اشرب الخمر وافعل الفواحش .. ولكن بعد ثلاثة أيام ؟ّ!!
هذه الجملة قالها أب لابنه ! .. لا تعجبوا حتى تسمعوا القصة كاملة..
يقول صاحبنا بطل هذه القصة الغريبة : في أيام شبابي كنت ملتزم دينيا بارا بوالدي , وبما أني كنت اكبر إخوتي فقد كان لي وضع خاص عند والدي , ذلك الرجل الصالح , صاحب المتجر المتواضع وسط المدينة , والذي كان يحثني دوما على كل فضيلة , وينهاني وإخوتي عن كل نقيصة بطرقة الحكماء الذين كنا نسمع عنهم في قصص الحكمة الشهيرة المتوارثة.. وقد كان يصطحبني معه للمسجد في كل فرض , ويوكل لي أمر المتجر في كثير من الأحيان , لأتعلم وافهم أمور البيع والشراء , ويعطيني مرتبا وكنت اكسب بعض المال لنفسي أيضا من بعض التجارب التجارية .. وقد كان هذا حالي ردحا من الزمن , حتى أصبحت شابا يافعا لي صداقات بنفس عمري من الحي وكذلك من المدرسة , اخرج معهم أحيانا نتسامر في زوايا الشوارع ككل أبناء جيلنا ,أو نخرج للصحراء بالأيام معنا خيمة صغيرة تحتضن سمرنا وضحكنا ومقالبنا الجميلة البريئة .. وفي تلك الأيام بدأت موجة سفر الشباب إلي تايلندا , وقد سافر بعض أصدقائي إلي هناك , وكانوا يعودون بقصص مغرية شيقة عن بنات الليل و السهر وحرية تناول المخدرات فضلا عن المسكرات , وقد كنت أتشوق للسفر معهم وخوض نفس التجارب , ولذلك طلبت من والدي أن يخرج لي جواز سفر , ويسمح لي بصحبتهم في الرحلة التي عزموا على القيام بها في عطلة نصف السنة خصوصا أن لدي المال من عملي في متجر والدي وكذلك من التجارب التجارية الصغيرة التي كنت أقوم بها من حين لأخر .. وقد وجدت من والدي الرفض مقرونا بنصائح عن مغبة الوقوع في براثن المنكرات بجميع أشكالها .. كررت طلبي عليه مهددا بترك الدراسة إذا لم يسمح لي بالسفر, ولذلك رضخ لرغباتي واخرج جواز السفر.. وفي يوم السفر جلس معي وقال : اسمع يأبني .. سأطلب منك طلب أوعدني أن تحققه لي .. قلت ما هو ؟ قال : أود منك أن تعاهدني انك في أول ثلاثة أيام تلتزم بصلاتك في وقتها , ولا تشرب الخمر , ولا تزني .. يقول صحبنا .. فقلت له : لك ما طلبت واقسم على ذلك .
سافر الأصدقاء مصطحبين صاحبنا بطل القصة إلي تايلندا , وبما أن بعضهم خبير فيها ..فقد اختاروا الفندق المناسب واشتروا خمورهم من المطار وخرجوا حال وضع أغراضهم في الغرف لجلب البنات , ولان صاحبنا عاهد أباه أن لا يفعل شيء في الثلاثة الأيام الأولى ورفقاء السفر يعلمون هذا العهد بينه و بين أباه , فقد جلس في غرفة الفندق وتطهر وصلى ما شاء الله له , وجلس ينتظرهم .
حضر الأصدقاء مصطحبين البنات , وبداء الشرب و الضحك , وصاحبنا يشاهد فقط .. بداء الخمر يفعل أفاعيله بعقول الشباب , فأصبحوا يقومون بحركات فاقدين العقل , كلمات غريبة , أسرار عائلية خاصة , استفراغ في كل مكان ...الخ والبنات كنا يضحكن ويتهامسن بهمس يوحي إنهم يستغفلون هذا الشباب المسكين .. وفي هذه الإثناء قام صاحبنا واغتسل وصلى , فأصبح الأصدقاء يتندرون عليه وعلى صلاته , ثم جاء اعقل هؤلاء المجانين لصاحبنا واخذ يبكي كالطفل ويشتكي ويقول هموم وأسرار خاصة , يقول صاحبنا أخذت أواسيه لعله يتركني في حالي وأنا متعجب كيف أصبح هذا الصديق مضرب المثل فيما بيننا بالرجولة و الشهامة كطفل يبكي , ورائحة الاستفراغ تزكم الأنوف من جسمه وأثرها على ملابسه .. انتهت تلك ألليله بنوم فاقدين الوعي بزوايا الغرفة كالمرضى ومغادرة البنات شامتات محملات بالمال و العطايا التي جاد بها الشباب في كرم كان سببه فقدان العقل .
يقول صاحبنا و في صباح اليوم التالي أصابني الاشمئزاز من حال أصدقائي , بل من كل تايلندا , وقررت الرجوع على أول طائرة مدركا حكمة والدي من وعده الغريب (اشرب الخمر وافعل الفواحش .. ولكن بعد ثلاثة أيام ؟ّ!!) ولذلك ارتميت على يده الطاهرة حال وصولي البيت , وقلت له أني فهمت الدرس ..
عبدا لعزيز بن عبد الله الرشيد
التعليقات (0)