افغانستان ولعبة التحالفات المتناقضة

لايستطيع احد ان يتنبأ بمستقبل المفاوضات والتشاورات واللقاءات بين الحزب الاسلامي بقيادة قلب الدين حكمتيار وبين حكومة قرضاي المدعوم امريكيا ودوليا ، وعدم القدرة على التنبؤ ليست بسبب عدم وضوح الرؤية الافغانية بقدر ماهي تقلبات المزاج الميداني والتحالف السياسي والعسكري مع غموض المصالح .. واقول غموض المصالح بسبب عدم فهم المقاتل الافغاني الان لاستراتيجيته العسكرية ولاهدافه كلها فهو يقاتل عدوا اليوم ويتوقع ان يصافحه غدا ثم يقاتله من جديد بعد ايام قليلة ؟ وهكذا حتى تشوشت لديه الرؤية الميدانية وسلم امره لقادته الكبار يحركونه كيفما شاءوا واينما ارادوا ، وفي افغانستان تحديدا حتى الكبار لايستطيعون قراءة الاحداث المقبلة فالكل هناك يدور في فلك ماتمليه عليه القيادة العسكرية الامريكية ، ونعرف انه قبل الهجوم الاخير على معاقل طالبان كان الحديث يدور عن مفاوضات مع الحركة وامكانية التوصل الى حل تفاوضي يجنب العباد والبلاد المزيد من سفك الدماء ، وفي الوقت ذاته كانت هناك همسات بل صيحات تنذر بالويل والثبور لعدو امريكا اللدود قلب الدين حكمتيار ، ثم وبلا مقدمات انقلبت الامور رأسا على عقب ، حيث قامت القوات الدولية بقيادة امريكا بالهجوم على معاقل طالبان وكذلك فعل الحزب الاسلامي ، وما ان هدأ القتال حتى سارع وفد رفيع من الحزب الاسلامي لمقابلة قرضاي مما يعني دخول حكمتيار قريبا الى العاصمة الافغانية كرجل دولة تحت سمع وبصر بل وحماية القوات الامريكية على الرغم من انه حتى كتابة هذه السطور مسجلا على قوائم اخطر المطلوبين لامريكا ، ولا يستطيع احد ان يتكهن ماذا يريد كل طرف من الاخر والرؤية الوحيدة الواضحة ان امريكا ستبقى في افغانستان مهما كان اسم الشخص القابع في كابل وان مصالحها فوق الجميع ولايهمها في ذلك اتفق الافغان ام تقاتلوا ، والافغان انفسهم يدفعون ثمن اخطاءهم التي ارتكبوها مرات عديدة ، ففي السابق انفرط عقد دولتهم ومستقبلهم السياسي والميداني عندما خرجت روسيا من افغانستان ليتابعوا قتالهم فيما بينهم بدل ان يؤسسوا لدولتهم الحديثة وبدأت الاحداث من وقتها تتوالى وتتتابع ، ثم اختفت اسماء وبرزت اخرى وتزال المشكلة نفسها قائمة ولا تزال تحالفاتهم وتقلباتهم تثير الدهشة والغرابة ولازلنا ننتظر المزيد من المفاجأت والتناقضات على الساحة الافغانية .
د . رشيد بن محمد الطوخي
باحث متخصص في الشؤون السياسية