اشتعالات النص الشعري إبراهيم أبو عواد جريدة العرب اللندنية ( 31/3/2011م ).
إن لغويات الحلم المتأصل في الجسد القصائدي إحدى السمات الرئيسة لتكريس الذات كانعكاس للصور المجتمعية ، لأن الإنسان ابن بيئته ، والقصيدة ابنة بيئتها . وكما أن النص الشعري نابع من الإطار الاجتماعي فهو أيضاً يصنع إطاره الاجتماعي الخاص المتمرد على نفوذ اللامنطق وأبعادِ السُّلطة القمعية ، ويصنع كذلك منطقه الفلسفي الذاتي تماماً كما يحفر النهرُ مجراه الخاص المتفرد . وهذه الخصوصية الثورية _ لفظاً ومعنى _ تقودنا إلى وضع سياسة جديدة للمنظور الفلسفي للأدب غير الخاضع لأبجديات السلطة السياسية . لذلك فإن القصيدة تبتكر أدباً متفرداً ضد الأدب المدجَّن . وكلما اكتشفنا ثوريةَ العناصر الاجتماعية الواعية في النص الشعري ، اكتشفنا حتميةَ الإنتاجيات اللغوية القائمة بالأساس على مواجهة سُلطة الموروث السلبي الذي تم تأطيره كمسلَّمات بفعل التبني الاجتماعي له ، وليس بفعل مصداقيته وقوة منطقه . وهذا الصدام المصيري بين أبعاد المنظومات السُّلطوية نابع من طبيعة طبقات النَّص الأدبي ، فهذه الطبقات القصائدية هي أشكال للرموز المعرفية على الصعيدَيْن الاجتماعي والسياسي . وقوةُ الرمز في القصيدة تتكرس كقوة رفض لهيمنة المعطيات السلبية الجاهزة ، وقوالبِ التنميط والتلميع اللغوي المسلوخ عن الدلالة المعرفية الحقيقية . ومما لا شك فيه أن هذا الحراك الفكري في بنية الطبيعة اللغوية سيؤدي إلى التعامل مع اللغة الشعرية من منظور اجتماعي سياسي ، الأمر الذي يُعمِّق الروحَ السياسية داخل اقتصاديات القصيدة . وهكذا تتولد معالم إبداعية جديدة على طريق التحولات الجيوسياسية لاجتماعيات النظام الثوري في اللغة المتجددة . والقصيدةُ ليست نظاماً لغوياً صوتياً فحسب ، بل هي نظام اجتماعي تثويري متكامل نتيجة حجم التفاعلات المعرفية الهادرة التي تحدث في الإطار الشعري لبنية النص . أضف إلى هذا أن التفاعل المزروع في أقاصي اللغة الحية قادر على الولوج في تعابير المراحل الوجودية للإنسان كافةً ، والتعبير عن كل المشاعر الجياشة داخل النفس البشرية . وبالتالي فاللغة هي الثورة العظمى التي تقوم بثورتها دون انتظار قدوم الثائرين .
http://ibrahimabuawwad.blogspot.com/
التعليقات (0)