علي جبار عطية
الأربعاء 23-10-2013
طباعة المقال Print
كلما ازدادت تجارب المرء مع تقدمه في العمر أدرك حقيقة ناصعة تقول : نحن نبني لغيرنا !
سيقول القارئ : كيف وهل معنى هذا الكلام شبيه بحكمة قديمة تقول : زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون !
أقول : نعم ربما تكون هذه الحكمة الأقرب إلى الواقع من غيرها .
أتأمل ذلك في حكاية قصها علي احد الأصدقاء ملخصها ان رجلاً خمسينياً من زملاء العمل عرف بدقته والتزامه الوظيفي والاجتماعي حرص على الإشراف على بناء قطعة ارض سكنية اشتراها واتخذها مشروعاً لسكن عائلته فتابع البناء من الإلف إلى الياء وكان يرى بعض مواصفات البناء لا تتلاءم مع ما خطط له فيتدخل ويغير حتى وصل بناؤه إلى مراحله الأخيرة بعد أكثر من سنة واكتمل البناء لكن أفراحنا تكون مثلومة في اغلب الأحيان فما ان استقرت العائلة في بيتها الجديد حتى تعرضت زوجة الرجل إلى صدمة كهربائية قضت على حياتها في الحال !
وانقلب الفرح الطارئ على الحياة العراقية الى حزن عميق وعاش الرجل وأولاده أياما عصيبة يحاولون أن يجدوا تفسيرا منطقيا لما حدث وفي الغالب تحضر التفسيرات البدائية وان الأم كبش فداء لهذا البيت (المنفوس) وربما كانت ضحية الحسد !
حتى إذا أرادوا الخروج من شرنقة الحزن طرح اقتراح وهو ان يتزوج الرجل من شقيقة زوجته الراحلة للم شمل الأسرة ولأنها احرص على أولاد أختها من غيرها ولكن الخالة اشترطت لإتمام الزواج إلا تسكن هذا البيت الجديد وقالت بلسان فصيح : ان البيت الذي شهد وفاة أختي لن أسكن فيه !
وعبثا حاول الجميع ثنيها عن هذا الشرط وأخيرا رضخ الزوج للأمر الواقع فأعلن بيع بيته واشترى قطعة ارض جديدة ليبدأ رحلة الشروع في انشاء بيت جديد بينما صار بيته الحديث من حصة شخص لم يضع فيه طابوقة واحدة !
أليست في هذه الحكاية حكمة كبيرة وهي إننا في الكثير من الأحيان نكد ونعمل ونجتهد لتحصيل ثمرات معينة ليأتي آخرون وينعمون بهذه الثمرات؟
التعليقات (0)