات الدولية للأمم، فاتخاذ القرارات تأخذ من أكثر من مصدر و تحتاج لوقت طويل لبلورة موقف رسمي للدولة، الغريب اننا نتكلم عن موقف الدولة و لا نتحدث عن مواقف الأحزاب و المجتمع المدني المغربي في الداخل و الخارج. و لقد سالت في باريز و أنا في المستشفى من طرف صحافيين فرنسيين متسائلين عن عدم تحرك الشعب المغربي لمواجهة هذه الهجمة الاعلامية الجزائرية الممولة من صندوق محاصيل شركة صونتراك. فالكل اصبح يعلم ان الجزائر و البوليساريو فشلتا في الحرب العسكرية ضد المغرب، حرب دامت 15 سنة متواصلة. فمنذ وقف اطلاق النار سنة 1991 قررت المؤسسة العسكرية الجزائرية تغيير منهجية وأدوات المواجهة و اطلقت الحرب الإعلامية و الحقوقية و الدبلوماسية و المخابراتية لمحاصرة المغرب و تصدير العنف الى الداخل، استراتيجية مدعومة من اليسار الأوربي و الأمريكي و الإفريقي، في هذا السياق أوتي بالرئيس بوتفليقة سنة 1999 من امارة ظبي لتطبيق هاته السياسة و هذه الحرب على المغرب.
4 – هل عودة هذه الأخيرة بالطريقة التي عادت بها تعتبر فشلا ذريعا للدبلوماسية و السياسة الخارجية المغربيتين، و على وجه الخصوص نهج التعاطي مع ملف الصحراء؟
اظن ان الخارجية المغربية كان لها اوراقا متعددة لمعالجة هذا الاستفزاز الجزائري منها المقاربة القانونية التي تتمثل في تقديم السيدة امينتو حيدر الى وكيل جلالة الملك بتهمة الإخلال بالنظام او إهانة موظفين او التخابر مع جهاز امني معادي للمغرب الى غير ذلك بكل شفافية و موضوعية و في اطار احترام حقوق الانسان و الحريات العامة، و حتى نظهر امام العالم اننا دولة الحق و القانون نسمح بحرية الرأي و الاعتقاد و نرد بالقانون على كل استفزازات او تجاوزات.
و في هذا السياق، ينبغي المراجعة الضرورية لبعض الجوانب في الدبلوماسية الرسمية سواء على مستوى الكلمة او الصورة او العناصر البشرية، فلو تحرك الشعب المغربي امام سفارات الجزائر او اسبانيا مثلا في مظاهرة مليونية لخافت اسبانيا و الجزائر على مصالحها في المغرب. لذا ينبغي التفكير في احداث لجنة التحقيق يأمر بها جلالة الملك او البرلمان، للوقوف على حقيقة الموضوع و مساءلة المسؤولين عن الأخطاء و الهفوات ان كانت هناك اخطاء. و في هذا السياق، ينبغي تكوين مجلس ملكي للدبلوماسية، يحدد السياسة الخارجية للمغرب و خطط تدبير نزاع الصحراء على المدى القصير و البعيد. مجلس ملكي يضم وزراء خارجية سابقين وأمناء الأحزاب السياسية و اعلاميين ورجال اعمال و حقوقيين و مختصين في العلاقات الدولية و المنازعات الإقليمية، انها خطوة ضرورية حتى يتفادى المغرب في المستقبل كل الأخطاء المجانية التي تخدم مخطط العدو.
5 – في اعتقادكم، ألا يستوجب التراجع عن الموقف الرسمي مساءلة اعتبارا لأن الأمر مرتبط بقضية ذات أولوية الأولويات؟
حقيقة ، ان قضية الصحراء المغربية مسألة ثابتة و ساكنة في قلب الشعب المغربي ووجدانه و يتساءل عن حقيقة ما جرى في غياب المعلومات الصحيحة و في تدخل وسائل اجنبية عالمية في الموضوع و التي هي معروفة بانحيازها الى الأطروحة الانفصالية. فعلى القائمين و المسؤولين على تطبيق القرار السياسي الدبلوماسي الاستراتيجي القيام بمجهودات جبارة لشرح القضية و عدم ترك الخصوم استغلالها لأهداف اخرى كإفشال المفاوضات الغير الرسمية، ينبغي معالجة هذا النقص في التسويق السياسي لمواقف المغرب التي يقف وراءها شعب بكامله. فالمسألة ليست قضية شخص او مؤسسة او وزارة او ...بل قضية الشعب المغربي بأكمله. و ينبغي التعامل مع نزاع الصحراء على هذا الأساس مستقبلا.
6 – كيف تفسرون تغييب نواب الأمة (البرلمان) من هذا الأمر؟
كان على وزير الخارجية و التعاون ان يقوم بشرح الموقف في بدايته امام لجنة الخارجية و الدفاع و الحدود في المجلسين، كما كان عليه ان يعطي اوامره لسفاراتنا في الخارج و خاصة اسبانيا و فرنسا و ايطاليا و الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الاسكندينافية بالتحرك سريعا لشرح السيناريو الجزائري و أبعاده من خلال تحريك الأداة المتمثلة في امينتو حيدر، كما كان على وزير الخارجية ان يلتقي بوسائل الاعلام المغربية و الأجنبية في 24 ساعة الأولى من انفجار المشكل الذي كان متوقعا حدوثه من سنين، لأن المعنية تسعى بكل الوسائل للدخول الى الجنة او الحصول على جائزة نوبل على حساب المغرب و التي تساوي مليون و نصف دولار. فالذي يهمها هو المال أساسا و الانتقام من المغرب من خلال طليقها الذي تشبث بمغربيته.
7 – بخصوص الأحزاب السياسية كيف تقرؤون تبعيتها المستسلمة و إن كان الأمر يهم موقفين متضاربين؟
ان الأحزاب السياسية في المغرب في اغلبها كما هو الشأن في الدول الديمقراطية تتابع القرارات المتخذة في الميدان الدبلوماسي، و في هذا الاطار لوحظ عدم تواصل وزارة الخارجية و التعاون مع هذه الأحزاب طيلة مدة الأزمة، اعتقادا منها انها الوحيدة القادرة على حلها و هذا كان خطأ تكتيكيا و منهجيا عكس ما فعلته الأحزاب السياسية الجزائرية ووسائل اعلامها التي رغم ازمتها مع مصر جندت كل الوسائل في الساعات الأولى من طرد امينتو حيدر الى جزر الكناري.
8 – في هذا المضمار طالب البعض باستقالة وزراء الخارجية والاتصال و العدل اعتبارا لتداعيات قضية أميناتو الموصوفة من طرفهم، بـ " سبة في حق الشعب المغربي و للصحراويين الوحدويين و لأرواح الشهداء"، فكيف تقرؤون هذا الموقف؟ و هل المطالبة باستقالة الوزراء المذكورين مبنية على أساس اعتبارا لكون الوزراء لا يستقيلون عندنا؟
لا ينبغي في نظري شخصنة الأخطاء الدبلوماسية و تحميل المسؤولية الى وزير واحد او قطاع واحد، فالأمر أبعد و أعمق من ذلك لان القرارات الدبلوماسية قرارات سيادية يتدخل فيها العديد من المسؤولين.قد تقع جميع البلدان في اخطاء دبلوماسية او قانونية او اعلامية و لكن الرأي المغربي العام لاحظ في الآونة الأخيرة شح و قلة المبادرات الدبلوماسية للدفاع عن وحدتنا الترابية و كثرة ردود الفعل و نقص في التعبئة الجماهيرية، فالإقالات لا تحل المشكل، فالذي يحل المشكل هو اعادة الاعتبار الى النخبة المغربية المهتمة و المعنية بالشؤون الخارجية للمغرب و تكليفها ببناء منظور و مشروع دبلوماسي حداثي يواكب الانتقال الديمقراطي الذي يقوده الملك محمد السادس. كما ينبغي تفعيل المجتمع المدني المغربي في الداخل و الخارج لمواجهة خصوم وحدة الترابية. ان الشعب المغربي هو شعب الجبارين، قادر على خلق المعجزات و مواجهة كل حصار و كل هيمنة و لا يركعه إلا الله الواحد القهار. فالمراجعة ضرورية بدون تصفية حسابات او شخصنة الملفات.
ذ.عبد الرحمن مكاوي ، أستاذ العلاقات الدولية/جامعة الحسن الثاني و خبير في الشؤون العسكرية و الإستراتيجية
ذ. مصطفى ناعمي خبير في الشؤون الصحراوية و عضو الكوركاس لـ "الصحراء الأسبوعية"
إذا كنا نعتبر ملف الصحراء حقيقة بمثابة أولوية الأولويات، فلنتعامل معه بما يلزم من المصداقية و الجدية التي تتمثل في الشفافية و المحاسبة
عادت الانفصالية أميناتو حيدرإلى مدينة العيون دون أن تقدم أي تنازل حسب ما يبدو، كيف تقيمون هذا الحدث كخبير في الشؤون الصحراوية و عضو الكوركاس ؟
تعتبر هذه النازلة واقعة بالغة الأهمية لكل متتبع لمسار الملف المتعلق بحقوق الإنسان بالمغرب. نعلم جميعا علم اليقين أن ما يفصل المغرب عن الجزائر هي حرب كلية تأخذ فيها المواجهة الدعائية حيزا أساسيا. و هنا يجب أن نقسم هذه الحرب إلى شقين أساسيين. يتمثل الأول في استعمال الوسائل الحربية بمختلف أشكال المواجهات الأخلاقية منها و اللاأخلاقية. أما الشق الثاني فيتمثل في التغطية الإعلامية الهادفة إلى تشويه صورة الخصم. ذلك انه باسم احترام المبادئ و القيم المتداولة دوليا يشن كل طرف الحرب الإيدلوجية على الطرف الآخر متهما خصمه بعدم احترم هذه القيم. و هذا طبعا هو موقف القيادة العليا للبوليساريو كما الدولة الجزائرية، الطرفان اللذان لا يتركان فرصة تمر دون توجيه الضربات إلى المغرب باسم عدم احترام حقوق الإنسان. من هنا كان لزاما على المغرب أن يتجنب عدم الوقوع في مثل هذه المزالق المفتوحة في كل لحظة و حين. لقد كشفت هذه المشكلة أن السلطات المغربية قد تصرفت بشكل هو اقرب إلى الاعتباطية منه إلى الرزانة و التأني و التبصر. فقد جرت العادة على أن تعود امينتو حيضر إلى المغرب كل مرة على نفس الوثيرة. و قد استمر الأمر على ما هو عليه لمدة إلى أن قررت السلطات المغربية إيقافها و سحب جواز سفرها و ورقة تعريفها. خلال هذه الفترة التي كانت تتمتع فيها المعنية بحرية التنقل من و إلى داخل المغرب، كانت بمثابة اكبر مدافع عن حقوق الإنسان على اعتبار أن المغرب هو دولة ذات سيادة و مسؤولية في كل ما يتعلق باحترام الحريات حتى عندما يتعلق الأمر بتنقل المدافعين عن مقولة الانفصال. و قد كان هذا الواقع بمثابة الصمام الوقائي الذي كان يقي المغرب شر الهجمات القوية التي يمكن أن توجهها إليه الجمعيات الحقوقية. هذه الأخيرة ملزمة بالاعتراف بتفتح المغرب على الحريات و لو بشكل نسبي مما يشكل عجزا واضحا و قويا للبوليساريو و الجزائر في هذا الباب. إلا أن تصرف السلطات المغربية في هذه الواقعة قد أذهل كل اللذين يتتبعون مسار الحريات بهذا البلد. و قد كشفت السلطات المغربية عن وجه خطير عندما ادعت أن أمينتو حيدر هي التي تخلت عن هذه جواز سفرها وورقة تعريفها الوطنية. هنا إذا نحن أخذنا بعين الاعتبار المساندة الهامة التي تلقتها كفاعلة حقوقية من الحجم الكبير، تأكد بسرعة أن كل محاولة لمنعها من ممارسة حريتها في التصرف السياسي و الإيدلوجي هي تعتبر من باب السذاجة السياسية التي لا و لن ترق أبدا إلى مستوى الممارسات العقلانية التي بإمكانها مواجهة الرأي الأخر بقوة الحجة و البرهان. يخطئ المغرب إذا اعتقد أن مسانديه من القوى العظمى قادرون على مواجهة الضغوط المتزايدة للمنظمات الحقوقية و الإعلام الدولي المساند للبوليساريو. لقد جند إضراب أمينتو عن الطعام كل وسائل الإعلام الاسبانية و الدولية والمنظمات الحقوقية الاسبانية و غيرها بباقي الدول