اغتيال العلماء العرب.. جريمة العصر
خليل الفزيع
ليس هناك ما هو أسوأ على الأمة من اغتيال أبنائها ظلما وعدوانا، فهم عدتها وعتادها لمواجهة أعدائها، وهم سلاحها في معارك البناء وأدواتها لإرساء قواعد التنمية، فكيف إذا كان المستهدفون بالاغتيال هم علماؤها.. بناة نهضتها العلمية، وضمانة وجودها على خارطة العصر، وسبيل إسهامها في صنع الحضارة البشرية، ووسيلة مشاركتها في بناء مستقبل العالم.
والعلماء هم الوجه المشرق للأمة، طمس هذا الوجه المشرق يحظى بالأولوية لدى من يناصبها العداء، ويسعى لأن تكون في مؤخرة الركب بين أمم وشعوب العالم، وهذا ما تعاني منه الأمة العربية والإسلامية التي تعرض ويتعرض علماؤها للاغتيالات المستمرة على أيدي مجرمين ينتسبون لمنظمات ودول إرهابية، أخذت على عاتقها مهمة محاربة الأمن والسلام والخير والجمال في هذا العالم، وفي هجير الحرب، تنشط الخلايا النائمة للإرهاب، ويشتد خطرها على الناس، وهو أشد وطأة على العلماء، عندما يصبحون هدفا للخطف والاغتيال، وما أفرزته الحرب على العراق يقدم نموذجا بشعا لما يمكن أن يحققه مخطط الاغتيالات التي يتعرض لها العلماء العرب، وفي إحصائية نشرتها جريدة المركز الدولي لرصد الانتهاكات في العراق أكدت إن نحو 500 عالم عراقي قد تم اغتيالهم على أيدي مجهولين وفق قائمة معدة سلفا تضم أكثر من 1000 عالم عراقي، وتبدأ الجريمة بالاختطاف ثم طاب الفدية (مليون دولار) ومغادرة العراق، أو الاغتيال. ومن العلماء العراقيين الذين تم اغتيالهم الدكتور نزار العبيدي وهو من أهم علماء العراق في مجال الطاقة النووية.. والدكتور علي عبد الحسين كامل أستاذ مادة الفيزياء والدكتور خالد محمد الجنابي أستاذ التاريخ الإسلامي والدكتور باسل عباس حسن، الاختصاصي الشهير بأمراض القلب، والأطباء هم أكثر العلماء استهدافا، والوثائق تشير إلى أن الذين تم اغتيالهم من علماء العراق هم من الشيعة والسنة والأكراد والمسيحيين، وجميع حالات الاختطاف والقتل تسجل ضد مجهول!!.
أما قائمة الاغتيالات للعلماء العرب في الغرب فتشمل المئات ومنهم العالم المصري الدكتور يحيى أمين المشد وهو من القلائل البارزين في مجال المشروعات النووية، والدكتورة سميرة موسى وهي عالمة مصرية في أبحاث الذرة، وعالم الذرة المصري سمير نجيب وهو من طليعة جيل الشباب من علماء الذرة العرب، وقد تم ترشيحه إلى الولايات المتحدة الأمريكية في بعثة، وعمل تحت إشراف أساتذة الطبيعة النووية والفيزياء وسنه لم تتجاوز الثالثة والثلاثين، وعالم الذرة الفلسطيني الدكتور نبيل احمد فليفل الذي استطاع دراسة الطبيعة النووية, وأصبح عالماً في الذرة وهو في الثلاثين من عمره، والدكتور العلامة المصري مصطفى مشرفة الذي تتلمذ على ألبرت اينشتين وكان أهم مساعديه في الوصول للنظرية النسبية وأطلق عليه اينشتاين العرب، والدكتور جمال حمدان أهم جغرافي مصري، وصاحب كتاب "شخصية مصر"، وقد أصدر عدة كتب إبان عمله الجامعي، وتنبأ بسقوط الكتلة الشرقية، وألف كتاب: "اليهود أنثروبولوجيا" يثبت فيه أن اليهود الحاليين ليسوا أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين، واعتقد الجميع أن د. حمدان مات محترقا, ولكن د. يوسف الجندي مفتش الصحة بالجيزة أثبت في تقريره أن الفقيد لم يمت مختنقاً بالغاز, كما أن الحروق ليست سبباً في وفاته, لأنها لم تصل لدرجة أحداث الوفاة، و اكتشف المقربون من د. حمدان اختفاء مسودات بعض الكتب التي كان بصدد إصدارها, وعلى رأسها كتابة "اليهودية والصهيونية". والعالم اللبناني رمال حسن رمال أحد أهم علماء العصر في مجال فيزياء المواد كما وصفته مجلة لوبوان الفرنسية، والدكتورة السعودية سامية عبد الرحيم ميمني التي كان لها أكبر الأثر في قلب موازين عمليات جراحات المخ والأعصاب، كما أنها جعلت من الجراحات المتخصصة الصعبة جراحات بسيطة سهلة بالتخدير الموضعي، والقائمة تطول ولا سبيل لحصرها، لأن موسوعة العلماء العرب الذين تم اغتيالهم في العصر الحديث كبيرة وتحتاج إلى العديد من المشاركات دون أن تكتمل.
التعليقات (0)