على الرغم من الأعداد الضخمة للمعلمين في الأردن قياسا بباقي القطاعات الحكومية ، وعلى الرغم من أحقية المطالب والحراك المبارك للمعلم الأردني الذي يصب في خانة تعزيز الانتماء للوطن ، وتكريسا لنهج الإصلاح الذي دعا اليه جلالة الملك ، وعلى الرغم من قوة الحراك ومدى تأثيره لم تبادر الحكومة إلى إجراء يخفف التصعيد ويضع حلا منطقيا توافقيا .
ومن مجمل الملاحظات على سلوك الحكومة مع هذا الحراك نكتشف أن الحكومة مرتبكة متشككة مترددة غير قادرة على اتخاذ قرار صارم يمكن أن تدافع به أو تدفع به لا فرق ..
وان دل هذا فإنما يدل على فشل الحكومة في استيعاب الدروس والعبر ، وهي تدفع إلى التصعيد وزيادة حدة المطالبة .. وهي أي الحكومة ربما تراهن على مدى صبر المعلمين في هذا الحراك ، وتبث أخبارا بالتعاون مع جهات مختلفة عارية عن الصحة مفادها أن ثمة من كسر الإضراب في مدرسة أو أكثر أو تبث أخبارا عن نسب المعلمين المضربين وتصفها بأنها اقل من 33% .. بينما الجميع يعرف حجم الإضراب ومدى تأثير ذلك على الوطن والمواطن .
ومن صور تردد الحكومة وتلجلجها :
اتخاذ قرار بعدم الزيادة نهائيا .. عل أن تكون الزيادة في بداية العام القادم 2013 .. ثم تتراجع تحت ضغط الحراك وتقول سنمنح المعلمين 10% هذا العام و20% العام القادم .. ثم تتراجع تحت وطأة الحراك وبعد الاعتصام أمام الدوار الرابع وحدوث اجتماعات مكثفة وتقول سنمنح المعلمين 12.5% على أن تصرف 17.5% العام القادم ..
ثم تلوح بين الحين والآخر من خلال تسريبات إعلامية بالاستعانة بالمجندين والدرك والقوات المسلحة والمتقاعدين .. ثم تسرب خبرا عن تعينات جديدة .. في الوقت الذي لا زالت فيه الاجتماعات والاتصالات ما بين الحكومة والنقابة وعدد من رجالات الأردن متواصلة ..
ومن أكثر الصور المؤلمة في هذا الصدد ما تمارسه الحكومة من تجييش الشارع وتأليب المواطنين على المعلم .. وهم يتناسون أن بذلك يضربون الوحدة الوطنية والاستقرار والأمن الأهلي في هذا البلد .. ويتناسون أن المعلم هو ولي أمر قبل أن يكون معلما وقبل كل هذا هو مواطن أردني غيور ساهم على مر تاريخ الأردن ببناء الأردن وتعزيز قيم الولاء والانتماء .. وهم الوحيدون( المعلمون مع طلابهم ) من يقفون في كل صباح من فجر الاستقلال إلى اليوم تحية للعلم وينشدون النشيد الوطني وجباههم مرفوعة عالية ..
ألا يستحق المعلم وقفة وفاء من أبناء وطنه .. الا يستحق المعلم أن ينعم بحياة تؤمن له ولأولاده حياة كريمة تلبي اقل الاحتياجات اليومية ليس أكثر أسوة بباقي أبناء الوطن .. ونحن نتكلم عن توزيع المكاسب الوطنية بعدالة ونزاهة وشفافية .
التعليقات (0)