مواضيع اليوم

افيال النظام..وحقائق الارض الجريحة..

جمال الهنداوي

2011-04-26 21:14:09

0

قد لا تكون بحاجة الا الى ان تبدأ حديثك ببعض التهوين والسخرية والتهوين من الاخبار الصادمة التي تتكاثف في سماء الفضاء الاعلامي الواسع صابغة الافق بلون الدم القاني المراق بلا رقيب ولا حساب..ثم ليس عليك الا ان تنفي كل ما قيل وكل ما حدث وكل ما سوف يقال او يحدث..ومن ثم عليك ان تردد البيانات الحكومية بحذافيرها ملتزما بمسمياتها ومصطلحاتها ووجهات نظرها وتوصيفها للاحداث..وبعدها سيكون لزاما –كتحلية-ان تبدأ بموجة من ادعاء الانفعال الغاضب المتذمر تجاه الاسئلة المحتارة المشككة بكل ما تفضلت به من مخاريق..عندها ستكون اعلاميا رسميا سوريا وبامتياز واقتدار لافت..

فيل ولو طار..كانت هذه الكلمات التي اراد بها مثلا الاعلامي السوري المتحدث من دمشق ساخرا ومفندا ومكذبا الانباء التي تتحدث عن قمع المتظاهرين المنادين بالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية في المدن السورية الذبيحة..مثلا كان كافيا لرسم ابتسامة تهكم ورضا على اسارير وجهه ولكنه لم يكن كافيا لحجب رفيف خفقات اجنحة الافيال التي تتطاير من بين كلماته الاقرب الى النفاق الرخيص منها الى الصدق والالتزام والمهنية المسؤولة..

استجابة لنداءات اهالي درعا المحاصرين كان هذا الاقتحام المروع المدرع المسلح لطرقات المدينة الآمنة الغافية تحت ظل سكون ساعات الصباح الاولى..

ودرءاً للفتنة والتخريب والانحراف كان هذا التدخل العسكري الثقيل من قبل الجيش السوري الصدئ من تطاول قيلولته على حدود اراضيه المحتلة لعقود تتماهى مع سنوات حكم آل الاسد العجاف..

ومنعا لاعلان امارة اسلامية سلفية في المدينة الجنوبية الهادئة كانت سرف الدبابات والآليات المدرعة تدوس على أمن وكرامة واجساد الشعب السوري البطل المنادي بالحرية في شوارع المدينة المستباحة بالقوى التي كان يفترض بها ان تكون برداً وسلاماً وراحة بال وسكينة لاهالي البلدة المنكوبة..

وجرأةً منقطعة النظير وقلة حياء وافتقاد للخجل كانت محاولة الاعلام السوري المنهك بالكذب البواح والتضليل ان يجعلنا نصدق بكل هذا الكم من الاباطيل والدجل والخداع..

مبررات تصفع الذاكرة بقصة النداء الذي لامس نخوة الرئيس العراقي المخلوع وحرسه الجمهوري ليعتلي به ارض الكويت وشعبها..مبررات وخطاب اعلامي اخرق قد يكون مستساغا في زمن الاعلام احادي الصورة والاتجاه والمتمتع باحتكار آذان وعيون وعقل المتلقي المحاصر بالبث المركزي الممنهج..اما في عصر المعلومات والفضاء المفتوح فهو ممارسة اقرب الى التهريج والمسخرة منها الى المهنية المطلوبة للتأثير على الرأي العام المحلي والعالمي في هكذا منعطفات تاريخية مفصلية قد تمتد آثارها لسنوات طويلة قادمة..

ان مخاطبة الشعب السوري ببيان مختصر مقتضب بعد ساعات طويلة من بدء تدخل الجيش في قمع المتظاهرين بددها الاعلام المرتبك في عرض البرامج التي تتحدث عن معاناة الدببة حديثة الولادة في اقفاص الاسر..وبعد تشبع الفضاء الاعلامي بصور وانباء القتل والتنكيل والقمع الدموي الذي خلف العديد من الشهداء والجرحى والاشلاء الممزقة واستثار غضب واستنكار المجتمع الدولي..كل هذا يدل على مدى استخفاف الاعلام الرسمي السوري بالرأي العام وافتقاده الرغبة –مجرد الرغبة- بمحاولة اقناعه بوجهة نظر الحكم للاحداث..

كما ان استخدام تقنيات التضليل الكلاسيكية المعتقة من خلال اظهار بعض الاصوات التي تستصرخ وتحث وتتوسل سماحة وقلب الرئيس الطيب المتردد المتعفف المترفع ان يضرب بيد من حديد على العناصر المناوئة لسيادته يدل على خفة وزن المواطن السوري الشهم الشريف الشجاع في ميزان الحكم القمعي الراعش المستبد ..كما انه يدل على السقوط والفقدان التام للمصداقية من قبل الدوائر الاعلامية الرسمية وعلى انتقال مأساوي للرعب والخوف من جانب الشعب الى جانب النظام ..

ان الموقف اليوم الذي يجب ان يعيه النظام هو ان صوت الجماهير السورية الغاضبة قد انطلق عاليا مناديا بان ( الشعب يريد إسقاط النظام ) وانه لا تراجع عن هذا الخيار الوطني الجامع الشامل الموحد لجميع ابناء الشعب .. وان التغيير في سوريا قد اكتسب الحتمية التي تتغذى من انحراف وهمجية الممارسات القمعية لقوى النظام الامنية منفلتة العقال..وان الجيش السوري الذي اذلته واهانت كرامته تجاوزات النظام وتفلتاته من خلال زجه في مواجهة الشعب الاعزل مطالب اليوم باخذ زمام المبادرة والوقوف الى جانب الشعب وقواه الحية..وان يقوم بدوره التاريخي بحماية المواطنين والاصطفاف الى جانب حق الشعب بالتعبير ضد باطل التسلط والاستبداد.. اوان يتعرض للعنة الشعب وغضب التاريخ الذي لن يغفر له خذلانه للشعب والوطن في محنته.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !