مواضيع اليوم

الأجلَيْن: المحتوم والمخروم

محمد جواد شبر

2015-11-14 19:23:12

0

 

الأجلَيْن: المحتوم والمخروم
بقلم: محمد جواد شبّر
يُقال أنّ الله تعالى حدّد لكل إنسان ساعة وفاته، ولن يستطيع الشخص تأخيرها أو تقديمها.
لكنني أستطيع أن أقدّم ساعة وفاتي، مثلاً أرمي بنفسي من الطابق الثالث إلى الأرض! أو أتناول السم أو ألمس كيبل الضغط العالي، أو أرمي بنفسي أمام فوهات الدبابات والمدافع والبنادق في المعارك، كل ذلك يكون بمحض إرادتي، وكذلك أستطيع أن أؤخر وفاتي، مثلاً: عندما أمرض أذهب إلى الطبيب وأجري عملية ما، أو أتوخ الحذر من السرعة أثناء قيادة المركبة، أو أقرأ بعض الأدعية أو أدفع الصدقة أو ما شابه ذلك، إذن كيف يكون القضاء والقدر في مسألة الموت؟!
إنّ أجل الإنسان ونهاية حياته تنقسم إلى نوعين: الأجل المحتوم والأجل المخروم: 
الأجل المحتوم: إنّ معنى المحتوم في اللغة العربية هو الشيء الذي لابدّ منه، وضروري ولا مفرّ منه، وهو اسم المفعول من حَتَمَ، فالأجل المحتوم هو ما قدّره الله تعالى للبشر ولا رادّ لقضائه سبحانه والآية القرآنية صريحة المعنى (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) (الأعراف/34)، إنّ هذا الأجل لا يدفعه شيء لأنّه أمرٌ طبيعي، مثلاً: زيد من الناس كتب له الله في اللوح أنّه سيعمّر 84 عاماً، هنا لا يستطيع الطب ولا الدعاء ولا الصدقة ولا أي شيء آخر أن ينجيه من أجله المحتوم، وهو ما نسميه بالموت الطبيعي، وغالباً ما يكون في الكبر والشيخوخة.
الأجل المخروم (المعلّق): معنى خرِمَ لغةً يعني نقَصَ والأجل المخروم يعني الأجل المنقوص في اللغة العربية، أي ما ينقص من الأجل المحتوم.
إنّ لكل إنسان أجل مخروم قبل أجله المحتوم فالأجل المخروم هو ما يحدث في الحوادث الطبيعية أو عدم الاهتمام بالصحة أو عدم توخي الحذر وكل شيء يكون بفعل يد الإنسان، وهو متغيّر وغير ثابت ويستطيع الإنسان دفعه بيده من خلال توخي الحذر والاحتياط والحفاظ على الصحة وبعض الأعمال التي أوصى الله تعالى بها عن طريق الأنبياء والمعصومين (ع) كالصدقة وصلة الرحم والابتعاد عن بعض الأعمال التي نصت الروايات على أنها تنقص في العمر كرذيلة الزنا مثلاً.
وهناك عدة أمثلة حول الأجل المخروم: كالانتحار أو تعاطي المخدرات والمشروبات الروحية وعقاقير الهلوسة، فإنّ هذا الموت لم يكتبه الله تعالى أجلاً محتوماً للإنسان بل كان قبل أجله المحتوم وبفعل يده، ولو عاد الإنسان إلى رشده وأحكم إيمانه بالله تعالى لدفع أجله المخروم بيده، والمثال الثاني هي الحوادث الطبيعية كالزلازل والأعاصير وسقوط الطائرات وحوادث السير وما شابه ذلك، فالإنسان يستطيع أن يدفع عن نفسه الأجل المخروم بالأدعية الواردة عن المعصومين (ع) وبعض الأعمال الحسنة كالصدقة وصلة الرحم وترك الذنوب التي تعجّل في الأجل، كالزنا والعياذ بالله.
رُوي عن رسولنا الكريم (ص) أنه قال: (من سرّه أن يبسط في رزقه وينسئ له في أجله فليصل رحمه) وقال (ص): (إنّ الصدقة وصِلة الرحم تعمران الديار وتزيدان في الأعمار) وقال: (ص): (يا معشر المسلمين إياكم والزنا فإن فيه ستّ خصال، ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، أمّا التي في الدنيا فإنّه يذهب بالبهاء، ويورث الفقر، وينقص العمر)، وعن الإمام الباقر (ع) قال: (البر وصدقة السر ينفيان الفقر ويزيدان في العمر، ويدفعان عن سبعين ميتة سوء).
لكن.. هل جميع أمثلة الأجل المخروم غير محمودة أم توجد أمثلة محمودة للأجل المخروم أو المعلّق والذي يختاره الإنسان بيده، نعم هناك أجل مخروم محمود وهو اختيار طريق الشهادة والاستعداد له، وهذا لا يتنافى مع أخذ الحيطة والحذر في المعارك وساحات الجهاد.
لذا فمن خلال معرفة هذين الأجلين (المحتوم والمخروم) نستطيع إدراك الأمور المتعلقة بالقضاء والقدر ومن دون فصلهما عن بعضهما لا نستطيع ذلك.



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !