مواضيع اليوم

اعتقال التاريخ الفلسطيني

عبدالله عبدالرحمن

2009-02-09 15:49:04

0

اعتقال التاريخ الفلسطيني

 

يحاول احد مدوني ايلاف  اليهود او المتهودين اثبات يهودية فلسطين بطمس التاريخ الفلسطيني  وهو ما يسمى علميا بإسكات او اعتقال التاريخ الفلسطيني

 

لا يتورع  الصهاينة من اجل اثبات باطلهم وحقهم التاريخي في فلسطين العربية الاسلامية بعملية تزييف كبيرة للتاريخ وتشمل هذه العملية تخليق ادلة وبراهين زائفة تسبغ عليها الصفة العلمية والتاريخية ثم يكتشف انها مزيفة

 

نمت عملية كتابة التاريخ القديم لفلسطين على أيدي الغربيين  من المسيحيين المتصهينين في أحضان التوراة، فهي التي شكلت المرجعية التي تكاد تكون وحيدة لهذه العملية بحيث أسدل ستار كثيف على ماضي فلسطين القديمة فلا يرى إلا من خلال ما تقصه عنه الحكايات التوراتية، وبهذا المعنى فإن تاريخ فلسطين القديم ليس إلا تاريخ اليهود فيها،

 

 أما ما يخرج عن الإطار اليهودي فليس له إلا وظيفة واحدة هي أن يكون ملحقاً بهذا الإطار أو حاشية ثانوية للمتن الأصلي دون أن يمتلك الحيثية التي تؤهله للتعامل معه مستقلاً بنفسه، متخلصاً من صفتي الإلحاق والتبعية، وهذه الحالة هي التي ينطبق عليها وصف وليد الخالدي بأنها "اعتقال التاريخ الفلسطيني بالعهد القديم (التوراة)"(1) أو هي في الحقيقة "إسكات التاريخ الفلسطيني" وفق تعبير كيث وايتلام(2).

 

 وكانت الحالة هي هكذا حتى وقت قريب، إلى مطلع تسعينيات القرن الماضي، عندما حدث ما يشبه الثورة في الدراسات التوراتية نفسها قلبت للتوراة ظهر المجن بعد أن ثبت لأعلام هذه "الثورة" أن هذا الكتاب لا يزيد في حقيقته عن أن يكون كتاب لاهوت من جانب، ومجموعة من الحكايات الأسطورية من جانب آخر. بعضها مختلق بالكامل، وبعضها تكرار بصياغات مختلفة لأساطير أقوام وحضارات قديمة، لفقت معاً لصياغة تاريخ مشتهى لليهود، وهو في كلتا الحالتين (اللاهوتية والأسطورية) لا يصلح أن يكون وثيقة لمعرفة تاريخ فلسطين القديم، وبالتالي لكتابة هذا التاريخ اعتماداً عليه.

 

  وقد نجم عن هذه "الثورة" صراع بين أعلامها من جهة وبين خصومهم التقليديين من جهة ثانية، وهم الذين تمسكوا بأهمية التوراة كوثيقة أساسية في عملية التاريخ. وفي هذا الصراع أطلق على هؤلاء الأعلام صفة Minimalists التي يمكن اقتراح كلمة عربية مقابلة لها هي لفظة "المهوّنين" في مقابل صفة Maximalists التي أطلقت على الخصوم التقليديين، والتي يمكن اقتراح مقابل عربي لها بلفظة "المغالين"(3).

 

 وقد توزع أعلام هذه "الثورة" وهم جميعاً أساتذة وباحثون كبار في الدراسات التوراتية، أو علم الآثار، أو اللغات القديمة، على جانبي الأطلسي كليهما، فاشتهر على الجانب الغربي منه توماس طمسن(4)Thomas L. Thompsom   الذي لم تتحمل الأوساط "الأكاديمية التوراتية" هناك جرأته في محاولاته كتابة تاريخ لفلسطين مستقل عن التوراة، فـ "هاجر" إلى الدنمارك ملتحقاً بجامعة كوبنهاجن،

 

 أما في الجانب الأوروبي فاشتهر من هؤلاء الأعلام نيلز بيتر لمكه(5) Neils Peter Lemche  من جامعة كوبنهاجن بالدنمارك، وكيث وايتلام (6) Keith W. Whitelam  وفيليب ديفز(7) Philip R. Davies من جامعتي ستيرلنج وشفيلد البريطانيتين على التوالي، وجيوفاني جابريني(8) Giovanni Gabrini من جامعة روما، لنذكر فقط أسماء قليلة، أما عربياً فقد كان مَن شارك في هذه الثورة قلة من الباحثين، وكان في الطليعة منهم الباحث السوري فراس السواح(9) كما كانت للباحث الحالي مساهمة جزئية فيها في دراسة له سابقة(10).

 

 ومن خلال النتائج التي توصل إليها هؤلاء "المهوّنون" أخذت تتراءى معالم جديدة للتاريخ الفلسطيني القديم قائمة على دعامتين:

  

الأولى هدم الأسطورة التوراتية عن ماضي اليهود في فلسطين ووضعها في مكانها الصحيح من حيث هي مجموعة من الحكايات المختلفة لا تثبت للنقد التاريخي وقد ابتدأ محررو التوراة بصياغتها في العصر الفارسي الذي غلب على فلسطين (538 – 332 ق.م) وتوسعت الصياغة واستقرت في العصر الهلينستي (332 – 63 ق.م) حتى عدّ بعض المؤرخين التوراة كتاباً هلنستياً.

  

أما الدعامة الثانية: فهي التوجه نحو كتابة تاريخ مستقل لفلسطين القديمة متحرر من ربقة الأخيولة التوراتية ومعتمد على الوثائق المشرقية القديمة، وعلم الإناسة (الأنثروبولوجيا) وتاريخ تطور المناخ الذي يوفر معلومات وافية عن أنماط الاستيطان البشري في المنطقة، ومعطيات علم الآثار.

  

غير أن علم الآثار لم يكن في الحقيقة بمنجى عن السطوة التوراتية، فذلك الجانب منه المتصل بالمنطقة أطلق عليه منذ أن نشأ في القرن التاسع عشر اسم علم الآثار التوراتي Biblical Archaeology  وقد انحصرت مهمته تحديداً في التنقيب عن الآثار التي تعزز المرويات التوراتية وبالسعي إلى أن يكتشف في باطن الأرض وعلى سطحها ما يمكن أن يدل على شخصية من الشخصيات الوارد ذكرها في التوراة، أو حدث قد سجلته، أو موقع أشارت إليه، وفي هذه الحالات جميعاً أصبحت السمة المجازية لعالم الآثار المنقب في الأرض الفلسطينية هي سمة من يحمل المعول في يمناه والتوراة في يسراه ليكمل بأحدهما الآخر.

  

لكن على الرغم من الجهود المضنية التي بذلها "علم الآثار التوراتي" الذي لم يترك حجراً على حجر في فلسطين إلا قلبه ليثبت به صلة ما بين الآثار فيها والحكايات التوراتية، فقد كانت نتائجه مخيبة لآمال أصحابه إذ لم تزد حصيلته في محيط الأرض الفلسطينية عن "أثر" واحد احتفي به لإثبات ادعاء هذه الصلة(11) ذلك "الأثر" هو الذي عرف بنقش تل دان نسبة للمنطقة التي "اكتشف" فيها (تل دان هي تل القاضي العربية في الجليل) وهو مكوّن من كسرتين (إحداهما "اكتشفت" في تموز 1993 والأخرى في حزيران 1994) اعتبرتا نصباً حجرياً يعود لأحد ملوك دمشق الآراميين في القرن التاسع قبل الميلاد وقد سجل عليه بعض انتصاراته في حروبه في المنطقة. وموطن الاحتفاء كان ورود تعبير (ب ي ت د و د) في النقش وقد كتب بالآرامية (ورسم بالأحرف اللاتينية byt dwd وفهم على أنه (بيت داوود) ليستدل منه على الأسرتين الحاكمتين في كل من السامرة ويهوذا المتحدرتين زعماً من الملك داوود.

  

واستطراداً لذلك ربط ما بين هذا النقش والحكايتين الواردتين في الإصحاحين 20 و22 من سفر الملوك الأول عن هزيمة آخاب ملك السامرة (أو إسرائيل) ويهوشافاط ملك يهوذا (أورشليم) أمام من يسميه هذان الإصحاحان "بن هدد" ملك دمشق الآرامي، غير أن هذا النقش الذي دخل في "علم الآثار التوراتي" على أنه أول وثيقة من "مصدر مستقل" تثبت الصلة ما بين الرواية التوراتية والآثار لم يستطع أن يقف صامداً أمام النقد الصارم الذي وجه له والذي أظهر في النهاية أنه "مزيف" وقد أثبت الزيف طائفة من علماء الآثار واللاهوت واللغات السامية القديمة والنقوش (الإبيغرافيا) ووصل الحد بجيوفاني غابريني، أستاذ الساميات بجامعة روما، بعد أن درس النقش دراسة معمقة إلى اتهام مكتشفي النقش الإسرائيليين: عالم الآثار أبراهام بيران، والعالم بالنقوش الآرامية جوزيف نافيه، بأنهما هما اللذان كانا وراء التزييف(12).

  

كان "نقش تل دان" بالمصير الذي آل إليه هو الوحيد، كما أكدنا، الذي "اكتشف" في فلسطين بهدف تأكيد الصلة ما بين الروايات التوراتية واللقى الآثارية وإثبات إمكانية قراءة تلك الروايات في ضوء تلك اللقى، ومن أجل الوصول في النهاية إلى التسليم بمصداقية التوراة في رواياتها التاريخية، غير أننا نستدرك بالقول بأن نقشاً آخر قد "اكتشف" حديثاً في فلسطين، في القدس هذه المرة، لم يقل الاحتفاء به (منذ أن أعلن عنه في كانون الثاني 2003) عن ذاك الذي استقبل به "نقش تل دان" وقد نسب هذا النقش إلى يهوآش الذي جاء ذكره في الروايات التوراتية بصفته ملكاً على يهوذا (أورشليم) في القرن التاسع قبل الميلاد، لكن على الرغم من كل التبجيل الذي لاقاه هذا النقش الجديد والاستدلالات والمعاني التي استخرجت منه واستنطاقه بالشهادات عن صحة الروايات التوراتية فقد وجد أن حظه من الصدق التاريخي لم يزد عن حظ سلفه المزور نقش تل دان.

 

 

 المصدر موقع فلسطين المسلمة

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !