الآذان والسحيمي والمجتمع
الدخول في نوايا الأخرين وتأليب الرأي العام واستدعاء السلطة وتشويه الفكرة جريمة يمارسها البعض بإسم الخير وفي سبيل الله والفكر والتنوير ،هذا هو حالنا منذ أن حطت مواقع التواصل الاجتماعي برحالها في مجتمعنا المُتصحر الجاف ، بالأمس القريب خرج الأستاذ محمد السحيمي في لقاءِ تلفزيوني تنقل فيه من فكرةِ إلى أخرى بأسلوبِ ساخر كعادته متحدثاً عن كثرة المساجد وأصوات الآذان المتداخل بعضها مع بعض ، فكرة السحيمي واضحة كوضوح الشمس لكن هناك من لم يرى وضوحها فأخذ يصطاد في الماء العكر وهذا ديدن بعض من يتقرب إلى الله بإيذاء الأخرين ، مجتمعنا اختزل فعل الخير في بناء المساجد وتجهيزها وهذا وبلا شك فعل خير لكنه ليس كل الخير فهناك طرق ومشاريع خيرها يعم وذات مردود اجتماعي كبير إذا ما رأت النور ، الطريق إلى الله ليس محصوراً في مسجد أو مُخيم إفطار صائم وهذا ما يجب أن يعيه المجتمع وقبل المجتمع يجب ترشيد اعمال الخير وتوزيعها بشكلِ يجعلها ذات فائدة اجتماعية تُحقق المقصود الدنيوي منها ، كثرة المساجد لا تدل على تدين المجتمع بالمفهوم العام للتدين فالتدين سلوك وتعاملات قبل أن يكون عبادات الكثرة تدل على سوء توزيع وعدم ترشيد وهنا مكمن الخلل ، في الحي الواحد والقرية الواحدة هناك عدة مساجد موزعة ما بين جامع ومسجد صغير "زاوية" لا يفصل بينها إلا أمتار قليلة تلك المساجد تتداخل أصواتها بأوقات الصلوات فتسبب مكبراتها الصوتية إزعاج وإرتباك للمُصلين ولجيرانها الذين لا يريدون إطفاء نور الله بل يريدون تنظيم واقع تلك المُكبرات واقتصارها على الآذان والإقامة تقديساً لكلام الله واحتراماً لحق الجيره المؤمنين بالله ورسوله الواقع عليهم الضرر من تلك المكبرات التي ليست من السُنة وليست أصلاً لا يقوم الدين إلا به .
محاضرات وندوات وجميعها تُبث عبر مكبرات الصوت الخارجية وهذا شيء لا يستوعبه عقل فمن حضر تلك الندوات والمحاضرات آراد الاستماع والبحث عن فائدة ومن لم يحضر فهذا حقه الذي لم يرق للبعض فأخذوا يبثون تلك الدروس عبر المكبرات الخارجية التي ترتفع حدتها تبعاً لمستوى فهم وعقل من يقوم عليها ، هناك فتاوى تدعو وتحث الناس على قصر استخدام المكبرات الصوتية الخارجية على الآذان والإقامة فقط وهناك تعاميم واضحة تنص على خفض مستوى تلك المكبرات في صلاتي التراويح والقيام بشهر رمضان ومع ذلك لا يستجيب أحد لأسبابِ فكرية واضحةُ معالمها .
السحيمي ليس بحاجة دفاع أحد لكن فكرته التي خالطها شيءُ من الشك والريبه هيّ التي تحتاج لدفاع خصوصاً وأن للمسجد قيمة ورمزية ولكلام الله قدسية لا نظير لها فلنضع الأمور في نصابها الصحيح ولتُهذب المكبرات الصوتية الخارجية وليُعاد تنظيم المساجد بما يحقق المصلحة الدينية والدنيوية ..
ومضة : "القرآن لا يؤذى ولا يؤذى به " الغزالي .
التعليقات (0)