السلام عليكم ورحمة وبركاته
تشترك الشعوب المتـــخلفة في الشعور بالفوقية على الآخرين، الذين يعيشون في أرضهم، حتى ولو كانوا أفضل منهم دنيا، أو دينا
والتخلف لا يعني بالضرورة الفقر أو حتى التأخر الصناعي والتقني، بل يعني التخلف الفكري بالدرجة الأولى.
إذ لا توجد أمة متخلفة إلا وفيها أناس عقلاء متفتحي الذهن، ولكن لقلتهم لا يظهر صوتهم مع الغوغاء. وكذا الأمة المتقدمة لا تخلو من متخلفين (في الفكر) حتى وإن كانوا أساتذة جامعات. وإنما العبرة بغلبة أي الفئتين. ففي الغرب المتقدم مثلا؛ أناس متخلفون، يتبنون مبادئ عنصرية ضد الغرباء، ويرونهم أقل شأنا منهم، ولذا فليسوا بجديرين بنيل الخدمات المقدمة للشعب الذي يقيمون بين ظهرانيه. ولكن لأن العقلاء أكثر، فإنهم يخيبون دائما، فيسود النظام والقانون الذي يساوي بين الناس على أسس إنسانية لا فضل لأحد على غيره إلا بالتقيد بنظام الأمة التي يعيش فيها. وهذا هو مبدأ الله العلي العادل (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). ففي نظام أمة الإسلام جـُعل التقى مقياسا للأفضلية. والتقى لا يعني كثرة العبادة، بل مخرجات تلك العبادة ونتائجها. فإن كان الشخص عابدا وفي الوقت نفسه هو كذاب، ومخلف للوعد، ومماطل في رد الحقوق، وغير مبال بالنظام... فهو ليس تقيا. فالتقيّ ينبغي أن يكون مثالا لكل خير، ولا نعني أن يتصرف أو يعامله الناس على أنه معصوم، ولكن ينبغي أن يكون له عقل راجح يرده إلى الخير كلما وقع في الخطأ أو اقترب منه. ومع أن الآية واضحة ولا تحتاج إلى مزيد كلام، إلا أن مقالة في موقع طريق الإسلام أعجبتني.
ومن هنا نجد أن تعاملنا مع من يعيشون بيننا، ممن لا يحمل جنسيتنا، تعامل لا يليق بأمة تحترم نفسها. فكثير منهم أتى من بلدان متقدمة حضاريا منذ آلاف السنين وإلى اليوم أيضا. كالهنود مثلا! والواقع أن كثيرا منا ينظر إليهم باحتقار ودونية، حتى إن البعض إذا لاحظ استغفالا من آخر، رد عليه بالقول (ليش تشوفني هندي؟!). بل إن الإسلام نفسه لا يشفع لمن يدين به منهم، وأفضل ما يمكن أن ينالوه به هو التعاطف معهم، والشعور بالشفقة عليهم!
والأعظم من هذا، استخدام لفظ (الأجانب) للأشقاء العرب، وهو وصف عنصري مقيت لا يليق بنا أبدا، ولكنا ألفناه حتى إننا لم نعد نرى فيه غضاضة، بل الأعجب أن البعض يجادلك حول صحة المصطلح حتى تقول ليتني سكتّ!!
فأهل اليمن ومصر وغيرهم ليسوا أجانب، بل هم عرب في أرض العرب، وأما هذه الحدود الوهمية، فينبغي ألا تنتقل من الجغرافيا لتصبح حدودا في أذهاننا. فلو أن الملك عبد العزيز رحمه الله وحّد شبه الجزيرة العربية جميعها تحت حكمه لكان أهل اليمن وعمان والخليج مواطنين، فما الذي يجعلهم حينها مواطنين والآن أجانب؟ أليست الحدود التي اتفق أنها وجدت هكذا لظروف معينة؟ وبالمقابل لو أن حكام اليمن بسطوا سلطتهم قبل الملك عبد العزيز على الجزيرة لما كنا أجانب في صنعاء، بل مواطنين!
إضافة إلى ذلك، فإننا لو نكن بحاجة إلى خدماتهم لما وجدوا عملا عندنا، ولما بقوا هنا أصلا. فالواجب هو شكرهم ومعاملتهم بكرامة بدل النظرة الدورنية لكل من ليس منا وكأنه مخلوق من غير طينتنا وعلى غير ملتنا ولا ينطق بلساننا. بل حتى من لم يكن من ملتنا ولا ينطق بلساننا فإنه ينبغي احترام إنسانيته بوصفه إنسانا. وليس بالضرورة أن من أمريكا أو أوروبا ليحترم!
ومن وجهة نظري، لا يوجد شيء اسمه شعب سعودي وشعب بحريني وشعب لبناني...إلخ بل شعب عربي مسلم في عمومه، يحوي بداخله بعض الأخوة المسلمين من غير العرب، وبعض العرب من غير المسلمين. وهذه هي حال أمم الأرض قاطبة.
قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم
التعليقات (0)