بسم الله الرحمن الرحيم
ومن العلماء الذين قاموا بنشر الإسلام والثقافة العربية في شمال جمهورية غانا في القرن التاسع عشر الميلادي السلطان محمد باباتو زبرما الذي ولد في قرية أدونغد (INDONGA) في جمهورية النيجر، وبعد دراسته في قريته هاجر إلى شمال غانا للتجارة، وكانت هناك جماعات من قبيلته (زبرما) قد هاجرت قبله إلى تلك المنطقة لنفس الغرض، وقد تمكنت هذه الجماعة من فرض سيطرتها ونفوذها على المنطقة بالدعوة والجهاد، وفي عام 1880م قتل زعيم زبرما المجاهد لنشر الإسلام الشيخ ألفا غزاري في إحدى المعارك، وخلفه محمد باباتو الذي واصل ما بدأه سلفه، وانضم إليه جماعات من قبائل الفلاني والهوسا المتواجدة في المنطقة، وقد شهدت مناطق شمال غانا في عهد محمد باباتو تشييد المساجد والمدارس الإسلامية، واستقدم الفقهاء والعلماء من شمال نيجيريا ومالي الذين ساهموا في نشر الثقافة الإسلامية والعربية في شمال غانا، ومنها انتشر إلى بعض الدول المجاورة مثل شمال توغو وجنوب بوركينا فاسو. وقد تغلبت قوات بريطانيا الغازية والفرنسية على محمد باباتو في عام 1890م وقسموا دولته بين توغو وغانا وبوركينافاسو.
إنّ من العلماء الذين ساهموا في نشر الثقافة الإسلامية بمؤلفاتهم في غرب إفريقيا عامة وجمهورية غانا بخاصة الشيخ عمر بن أبي بكر المشهور ألفا عمرناكركي (نسبة إلى مدينة كيتي كراتشى في شمال غانا)، ولد بمدينة كانو, في عام 1850م، كان والده يزاول تجارة حبوب كولا(غورو) متنقلا بين نيجريا وغانا, واستقر ابنه عمر في غانا حيث نشأ وترعرع, وتعلم, ويعبر من أعظم العقول الأدبية التي ظهرت في منطقة غرب إفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر,وبداية القرن العشرين, ناهزت مؤلفاته بين الشعر والنثر مائة مطبوعة ومخطوطة, وجلها في مكتبة معهد الدراسات الإفريقية بجامعة ليغون أكر غانا.
ومن مؤلفاته تربيع قصيدة البردة للبوصيري, وكتاب بحق رب الورى التي يعاتب فيها أحد علماء عصره بسبب خلاف نشب بينهما حول مسألة فقهية ,وله كتاب في تعليم الإنشاء, وتاريخ غنجا ـ اسم قبيلة في شمال غانا ـ، وله قصائد كثيرة في جل الأغراض الشعرية ,ومنها قصيدته في رثاء بعض أصدقائه يسمى صالح بن محمد وجعلها في ثمانية وخمسين بيتا كعدد حروف الجنة بحساب الجمل تفاؤلا أن يسكن الله المرثي فسيح جنته العالية واختار لها قافية الباء تفاؤلا أن يفتح الله له باب الرحمة واستهلها بقوله:
هل وابل أم دمع أجفاني سكب # أم هل غراب البين يا قلبي نعب
أو دجلة أو طنجة أو نيلها # سيحون أو جيحون في خدي رتب
أم هل خيال أحبة قد زارنا # أم هل فؤادي اشتاق ثمت وانتحب
وختمها بالدعاء للميت, وله قصيدة أخرى بعنوان: تنبيه الإخوان في ذكرى الأحزان نظمها في حوالي 1892م عندما اندلعت الحرب الأهلية في شمال غانا تقع في حوالي ثلاث مائة بيت واستهلها بقوله:
الحمد لله الذي توحدا # في ملكه أموره ووكده
ليس له مساعد في حكمه # ولا له مشاور في أمره
يصرف الدهر كيفما شاء # ويحكم السرور والإساءة
وتوفي الشيخ عمر بن أبي بكر في يوم 30/6/ 1934م بعد حياة حافلة بإنجازات أدبية مثمرة.
ومنهم الشيخ عبد الرحمن الإفريقي الزبرماوي، ذلك الإفريقي المشهور في بلاد الحجاز المجهول في موطنه الأصلي – جمهورية مالي – وقد ولد الشيخ عبد الرحمن في قرية ففا (FAFA) الواقعة في جزيرة في نهر النيجر بدولة مالي (ولقد كان من حكمة الله أن وهب لهذا الفتى حظا غير قليل من الذكاء استرعى انتباه الفرنسي المسئول عن مقاطعته – مقاطعة غاو GAO – وكان ذلك يوم مر هذا بقريته (ففا) وأقبل على كتابها الأهلي الوحيد يتفقد تلاميذه، ويراقب ما بأيديهم من الكراريس خشبية، عسى أن يكون فيها ما ليس في مصلحة الاستعمار، وجعل يوجه إلى الصغار بعض الأسئلة بلغتهم السونغوية (لغة الزبرما) فتأتيه الأجوبة معبرة عن مستوياتهم المختلفة حتى جاء دور عبد الرحمن، فإذا أجوبته فوق مستوى غلام في الثانية عشر.. مما أثار إعجاب المسئول".
وكان هذا سببا في نقل عبد الرحمن إلى المدارس العصرية الفرنسية في مدينة غاو، حيث واصل دراسته فيها بتفوق إلى أن نال الشهادة الثانوية باللغة الفرنسية، فعين مدرسا للغة الفرنسية في المدرسة التي تخرج منها، ثم عين بعد ثلاث سنوات في مصلحة الأنواء الجوية، وتدرج في السلم الوظيفي حتى وصل إلى رتبة مساعد المدير، ثم سمحت له سلطات الاستعمار بالسفر لأداء الحج، وبعد الحج عزم على البقاء في مكة المكرمة لطلب العلم الشرعي الذي كان يجهله تقريبا، وبعد أربع سنوات من الدراسة في الحرم المكي أراد الرجوع إلى بلده ولكن لقد شاء الله أن يجمعه في فندق بأحد المسافرين الذي غير رأيه عن السفر حين اكتشف عبد الرحمن قلة معلوماته الدينية، فحزم أمتعته إلى المدينة المنورة، حيث التحق بمدرسة دار الحديث، مع مواصلة الدراسة على علماء الحرم النبوي من أمثال الشيخ ألفا هاشم الفلاني وغيره من علماء الحرمين ولما تخرج من مدرسة دار الحديث عين أستاذا فيها، ومدرسا في المسجد النبوي الشريف حيث وفد عليه طلاب العلم من كل أنحاء المعمورة لطلب العلم، وقد ظل في تدريسه إلى أن وافه الأجل المحتوم في المدينة المنورة، وقد تخرج على يديه طلاب ساهموا في نشر الثقافة الإسلامية والعربية في بلدانهم ومن أشهر طلابه الشيخ عمر بن محمد فلاته – رحمه الله تعالى- الذي تولى التدريس في مكانه بالحرم النبوي الشريف، وكان الأمين العام للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وعميد كلية الحديث فيها، والشيخ حامد بكر زبرماوي المدرس في الحرم النبوي رحمه الله، والشيخ محمد الثاني إمام الحرم النبوي وغيرهم. ومن مؤلفاته: الأنوار الرحمانية في الرد على التجانية.
اضافة مني انا عمار:
فقد ردت الطائفة الصوفية على كتاب الشيخ العلامة رحمه الله، عبد الرحمن الافريقي بكتاب ذو غلاف أخضر اسمه (صاروخ الغارة).
عمار عبد الله سليمان
gadamar170@hotmail.com
التعليقات (0)