المحرك الداخلي هو الاساس
نعم هناك الكثير من العوامل كلها تظافرت ، وانعكست بشكل مباشر او غير مباشر، محسوس او غير محسوس ، نحن لا نبحث فقط في تحليلاتنا العلمية عن تلك العوامل والمؤثرات المباشرة الظاهرة ، ففي المجتمع وفي التاريخ، هناك الكثير من الظواهر ، العوامل غير المباشرة ، غير المرأية تفعل فعلها في انضاج واختمار الحركات الثورية، في التمهيد وخلق الاجواء لها . هذا ماجرى في تونس ومصر. ان العامل الاساسي ، المحرك الرئيسي هو العوامل الداخلية . وحين نتحدث عن العوامل الخارجية وتأثيراتها انما نريد ان نؤكد ، بأن لها فعلا وتأثيرا ، لكنها ليست العامل الاساسي. هي تتفاعل مع ما هو داخلي الذي نعتبره المحرك الاساسي لها .
فماذا عاشت جماهير الشعب التونسي؟ ماذا كشفت الاحصاءات والحقائق ، عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي ؟البطالة ، التضخم ، الفقر، الخدمات ، التعليم ، الصحة .هذه محركات رئيسية والمواطنون يرون ناهبي ثروات الشعب يعيشون في بحبوحة . وهم يرون الفساد باجلى صوره في تسلط عائلة بن علي والبطانة المحيطة به على ثروات الشعب التونسي وممتلكاته ، هم يعيشون الجوع والذل والحرمان والمرض. بالتأكيد هذا هو العامل الاساسي الذي حرك الجماهير. فمن يتصور انه بمجرد الحديث عن شعارات سياسية ، فوقية أو مطلبية ، يحرك اوسع الجماهير أو يدخل اعماق الجماهير فهو واهم. هذه التحركات بدأت في حركات مطلبية ، بدات في الدفاع عن حقوق ومعيشة الكادحين . هذه الحركات بدأت من اجل مستوى معيشة لائق، من اجل فرص عمل كريمة ، من اجل تعليم ، خدمات، من اجل صحة وحياة نظيفة ، التطلع الى البديل شجع الناس من اجل الانخراط في حركات ونشاط ثوري شجع الناس على مواجهة سلطات الاستبداد والقمع والدكتاتورية . هذا هو الطريق الذي يفضي بشكل سليم الى السياسة ، الى الشعارات السياسية، الى المطالب السياسية ، العكس خطأ ، نعم قد تكون هناك ازمات ذات طابع سياسي، نعم يجب على الثوريين ان يوظفوها ويستغلوها لتوعية الجماهير، لتحريك الجماهير.
ان النقابات والعمال في مختلف المحافظات ومواقع العمل المختلفة قد انخرطوا في العملية الجارية، وهذا يعطي زخما كبيرا ، ثوريا لمعاني الاحداث . نعم هناك حكم استبدادي، وهناك سجون ، وممارسات قمعية وهناك تعد ي وهناك تضليل اعلامي وهناك نشاط مخابراتي، وهناك شراء ذمم، وخونة ، يساعدون الجلادين على ابناء جلدتهم لكن الشعب استطاع ان يقف على اقدامه، منطلقا من رغبة عارمة في حياة جديد مستقرة، حياة تؤمن لطالب العمل عمله ، تؤمن للعوائل حياة مطمئنة. اذا العامل الاول اقتصادي الاجتماعي مطلبي والعامل الثاني هوالذي يتداخل ويخدم وينسجم ويتفاعل مع العامل الاول هو وجود نظام الاستبداد والموقف من المستبدين وضرورة تغيير الحياة والنهج السياسي السائد في البلد. ان العوامل الاساسية والمهمة الداخلية ساعدتها وهيأة لها العوامل الخارجية ظروفا دولية واجواء اقليمية مناسبة للأنفجار ولتحقيق المكاسب. لاحظوا ان العالم كله ، عدا القذافي و حكام السعودية ، لا يمتلك الجراة في الدفاع عن حكام هذه البلدان ، بل ان موجة تضامن عارمة شملت العالم من اقصاه الى ادناه للاسناد . وبالتالي حالت دون التدخل الخارجي لمن كانوا يناصرون بن علي ومبارك، هذه ظاهره مهمة تلفت الانتباه .
ونحن نتحدث عن العوامل التي اثرت وتؤثر لايمكن ان نتجاهل تاثير النجاحات . الان نحن في عملية جدلية بدأت ظاهرة جديدة ، استطاع الشعب التونسي ان يسقط حاكمه وصحيح لا زال امام التونسيين مشوار طويل لاسقاط النظام ومؤسسات النظام ومعالم النظام، ولكن انتفاضة الشعب التونسي بما رافقها وما انتجت هي الان تشكل عاملا اضافيا للشعب المصري ، عامل محفز للشعب المصري وستقدم انجازات الشعب المصري ونجاحات المنتفضين والثوار المصريين حافز للشعوب الاخرى.
التعليقات (0)