مواضيع اليوم

اعتداءات النرويج..فرصة للتفكر..

جمال الهنداوي

2011-07-29 13:47:17

0

قد لا نجد الا القليل من المراقبين العرب من استطاع مقاومة الاغراء الذي توفره الهجمات الارهابية التي ضربت النرويج من خلال تسويقها كمؤشر الى وجود ما يمكن  عده تطرفا دينيا اصيلا ضاربا في جذورالثقافة الغربية والفرص التي تتيحها امكانية ربط الاحداث مع سوابق تاريخية اخرى قد تقدم بعض الدعم لهذه الافكار..وهو الامر الذي قد يلاقي الكثير من الهوى في نفوس بعض النخب الدينية الاسلامية لأسباب عديدةلا تخفى، أهمها ما يرتبط بادامة الخصومة الأيديولوجية التقليدية وحسابات المنافسة الفكرية مع الآخر..

وقد تكون الذخيرة التي قدمتها الوثائق التي تم نشرها من قبل الارهابي أندرس بيرينغ برييفيك، المتهم بارتكاب الاعتداءين اللذين روّعا النرويج مبررا كافيا لربط هذه الاحداث المؤسفة مع التأثير المتعاظم للفكر المعادي للاسلام في العالم الغربي..واحالته الى عدائية مسبقة متجذرة في عمق الثقافة الغربية حد استعادة ادبيات وخطاب الحروب الصليبية في تفسير هذا التعشق ما بين الغرب والعداء للاسلام..وتبسيط المسألة الى حد الاستعجال باعلان النصر في معركة نقض الافكار المعادية للاسلام وتقديم صك براءة للحركات الجهادية الاسلامية من خلال التنظير لارهاب مسيحي غربي اصيل..

فعلى الرغم من واقعية أن الارهابي قد اسرف في الاستشهاد والاقتباس من اقوال مجموعة من الكتاب والمدونين الأميركيين الذين عرفوا بمناهضتهم للاسلام..ولكننا قد نستطيع بسهولة تلمس صدى قوي لهذه الاقوال في الخطاب الجهادي السلفي الاسلامي..ولن يكون من الاقحام لو ربطنا بين "اعلان استقلال اوربا"وبين البيانات التي تدعو لقيام الخلافة الاسلامية في اوربا والعالم..

وقد نستطيع الاعتماد –وباستخدام نفس هذا التمنطق- على الاشارات المعادية للماركسية التي تناثرت في البيان على وجود ابعاد اقتصادية واجتماعية قد تكون هي المحرك للاحداث اكثر من الدفاع عن معتنقات ايديولوجية ملتبسة..

لا نستبعد-ان لم نؤكد-ان التحقيق سيسفر عن صورة معتمة لرجل دين ما في احدى الزوايا الضبابية لثقافة هذا الشاب التعس قد استطاعت ان تقنعه ان العناية الآلهية سوف ترافقه وهو يخلط الاسمدة والمواد الكيمياوية المتفجرة..وان يد الرب هي التي ستضغط على الزناد لتطهير الارض والانفس مما لا يزدره هذا الكاهن والذي لا يختلف عن الحناجر الزاعقة على منابر الاقصاء والكراهية التي لطالما دعت الاله لكي يبطش بالآخر مستفزيه بهم لن يعجزوك..

أن البحث عن جذر ثقافي -أو ديني كما في هذه الحالة- للسلوك الإرهابي الجنائي ..مسلك قد يكون لا طائل من ورائه ويفتقر للدعم الذي توفره عادة الشواهد التاريخية او تفاصيل الحياة المعاشة..كما ان الذب عن المتبنيات العقائدية لا يكون من خلال التخطئة الكاملة للآخرولا عن طريق الترويج لسمو ورفعة ونقاء الذات..

فمثلما ان الكثير من الحركات الإرهابية التي تنشط في الساحة العربية الإسلامية لا يمكن نسبتها إلى الفكر الاسلامي اصالة ..فان التسويق الفج للارهاب المسيحي الغربي قد يكون ممارسة اقرب الى العبث منها الى التفكر السليم في جذور المشكلة ومنتهياتها..ولن يكون من الحكمة عدم الالتفات الى تقارب اساليب هذه التفلتات الجنائية مع تقنيات التنظيمات الراديكالية التي تتشابه في ممارساتها وتعتمد على ما تقتات عليه في عالمها الآني المعاش اكثر مما تتنادى به من خلفيات وسلفيات فكرية..

وبالتالي فإنه من الخطا استجلاب البعد الثقافي والديني في هكذا احداث اليمة والتغافل عن العوامل الاخرى مثل الاحتقان الناجم الشعور بالمزاحمة والاحلال الاقتصادي والاجتماعي المولد للخلط المشوش ما بين الامني والمجتمعي منتجا اندفاعا اجراميا يتجاوز التساؤل عن جدوى هذه الممارسات ومشروعيتها..ودون ان يرى ان "هناك ما يستوجب الادانة في ما فعله"

قد يكون هناك الكثير من الحكمة في محاولة تجريد هذه الاعمال المدانة من الغطاء الديني او الثقافي..وقد يكون الاكثر صوابا هو العمل على تنقية مجتمعاتنا من مثل هذه اللوثات التي قد توفر ارتداداتها بعض الفجوات التي من الممكن ان يتسلل من خلالها المزيد من الالتباسات التي تشكل علامة فارقة لايامنا التي نعيش ونعتاش بها ولها وعليها..فان كثرة الضجيج لن تغير من الامر شيئا..ولن تقوى على اضفاء بعد فلسفي الى مشكلة ناتجة عن تشوهات اجتماعية او سياسية..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !