بحلول سبعينيات القرن العشرين، وبعد عدة عقود من المحاولات غير الناجحة في الكثير من الدول للحاق بالاقتصاديات المتقدمة من خلال تدخلات حكومية مكثفة،
تبنت فيها معظم الدول أستراتجيات ونفذت سياسات مثل : إعانات الطاقة، لكي تدعم مشروعات ٌغير ذات جدوى اقتصادية ٌ لسببين أولهما أرضاء دوائر انتخابية قوية سياسيا (بمنطق الأستقرارالسياسي) وثانيهما لمساعدة الفقراء ومحدودى الدخل (بمنطق العدالة).كماأستخدمت تشكيلة كبيرة من الأدوات التي تبقي الأسعاردون مستويات السوق للمستهلكين، فأصبحتفوق مستويات السوق بالنسبة للمنتجين، وبهدف تخفيض التكلفة على المستهلكين والمنتجين أتبعت سياسة التحويلات النقدية المباشرة للمنتجين والمستهلكين وآليات دعم غيرمباشرمثل الإعفاءات والتخفيضات الضريبية، والتحكم في الأسعار، والقيود على التجارة، وغيرها.
هذه الإعانات الحكومية الكبيرة والمكلفة وغير القابلة اللاستمرار نشأت عن إستراتيجيات تنحرف بدرجة كبيرة عن البنية الصناعية المثالية. مما أدى بمعظم الاقتصاديين للاعتراف بالتكلفة الوخيمة للإخفاقات الحكومية. ولكن بدلا من المراجعة المدققة للأسباب المحددة للفشل، استنتجوا بتسرع أن كل تدخل حكومي تقريبا في الاقتصاد كان مضرا. وتوجه بندول الفكر الاقتصادي إلى النهاية المتطرفة الأخرى. وكانت النتيجة المؤسفة معارضة عامة لإشراك أجهذة الدولة في السياسات الاقتصادية المسبقة تجاه التغير الهيكلي إنطلاقا من إنه إذا كنا سنعتمد على أقتصاد السوق، فلماذا لاتكون دولة حد أدنى تحفظ القانون والنظام كافية للتنمية الاقتصادية؟. والإجابة تكمن في حقيقة أن التنمية الاقتصادية الحديثة هي عملية من التغير الهيكلي المستمر، وتصبح التكنولوجيا التي تستخدمها مشروعاتها أكثر رقيا وتتزايد المتطلبات من رأس المال، ويرتفع مستوى الإنتاج وتكبر أحجام الأسواق. وتحتاج معاملاتها إلى التنظيم. ولذلك فإن عملية ترقي صناعي وتكنولوجي تتطلب تحسينات متزامنة في كل من البنية التحتية "الناعمة" مثل المؤسسات التعليمية والمالية والقانونية والثقافية والسياسية، والبنية التحتية الصلبة مثل إمدادات الطاقة وانشاء المجمعت والمناطق العمرانية الأقتصادية والصناعية وشبكات الاتصالات ومرافق الطرق والنقل،ولأن التنمية تتطلب عملية من الابتكار. والمشروعات الرائدة في عملية تنويع وتطوير تولد معرفة عامة للمشروعات الأخرى في الاقتصاد: فاستهلاك المعرفة الجديدة من قبل مشروع ما لا تقلل من إتاحة تلك المعرفة للآخرين (غير تنافسية)، ولا يمكن استبعاد أحد من استخدامها (غير استبعادية). وفي معظم الحالات لا يمكن أن تكون البنية الأساسية جزءا من قرارات الاستثمار الخاصة بمشروع منفرد. ولكنها تسفر عن عوامل خارجية مهمة بالنسبة لتكاليف معاملات المشروعات الأخرى. وهكذا، فبالإضافة إلى آلية سوق فعالة، يجب على الحكومة أن تسهل التنويع والتطوير الصناعي وتحسين البنية الأساسية.
ولما كان التخصص والتنوع والتكامل عوامل حاسمة في تخفيض تكلفة المعاملات في صناعة ما وفي جعلها تنافسية في السوق العالمي، فيجب على الحكومة أيضا أن تقدم حوافز لحث القطاع الخاص على الدخول في القطاعات التي تكون متسقة مع الميزة النسبية للبلد، وأن يكون لها سوق عالمي كبير، وأن تنطوي على احتمالات كبيرة لمزيد من التطوير والتنويع الصناعي. مثل هذه الحوافز سوف تساعد المشروعات الخاصة على تكوين تجمعات بسرعة وعلى أن تتجنب الوقت والفاقد الذي تنطوي عليه مجرد عملية تنمية عفوية. وبوضح فإن المشروعات لا تستطيع منفردة أن تستوعب تلك التغييرات بفعالية من حيث التكلفة والكفاءة. إن التغيرات في البنية الأساسية تتطلب فعلا حكوميا.
التعليقات (0)