المتقدمة لتشويه وجه الدولة المغربية أمام المنتظم الدولي و المجتمعات و صانعي الرأي السياسي و الحقوقي بالعالم. و هو تحديدا ما تسبب في إحراج فعلي للدولة الاسبانية و لباقي الدول المساندة للمغرب. ففي الوقت الذي كان فيه موقف المغرب قد أصبح هجوميا بالمعنى الدبلوماسي و بدا الرأي العام العالمي يكتشف محدودية الادعاء الجزائري و البوليساري، تجندت الإدارة المغربية كما لو كانت خير دعامة للجزائر و للقيادة العليا للبوليساريو. لقد أضاع المغرب ما بناه لمدة طويلة بجرة قلم كما كشف للرأي العام المغربي عن حجم الأخطاء التي ما تزال تكشف عنها المركزية المعتمدة بعيدا عن كل رقيب و في غياب أحزاب قادرة على التنديد بسياسة الأمر المفروض و التكتم الزائد و التمويه و إعطاء معلومات خاطئة قصد تجنيد المغاربة دون سابق معرفة منهم بحقيقة ما جرى. كاد المغرب أن يفقد أصدقائه التقليديين مضيعا بذلك على نفسه فرصة ثمينة كانت ستؤهله تلقوية موقفه لو انه ترك أمينتو حيدر تدخل دون أي مساس بحقها الطبيعي. شخصيا لا اتفق مع السياسة المتبعة في هذا الباب و أرى لزاما فتح الباب لنقاش مسؤول و شفاف بهذا الخصوص
في نظركم، هل تداعيات هذه النازلة من شأنها فتح المجال لما يسمى بانفصاليي الداخل على المزيد من إحراج مغارب؟
أمام المغرب حل وحيد لمواجهة هذه الإمكانية هي التعامل بشفافية مطلقة مع كل نازلة و تمتيع القضاء باستقلالية فعلية قصد معالجة هذه العينة من القضايا. يجب دعم حرية التعبير في كل ما يتعلق بمشكل الصحراء قصد تحميل الأحزاب و المنظمات الحقوقية الداخلية و الخارجية مسؤوليتها في دعم الموقف المغربي لا عبر التأييد العشوائي و لكن عبر المواقف التحليلية و الاعتياد على استعمال مواقف سياسية متطورة من اجل الكشف عن مواقف الضعف لدى متبنيي الانفصال دون أي مساس بحقوقهم في تبني مواقفهم. إذا كان لدينا قضاء نزيه و سمعة ايجابية في ميدان حقوق الإنسان و ثقافة الحوار المفتوح، فقد ضمنا اكبر المكاسب سواء فيما يتعلق بكسب ملف الصحراء أو غيره من التحديات المطروحة اليوم بقوة.
عموما كيف تقرأون نهج التعاطي الرسمي مع نازلة أميناتو؟
حتى لو فرضنا أن الغرض من كل هذه العملية هو الضغط على الهيأة الأممية من اجل التخلي عن موقفها و موقف المبعوث الأممي من الاستفتاء، فهذا الارتباك الواضح قد كشف عن هشاشة و تضارب الآراء و اختلاف التوجهات لدى أصحاب القرار. و هنا نسجل منذ مدة تكرار مثل هده الهفوات مثلا تلك التي كادت تفقدنا السنغال أكبر حليف للمغرب في القارة الإفريقية. يبدو أن الارتجالية قد أصبحت سيدة الموقف بعد أن تميزت السياسة المغربية، تحديدا في كل مل يتعلق بمعالجة ملف الصحراء على المستوى الخارجي، بقدر لا يستهان به من الهدوء و البرودة في التحليل.
هل فعلا فشلت الدبلوماسية و السياسة الخارجية المغربيتين، في تعاملها مع ملف الصحراء؟
لقد جندت تطورات هذه القضية مختلف الوسائل الإعلامية الدولية المرئية منها و المقروءة و المسموعة لتشويه صورة المغرب كبلد يحد من الحريات و لا يعطي الفرصة للرأي الأخر بينما كان الانفصاليون يتمتعون بما لا يتمتع بهم غيرهم من الانفصاليين في البلدان التي يضرب بها المثل في ممارسة الحريات السياسية كفرنسا مثلا. يكاد يجمع الرأي العام الدولي اليوم على ضرورة مساندة أ. حيدر في مجابهتها للإدارة المغربية معززا موقفها بشكل يدعو إلى مراجعة القيم السياسية المتداولة لدى أصحاب القرار بالرباط.
هل ، و الحالة هاته ، يستوجب الوضع المساءلة المسؤولة؟
لنقل بكامل الوضوح و الشفافية انه لولا قضية الصحراء لما كنا اليوم بصدد الحديث عن جهوية موسعة و لا عن استقلالية ذاتية و لا عن حرية التعبير بالشكل الوارد، الشيء الذي أعطى للمغرب وجها خاصا أجدر بالاهتمام و المتابعة من منظور أصحاب القرار الدولي من قوى عظمى و من إليهم. فلا يمكن أن نتهم الأحزاب بعمل أي شيء في هذا الباب خاصة و أنها لا تؤمن من قريب و لا من بعيد بفكرة الحكم الذاتي. كما لا يمكن أن نعتبر بان الفضل يعود أساسا إلى قناعة أصحاب القرار لدينا الذين لا يستجيبون للمطالب إلا إذا انتزعت منهم انتزاعا. إذا كنا نعتبر ملف الصحراء حقيقة بمثابة أولوية الأولويات، فلنتعامل معه بما يلزم من المصداقية و الجدية التي تتمثل في الشفافية و المحاسبة و بالمزيد من المطالب في كل ما يتعلق بالحد من الاختلالات الداخلية المتراكمة منذ أزيد من 30 سنة و مراجعة سياسية الأولويات القاضية بتمييز رموز الإلحاق.
ما موقع نواب الأمة (البرلمان) و الأحزاب مما حدث ؟
كعادتهم هي كل ما يتعلق بهذا الملف، يختار مسؤولو الأحزاب و نوابهم في البرلمان الانسحاب و ترك المسؤولية على عاتق الدولة مكتفين بالتصفيق عند الضرورة. في لحظة كهذه كان لزاما المطالبة بفتح باب النقاش و المحاسبة علنا لنعطي الانطباع بان في المغرب من يؤمن بشيء اسمه الشجاعة السياسية.
أما بخصوص الأحزاب السياسية، فمع تزايد الوعي بقيم حقوق الإنسان و تحديدا في كل ما يتعلق بهذا الملف، لم يعد هناك من يستطيع التشكيك المبدئي في الدور الأساسي لمختلف مكونات المجتمع السياسي سواء تعلق الأمر بالأحزاب أم بغيرها من المنظمات الحقوقية أو الجمعيات الخ. العناصر التي تحدد لكل حزب أو منظمة حقوقية أو جمعية موقعها في المشهد السياسي تتجلى من خلال مدى قدرتها على تعبئة المواطنين، وإلى أي حد تستطيع التعبير عن حاجات المجتمع، والتجاوب مع رغبات شرائحه الواسعة، ومدى كفاءتها في ترجمة ذلك إلى برامج واقعية واضحة الأهداف، ومحددة الوسائل الكفيلة بتحقيقها. إلا أن التبعية كتقليد سياسي طبع مسار الأحزاب السياسية في كل ما يتعلق بمسالة الصحراء، لها جذورها العميقة التي مردها إلى محدودية مشروعيتها التاريخية من جهة و إلى عدم انسلاخها عن الفكر الجاكوبيني الذي كانت و ما تزال تؤمن منه كشكل دقيق و أساسي للحفاظ على مقومات الدولة الموحدة.
في نظركم هل يتطلب الوضع إستقالة بعض الوزراء أو الحكومة برمتها؟
ربما أفاد تحقيق هذا المطلب من حيث هو كسابقة قد تفتح باب الأمل في مرحلة جديدة من ديمقراطية الدولة. فلا شك انه سيكون لمثل هذا الحدث تأثير فعال على الرأي العام العالمي يخدم القضية المغربية بشكل حاسم من جهة، و يطبع مسار الدولة بطابع الشفافية التي نحن في أمس الحاجة إليها من جهة ثانية
ذ. مصطفى ناعمي خبير و باحث في الشؤون الصحراوية و عضو الكوركاس
التعليقات (0)