الأحد القبطي الدامي
(صور من إحتجاجات الأقباط في القاهرة بتاريخ 9 أكتوبر2011م)
إستغـلت بعض قيادات الأقباط الموتورين أحداث شغب ، ونزاعات عادية تجري بين حين وآخر بين مسلمين وأقباط في صعيد مصر ، كي تعكسها خرابا وسعيرا ودماءا على ساحة ماسبيرو في عاصمة المعز لدين الله الفاطمي .
كان أتباع الديانة المسيحية من أقباط مصر يستفيدون من تناقضات الحكم الملكي قبل عبد الناصر. ثم الشمولي البشع في عهد السادات ورديفه الديكتاتوري "المتسخ" في عهد الفرعون حسني ؛ عبر بيع الولاءات السياسية والمساومة على الكثير من المحاصصات والمنافع والمزايا ، والهبات والعطايا .
ولكن أتت ثورة 25 يناير لتشكل مهددا قويا للمكاسب الإستثنائية التي حصل عليها الأقباط في مصر من الأنظمة السابقة على النحو المشار إليه . فقد لا تكون هناك حاجة ماسة في عهد الديمقراطية المنتظر إلى محاصصات على هيئة تعيينات في مراكز حساسة بالدولة ؛ وإحتكارات لملكية وترؤس مجالس إدارات شركات خاصة وعامة ؛ أو تنازلات في عدة دوائر إنتخابية لمقاعد المجالس النيابية والبلدية والمحافظات وحتى لجان الأحياء السكنية.
وبالطبع فإن تكريس النظام الديمقراطي الجديد في مصر على هذا النسق سيسحب البساط من تحت أقدام البعض من قياداتهم السياسية . وسيؤدي إلى خنق الأقباط سياسيا إجمالاً؛ فلا يترك لهم من خيار سوى الذوبان في الأحزاب الديمقراطية المصرية القومية ، بوصفهم أقلية وسط الغالبية الكاسحة المسلمة ؛ وعلى نحو لا يمكنهم به الوصول إلى مقاعد المجالس البلدية والنيابية بنفس السهولة و "الخصوصية" ، ووسائل "الكسب السياسي الغير مشروع" جراء زخم المحاصصة التي كان عليها الحال في عهد الملكية والشمولية والديكتاتورية.
والأقباط من جانبهم يموجون بالعديد من التوجهات ما بين المعتدل والوسط والمتشدد ..... وها نحن نرى من خلال إحتجاجاتهم الكثير العجب من رفع للصليب كأننا نستعيد تاريخ الغزوات الصليبية وهتافات دينية من قبيل : "بالروح بالدم نفديك يا صليب"......
وحتما لو رفع طائفة من المتظاهرين المسلمين ما يشير إلى مثل هكذا توجهات دينية إسلامية لهاجت الدنيا وماجت . وسارع الفاتيكان والأصولية الصليبية بشق الجيوب ولطم الخدود ؛ والدعوة بمزاعم ريتشارد قلب الأسد.
الطريف أن القيادات المسيحية المهيجة للنزعات والعواطف الدينية عادة ما تلجأ إلى التظاهر والإعتصام في ساحة ماسبيرو أمام مينى الإذاعة والتلفزيون المصري . وكأنّ الأمر محاولة مسرحية للظهور أمام عدسات وكاميرات الإعلام العالمي في المقام الأول وقبل كل شيء . والهدف بالطبع تشويه وجه مصر والحط من قيمها الإجتماعية ، والسخرية من ثورتها الشعبية ، وإستدعاء عواطف العالم المسيحي للتدخل الغير مبرر ..
لماذا لا تذهب هذه المحموعات القبطية المتشددة لتطفيء نيران عواطفها وهياجها الديني في ميدان التحرير كما يفعل عامة المصريين ؟ أم أنه التعود على المساومة والمحاصصة ، ومحاولة الإبقاء عليها حتى في ظلال عهد ديمقراطي حر لا يعرف لمثل هذه الممارسات الرخيصة سبيلا؟
تبقى الديكتاتورية كريهة لدى الكافة . وتظل الديمقراطية حامضة المذاق لدى البعض الذي لا يرغب في حياة بشفافية تحت حكم وسيف القانون الديمقراطي الصارم ، الذي لا يفرق بدوره بين مسلم ومسيحي ؛ و غني وفقير ؛ ومواطن عادي وكاهن أو قسيس وإمام.
التعليقات (0)