رغم ما يعم العالم العربي والاسلامي من فرح وسرور بمناسبة حلول رسائل عيد الفطر في كل عام فان الوضع في الجمهورية الاسلامية الايرانية يختلف، ولهذا سنلقي اولا نظرة عامة على مدى اهمية هذا العيد لدى الايرانيين انفسهم لفهم المشاكل التي يواجهها اهل السنة والعرب الشيعة في ايران في عيد الفطر كل عام بما في ذلك هذا العام.
خلافا للدول العربية والاسلامية، لا تعطل ايران بمناسبة عيد الفطر الا يوما واحدا، ولا يحتفل به معظم الايرانيين – وخاصة الفرس منهم – كما يحتفل به اهل السنة والعرب في خارج ايران وداخلها. وهذا يعني ان اهل السنة وخاصة الاكراد والتركمان والبلوش يحتفلون بهذا العيد ويقيمون صلاة العيد وفقا لما يفعل به المسلمون السنة في دول المنطقة. لكن الاهتمام بعيد الفطر بالنسبة الى الملايين من العرب في اقليم عربستان (خوزستان الرسمية) يتعدى الامور الدينية، اذ يحتفلون به كعيد وطني ايضا‘ ويجدد الصغار في هذا اليوم ازياءهم وتقوم الناس بالمعايدة وتُقدم اطباق الحلوى ويتم التحضير لموائد العيد. وهذا لم نشاهده الا في هذا الاقليم الذي تقطنه غالبية عربية. وفي هذا المجال نرى ان الشعب العربي الاهوازي يحتفل بعيد الفطر اكثر من اي عيد اخر في ايران وهذا مقارنة بعيد نوروز الذي يُعد عيدا وطنيا للفرس ولم يهتم به العرب.
ولم يسمح النظام الايراني للعرب في ايران باقامة صلاة التراويح اسوة بما يتم في الدول العربية الاخرى، بل ويقوم باحتجاز الشباب الذين يمارسون لعبة "المحيبس" العربية المحلية وهذا ماحدث في مدينة الاهواز عندما كانت مجموعة من الشباب تمارس هذه اللعبة على كورنيش نهر كارون. وقد نشر نشطاء اهوازيين اسماء لأكثر من 20 شخصا اعتقلوا خلال شهررمضان الحالي بسبب اقامة صلاة التراويح وتنظيم صفوف لتعليم القرآن خارج الصفوف الرسمية التي تنظمها السلطات الايرانية.
واعلنت وكالة "آفتاب" الايرانية عن اعتقال عبدالله عباسي احد مسؤولي مكتب حسن اميني، مفتي ومدير "مجلس مكتب القرآن في كردستان" ايران، اوائل شهر رمضان. اذ وبعد مرور اثنين وعشرين يوما من اعتقاله لم يعرف اقرباؤه عن مكان الاعتقال وسببه.
وتحدثت صحيفة "روز" (النهار) الايرانية عن ضغوط يتعرض لها نشطاء سنة في ايران وقالت ان الامن استدعى ائمة الجماعة من اهل السنة - الذين يقيمون عادة صلاة الجماعة في بيوتهم بطهران – وابلغهم بانه لا يحق لهم اقامة صلاة عيد الفطر هذا العام. ونقلت الصحيفة عن رجال دين سنة في اقليم كردستان ايران ان المؤسسات الامنية استدعت عشية عيد الفطر رجال الدين وائمة الجمعة لمدن كردستان او بعثت اليهم رسائل غير رسمية تطلب منهم ضرورة امتثال آراء مرشد الجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي في تحديد يوم العيد وتهددهم بالعقاب اذا عملوا غير ذلك.
اهل السنة في طهران ليس لهم اي مسجد
وتفيد الاخبار الواردة من طهران ان سلطات الجمهورية الاسلامية جددت عشية عيد الفطر، كما كل عام، معارضتها لإقامة المسلمين من اهل السنة، صلاة هذا العيد في العاصمة الايرانية رغم انه احد العيدين الرئيسيين للمسلمين في العالم.
ويقيم اهل السنة الذين يشكلون نحو 15 في المئة من سكان ايران في 14 محافظة ايرانية. ويبلغ عددهم في العاصمة الايرانية نحو مليون شخص وهم يواجهون المشاكل في اقامة مناسباتهم الدينية .
لا يملك اهل السنة في طهران حتى مسجداً واحداً لإقامة مشاعرهم الدينية، وهذا رغم الطلبات المتكررة للنواب السنة في البرلمان الايراني للحصول على ترخيص "ولو لمسجد واحد لإهل السنة" في طهران، ولم يتم البت في هذه الطلبات حتى الان. وتقول الاوساط السنية في ايران حول تدشين مسجد في طهران انهم لم يتلقوا اي توضيح او اي رد رسمي في هذا الصدد.
وحالت قوات الامن العام الماضي دون إقامة اهل السنة لصلاة عيد الفطر في عدد من المدن الايرانية الكبرى.
ويقول "سني اونلاين"، الموقع الرسمي لإهل السنة في ايران ان قوات الامن تعرفت في العام الماضي على المنازل التي عينت لإقامة صلاة عيد الفطر لإهل السنة في بعض احياء طهران وسحبت هوية الاشخاص الموجودين في تلك المنازل.
وفي غياب مسجد لإهل السنة في طهران، كانوا يتجهون الى سفارات الدول الاسلامية كالسعودية وباكستان في طهران لإقامة صلاة عيد الفطر هناك، غيران "ذلك كان ممكنا في الماضي، لكن حاليا لم تعد السلطات الايرانية ولا المسؤولون في هذه السفارات يسمحون بهذا الامر، بحجة ان هذه الامكنة سياسية" وفقا لتصريحات المولوي عبد المجيد مدير مكتب امام اهل السنة لمدينة زاهدان (جنوب شرق).
ولا تنحصر مشاكل اهل السنة والعرب في ايران بالاعتقالات او بانتهاك حقوقهم لإقامة صلاة الجماعة والعيد في طهران والمدن الكبرى، بل هناك مشكلة تتعلق بتحديد يوم عيد الفطر تتكرر كل عام تقريبا. اذ تتأخر ايران الشيعية عنن معظم الدول العربية والاسلامية يوماً او يومين في تحديد يوم عيد الفطر وهذا ما يثير البلبلة بين العرب الاهوازيين واهل السنة في ايران الذين يتابعون ويتبعون عادة الدول المجاورة بسبب اللغة المشتركة او المذهب المشترك.
ويقول ناشط ديني يعمل في "مجلس مكتب القرآن في كردستان" ايران: "لقد تم تهديد ائمة المساجد في مدينة سنندج (عاصمة اقليم كردستان ايران) بان يتبعوا رأي مراجع الشيعة ومرشد الجمهورية الاسلامية في ما يتعلق بتحديد يوم عيد الفطر وذلك بواسطة استدعائهم من قبل الامن او بعث رسائل اليهم".
ومن المتوقع ان تتكرر المشكلة هذا العام ايضاً، اذ يحتفل العالم الاسلامي السني يوم الاحد المقبل بعيد الفطر فيما اعلنت السلطات الرسمية الايرانية ان يوم الاثنين المقبل هو يوم العيد في ايران.
التعليقات (0)