مواضيع اليوم

الأحكامُ الجائرةُ عَدْلٌ!

الأحكامُ الجائرةُ عَدْلٌ!

لا يا أصحاب الضمائر والقيم والمباديء والإيمان، لا تقولوا لنا بأن حُكمَ القضاء في مصر مقدس ولا راد له، وأن القاضي قرأ آلاف الصفحات وتحدث واستمع وأنصت وناقش عشرات الشهود، واستفتىَ ضميره المهني، فجاءت أحكامه عادلة!

في مصرنا الحبيبة نخر السوس في عظام كل شبر من أرض الوطن، وكل مؤسسة حكومية وخاصة، ودخل دور العبادة، ودلف إلى المحاكم، واستقر في المؤسسات التعليمية، ولم يترك صغيرة أو كبيرة في أم الدنيا إلا ونال منها.
لن أقبل أن أتحول إلى هوائي وهلامي وغير عارف بأصول العدل وجرائم الحُكــَّـام وتفاصيل المشهد المصري الذي انفجر في 25 يناير 2011.

 

 


 

 

 

 

 

أرجوكم، لا تهيلوا التراب على الوطن بمدحكم القضاء، وأيّ عاقل ينصت إلى مستشار وقاض ومحام ووكيل نيابة لن تخونه أمانــةُ الفهم الصحيح بأن السلك القضائي سمك لبن تمر هندي، وفساد أين منه وسوسات الشيطان.
أرجوكم، لا تضيفوا قداسة على أحكام القضاء في مصر، وكل منكم يعرف أن الطاغية اللعين كان يحكم لثلاثين عاما وليس لثمانية عشر يوما، فكيف تتحدثون عن العدل؟
إن الفرحة بتبرئة مبارك هي شهادة زور أمام الله والناس والتاريخ!

إن صمتنا سببه وجود التيارات الدينية اللعينة في قلب المشهد المصري، وهي في جملتها وجماعاتها وفكرها تقف ضد الله والوطن، ولو لم تكن صفراويتها ورابعيتها وداعشيتها متربصة بمصر، ما كان لهذا الحُكم الجائر أن يمر مــَــرَّ الكرام.
نحن نلتزم الصمت ونعرف القاتل والمتآمر، لكننا لن نقف ولو مصادفة في جانب التيارات الدينية الخبيثة.
لسنا مع أحد فالمياه القذرة لوثت كل من في المشهد!

بمنطقكم هذا فإنكم تلومون الله، عز وجل، فإبليس في تحدّيه كان أشرف وأشجع وأطهر من حسني مبارك في ثلاثين عاما.
لا تبصقوا في وجهي بالحديث عن قتلىَ المظاهرات وهدايا الأهرام وقصور الرئاسة فتلك أخف وأقل جرائم الطاغية.
لا تفرحوا بأحكام القضاء لئلا نفرح فيكم عندما يمسّكم السوء وتنزل مطرقة القاضي فوق رؤوسكم.

لقد سبغتم على القضاء القداسة، وفتحتم الأبواب لدخول ورثة القضاة غير المؤهلين ليحكموا بينكم، فلا تحدّثوني عن الطهارة في مكان رائحته تزكم الأنوف.
قداسة القضاء في مصر ليست احتراما للقانون، إنما استمرارٌ لعبودية الرقيق.
ومع ذلك فلم يقترب قاض واحد من سوزان مبارك أو من منهوبات شعبنا.
حدثوني عن التزوير والتزييف وشراء أصول الدولة ومملكة أصحاب المليارات وتوريث جمال مبارك.
حدثوني عن ربع مليون مصري مروا على سجون المجرم مبارك، وعن رجال أشداء تم اغتصابهم في أقسام الشرطة، وعن ضباط حصلوا على أوسمة من مبارك لأنهم متهمون بالتعذيب.

إن تبرئة مبارك لأنه لم يرتكب جرما يستحق العقوبة عليه لا تختلف عن القول بأن الله، عز وجل، ظلم إبليسَ، واتهمه بما لم يقم به.
لا تتحدثوا عن الأحكام العادلة فأنا أشعر بقيء وقرف وغــثيان وحزن وأسف وأسىَ وألــَــمٍ ووجع وحسرة على وطن قمنا ببيعه في سوق النخاسة، و ضياع لوقتكم في صلوات لله لن تصل حتى إلى سطح البيت وليس إلــىَ السماوات العلا.

أيها المؤمنون بأن الأحكامَ الجائرة عدلٌ، توبوا إلىَ بارئكم، واقتلوا أنفسكم حتى تتطهروا من رجس البهجة بالإفــراج عن مغتصــِـب أولادكم.
اقرأوا كلماتي، واحشروها في ضمائركم، وأوصوا عليها عقولكم، ورشــّـوا عليها من مياه النيل، واذهبوا إلى مساجدكم وكنائسكم واعتكفوا قليلا، ثم استغفروا الله.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في الأول من ديسمبر 2014




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات