مواضيع اليوم

اقليم الصخور و الحديد

نزار جاف

2010-11-21 08:21:19

0

 يکثر الحديث عن التطور الکبير الذي يشهده أقليم کوردستان العراق من مختلف النواحي بحيث يذهب البعض الى حد الزعم بأن الانجازات النوعية التي تحققت خلال الاعوام القليلة الماضية، قد وضعت الاقليم الکوردي على بداية طريق تمکنه من أن يصبح في مصاف مدن آسيوية متقدمة کدبي و هونك کونك مثلا، وقطعا فإن هذا الحديث يستند على معطيات و دلالات عديدة أهمها  أن هناك مئات الشرکات و الکارتلات الاقتصادية و التجارية العاملة في الاقليم وعلى رأسها الشرکات الترکية و العربية و الآسيوية العاملة في مختلف القطاعات وانها"وبحسب ماتتناقله الاوساط الرسمية في أربيل و السليمانية"، قد تمکنت من إحداث تغييرات کبيرة و استثنائية في المظهر العام للأقليم. التقدم و التطور الساردي الذکر، لسنا في صدد الادعاء بخلاف ذلك من حيث المبدأ، لکننا نعتقد بأن التطور و التقدم المذکورين ليسا مطلقا بذلك المستوى و الوتيرة التي تطرحها الاوساط الرسمية الکوردية وانما هناك الکثير من المبالغة و التهويل بشأنها خصوصا من ناحية البنى التحتية التي تشکل أساس و عماد التطور و التقدم الحقيقيين واللذين مازالت هنالك مسافات ملفتة للنظر بين الاقليم و ذلك الاساس.

التطور و التقدم المذکورين، يرتکزان اساسا على أرضية عمرانية بحتة تتجلى في تلك الکتل الکونکريتية الصماء المبثوثة هنا و هناك، عمارات و مجمعات سکنية، وليست هنالك مصانع او منشئات اقتصادية او مؤسسات أنتاجية بإمکانها ان تمنح الاقليم أرضية مناسبة لإکتفاء ذاتي حقيقي لکي يقف على قدميه بدون الاعتماد على أية رکائز او مصادر أخرى.

الحديث عن  العمارات و المنشئات السکنية"التي شيدت معظمها من قبل شرکات ترکية"، يقود الى إماطة اللثام عن مسألة مهمة أخرى، ترتبط بإفتقاد غالبية تلك العمارات لضمانات الطوارئ، وقد سبق وان أکدت لي شخصية مرموقة"تعمل في مجال الطوارئ و تمتلك صفة رسمية بهذا الخصوص"، قامت بعدة زيارات لإقليم کوردستان و شاهدت عن کثب تلك العمارات السکنية، بأنها عبارة عن علب للموت و تفتقد لأبسط مقومات و ضمانات الطوارئ خصوصا في حالة حدوث کوارث او حوادث غير مترقبة مثل الزلازل او الحرائق و ماإليها، والانکى من کل ذلك، أن هذه الشخصية أکدت لي أيضا بأنها وخلال زيارات متعددة لها للإقليم"من أجل المساعدة في إرساء أسس أرضية مناسبة لإستحداث طب الطوارئ"، لم تلقى سوى الذهاب من هذا المسؤول الى ذلك المسؤول و لف و دوران و وعود و کلام لايقود في نهاية المطاف الى أية نتيجة ملموسة من أجل تحقيق ذلك الهدف، لعل التذکير بذلك الحريق الذي حدث قبل فترة في أحد تلك الفنادق المشيدة حديثا"فندق سوما"، يؤکد تلك الحقيقة التي نرکز عليها في هذا المقال ولاسيما عندما قضى عدد کبير من نزلاء الفندق نحبهم لأنه لم تکن هناك وسائل طوارئ مناسبة کسلم الامان مثلا. وطبعا کان هنالك أيضا کلام من عيار ثقيل بشأن مسائل أخرى تصب جميعها في سياق عدم وجود أرضية مناسبة لتحقيق إکتفاء ذاتي حقيقي للأقليم. کما أن هناك أيضا ثمة نقطة مهمة و حساسة أخرى ترتبط بعدم ترافق ذلك"التطور العمراني" مع غطاء أخضر حيوي، إذ أن مدينتي أربيل و السليمانية تفتقدان و بشکل ملفت للنظر للغطاء الاخضر خصوصا في تلك المناطق التي غطيت بمجاميح سکنية هائلة باتت مع مرور الايام تمنح للاقليم مظهرا عاما يشکل الحديد و الصخور طابعه الاساسي.  

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات