ليس بدعة..ولا من المستغرب ان يكون الامتناع عن وضع الشروط المسبقة وسيلة لدفع بعض المبادرات السياسية خطوات مهمة نحو البدء بتفعيل آلياتها واطلاق الحوارات المفيدة حولها..وخصوصا في بعض المشاريع التي تهدف الى ارساء الامن والاستقرار واعادة التوازن والوئام بين الشعب والحكم وتستهدف الحفاظ على السلم الاهلي بين مكونات المجتمع في فترات ما بعد الصدام وحالات الطوارئ والاحكام العرفية..
ولكن قبل الحديث عن الشروط المسبقة يجب التثبت من ان الامور على الارض وكفتي ميزان العلاقات بين الحكم والشعب اقرب بعض الشئ الى التساوي والتوازن الكفيل بجعلها لا تميل كل الميل الى جهة ما وتترك الاخرى كالمعلقة في الهواء..وهذا ما قد يرتب اشتراطات مسبقة على الحكم البحريني تأمينها من الممكن ان تكون ضرورية جدا لانجاح مثل هذه المبادرات..وقد يكون اولها الاعتراف بان هناك طرف مقابل مؤهل يتمتع بحقوق معينة وتترتب عليه واجبات معينة.. فان استعادة لغة الحوار بعد سيادة السلاح للمشهد وارتفاع قعقعته يحتاج الى اكثر من تجاهل الواقع المعاش وابعد من مجرد القفز فوق الحقائق الشائكة التي اصبحت تشكل معطيات العلاقة بين الحكم والشعب..
كما ان الحكم مطالب بتفسير مسبق لممارساته التي لا ترى في الوطن الا مساحة هلامية ملتبسة الحدود والحقوق والواجبات وتترفع عن النظر الى الشعب الذي لا تعد قرونه الطوال المنسحقة قدماً وعتقاً وعرقاً وقبوراً لاجداد واسلاف اختلطت ملامحهم بتراب الوطن مبررا كافيا لكي يستطيعوا الجهر بمواطنتهم وانتماؤهم الى هذه الارض ..
تلك الارض التي تتمدد حدودها في جميع الجهات لتشاع لكل من يتشارك الانتماء المذهبي مع السلطان وتضيق بما رحبت على المواطن الذي لا يعلم لاي جيش يرفع الورود ولاي حكم يطيع..مواطن تتنكر له الارض التي شهدت ملاعب صباه وتتدنى مواطنته امام من يلحنون بالنشيد وتنتهي مواطنتهم مع آخر دفعة لمكافأة نهاية الخدمة..
لن يكون شرطا مسبقا او مجحفا لو طالب الشعب البحريني بان تتوقف الاعتقالات ويمنح الحق في التعبير عن رأيه بحرية..ولن يكون شرطا مسبقا لو سألت الجموع باي ذنب قتلت ..وباي ذنب اعتقلت..وتحت اي جريرة ديست كرامتها تحت سرف المجنزرات مقطبة الجبين المزمجرة في وجه المواطنين الابرياء العزل..كما لن يكون شرطا مسبقا لو طالبت الجماهير السلطان بتحقيق علني ومحايد عن الاحداث التي رافقت واعقبت دخول القوات السعودية الى البلاد..وعن صدقية الحديث عن المؤامرة والارتباطات ومخابئ السلاح التي وجدها بعد ان استجلب الجيوش التي عاثت في الارض دون ان تقدم ما يشير الى تورط جهة ما باي مشروع معادي..
اول الطريق يجب ان يكون في المراجعة النقدية المحايدة والنزيهة والمترفعة عن الاحقاد للاخطاء-ان لم نقل الجرائم-التي واكبت الارتباك والخلل الذي رافق ممارسات الحكم البحريني في تصديه لآمال وتطلعات ومطالب شعبه النبيل..وكذلك التراجع عن الخطاب الطائفي المقزز المستهدف المساس بمواطنة واهلية وانتماء المواطن البحريني وتمييع هويته الوطنية ..
نرنو وندعو ونبتهل مع جميع الشعب البحريني الكريم ان يحفظ الله البحرين وشعبها..ونتطلع مع هذا الشعب الباسل المتحضر ومع كل احرار العالم الى حوار حقيقي مثمر ومنتج ومستند على آليات واضحة وراسخة قد تسفر عن وضع سياسي وانساني افضل لارض دلمون العزيزة واهلها الكرام.. وهذا الامر قد يكون مطمح كل محبي الخير والاستقرار والامن والسلام في البحرين وعموم المنطقة..
ونرجو ان لاتكون مثل هذه الدعوات ذات هدف دعائي ترويجي بحت..وان لا تكون ذرا للرماد في العيون..اوتكون وسيلة لتسويق صورة ملطفة للحكم تجاه الغرب المتبرم من استمرار القمع والتنكيل بحق الشعب الاعزل الصابر..او على الاقل..ان لا تقتصر هذه الدعوات على هذا الهدف البائس فقط..
التعليقات (0)