مواضيع اليوم

الأحداث المسببة للافتراق في عهد الخليفة الراشدي الثالث (3)

Sami Kazour

2016-01-16 14:44:03

0

 في هذه المقالة سنتحدث عن المستوى الثاني من الاختلافات التي حصلت في هذه الفترة ، وهي الاختلافات التي حصلت بين الصحابة رضي الله عنهم وهم خواص الأمة

في الحقيقة لم تكن هذه الاختلافات كبيرة أو خطيرة ولم تكن سوى مجرد اختلافات في إطار التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأبرزها كان ما حصل بين عثمان وأبو ذر بخصوص عطايا مروان والحارث ابني الحكم

 فقد عاتب أبو ذر عثمان في هذا الخصوص فأمره عثمان بالذهاب إلى الشام ، ليس نفيا وإنما كي لا يرى أبو ذر ما لا يتناسب مع عيشه من الورع حيث كان عثمان يتألف الناس وأرحامه بالمال 

ولما قدم أبو ذر الشام وجد معاوية قد بالغ في بناء القصور واكتناز المال فاستمر في النصح فجعل يقول : "ويل للأغنياء من الفقراء" ، ولقد كان هذا مستنكر ومستهجن في عهد الشيخان وقبلهم خير الناس صلى الله عليه وسلم ، ولذلك لما عاد أبو ذر إلى المدينة استأذن عثمان في الخروج إلى الربذة تنفيذا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم له عندما أوصاه : "إذا بلغ البناء سلعا فاخرج منها" فأذن له عثمان

وحدث خلاف كذلك بين عثمان وعمار بن ياسر وسببه أن سيدنا عمار تشاتم مع عباس بن عتبة بن أبي لهب فطلبهما عثمان وأدبهما ووضربهما ، وغضب سيدنا عمار وجعل يؤلب الناس على عثمان ، ونهاه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فلم ينته ، ولكنه بعد ذلك تاب بين يدي عثمان بوجود كبار الصحابة عن ميله لرؤوس الفتنة

وحدث خلاف بين عثمان وعبد الله بن مسعود حول قضية جمع القرآن على مصحف زيد بن ثابت كما فعل الشيخان من قبله وحرق المصاحف الأخرى كي لا يلتبس الأمر ، فغضب سيدنا عبد الله بن مسعود ورفض أن يحرق مصحفه ولكن لما قدم المدينة اجتمع مع كبار الصحابة واستمع اليهم واقتنع منهم وانتهى الخلاف

ولعلك تجد هذا التناصح والهدف والغاية التي يطلبها الصحابة من هذا التناصح واضحا جليا في الحديث الذي دار بين علي وعثمان رضي الله عنهما ، وقد اقتبست منه جزء فهو طويل ، وفيه يقول علي لعثمان بعد أن أثنى عليه سبقه وسهمه في الإسلام : "...وإني أحذرك الله وأحذرك سطوته ونقمته....... وأحذرك أن تكون إمام هذه الأمة المقتول فإنه كان يقال : يقتل في هذه الأمة إمام فيفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة ، وتلتبس أمورها عليها ويتركون شيعا لا يبصرون الحق من الباطل...... " فالله الله ما أجمله من تناصح

وجعل يعاتبه في تفضيل أرحامه على من يفضلهم في سبق أو سهم في الإسلام ، وفي عدم محاسبة عماله كما عهد الناس ذلك في سيرة الشيخان ، وفي قطع معاوية بالأمر دون الخليفة ، فانتصح عثمان وخرج وخطب بالناس وأشهدهم على توبته كما ذكرنا في المقالة السابقة 

وبذلك تجد أن خلاف الخواص هو تناصح بناء فيه صالح الناس ، فهم خواص الأمة وأتقياؤها وأنقياؤها وأدرى الناس بفناء الدنيا وأخشاهم علينا منها ، ولعلك وجدت وضوح هذه الصورة في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه 

ولكن اليد الخفية والدخلاء والخبثاء لم يسمحوا بتدارك الأمر لتحصيل الغاية فسوقوا هذه الاختلافات وضخموها مالا يليق بالفضلاء من الكفار فكيف يليق بخير الناس وصفوتهم ، وأوقدوا نارا ما زالت مشتعلة حتى يومنا هذا 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !