أتساءَلُ بيني وبين نفسي أحياناً : هل أستطيعُ تحقيقُ أحلامي كلها حتى ولو عمِلت جاهداً لذلك ؟ .. وهل أستطيع ذلك لو قمتُ بقراءة جميع كتب دكاترة التنمية البشرية وأصحاب النظريات العلمية والعملية في تحريك الطاقة الكامنة في الإنسان ، والتي يتمكن بواسطتها مِن بُلوغ أهدافه وإرضاخ الظروف لتحقيق طموحاته ؟ وطبقتها بحذافرها ؟ .. فأجدُ الجواب يتعدى طاقاتي البشرية المحدودة..
فالدنيا بمفهومها المادي محدودة الإمكانيات ، حتى ولوإقتنعنا بوجود معادن نفيسة ، وجواهر غالية ، وحضارات مُتنامية بصناعاتها التي تسيل لعاب الأمم المُتأخرة ، إلا أن ذلك كله وغيره لا يدعُ مجالا للشك بأن الإنسان لن يستطيع بلوغ أبراج أحلامه على ظهرها ... لذلك أرسل الخالق رسله لتبليغ البشر بوجودِ حياةٍ أخرى فيها (الخلود) ، وفيها يُمكن للإنسان تحقيق جميع أحلامه وأمانيه ... وليس ذلك فحسب ، بل بدون كدحٍ ، وبدون بذل جُهدٍ يُذكر.
لذلك ظلت الديانات والعقائد تُساير رحلة البشرية في تناميها و تقدمها ، فاليهودُ مهما بلغوا من غنىً جعلهم يُمسكون بزمام الدنيا ، ومهما وفروا لأنفسهم مِن سبل العيش الرغيد ، إلا أنه ظل رغدٌ منقوص بدون الأرض الموعودة ، وهي ضمنياً جنتهم التي يمكنهم العيش فيها بسلام ، وفيها يمكنهم تحقيق مالن يستطيعوا تحقيقه بدونها ... والأمر كذلك بالنسبة للمسيحية ، و البوذية ، وحتى المجوسية .
فالديانات جميعاً تتفق ضمنياً (مع اختلافها) على تبشيرٍ بحياةٍ أخرى لايوجد فيها بُؤسٌ ولا شقاء .. حياة على البشر أن يعملوا لها جاهدين ، بعبادةِ خالقها ومانحها ، وفق طقوس وفروضٍ كلٌ بحسب مُعتقده.
لهذا يجد المُتدين راحة في عبادة الإله الذي يعده بتحقيق أحلامه وأمانيه ، فيجد في عبادته سلوى ، تخفف عنه من وطأة الضغوط ، والسعي المُضني في الحياة الدنيا ، أوعلى كوكب الأرض بمعنًى أدق.
وأنا كمسلم مؤمنٌ بوعد الله في وجود جنة فيها أضعاف أضعاف ما على الأرض ، بل إنها أوسع منها ، وفيها مالا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت وما لا يخطر على قلب البشر ، فكيف لاأمني نفسي بها وأعمل جاهدا لدخولها ؟ ..ولي أحلامٌ لاتتحقق في دنياي ولو ملكت مال قارون ، ومصباح علاء الدين .. وتلك هي أحلامي المُؤجلة.
تاج الديــن : 2009
التعليقات (0)