اسطح طرابلس

انظري هذه الشقة الروف لقد اشتراها رجل شيعي ودفع سعرها نقدا ..تكشف لي جارة الطفولة السر الذي يدفعها للخوف في المدنية الشمالية وتوضح انهم يشترون شمالا يمينا وخاصة الشقق العالية واسطح المباني..
عدت معها الى اولاد الحي بيتا بيتا منزلا منزلا وللذكرى, حمل الحي في بيوته كل الطوائف والمذاهب فجمعنا في مداخل البنايات صغارا نعلب معا ونزعج الكبار..لم نفرق بين اسم واخر او بين طائفة واخرى ولم نشعر
يوما بخوف ابناء المدينة من اقتناء الاخر لشقة فيها ..كنا نفرح بالجيران الجدد والشقق الجديدة ونحتفل بسكانها من قرى البترون الشيعية ومن الكورة الارثوذكسية وزغرتا المارونية ..تعرضنا للحرب معا ولم يفرق المدفع بين منزل واخر فجمعتنا البيوت الارضية والملاجىء وأوراق اللعب وخرجنا من الحرب معا لا يفرقنا الا الاغتراب او الموت..
ماذا يحصل ؟ ماذا تبدل في الحي؟ لماذا يتكلم اهله اللغة الطائفية ؟ومن يحقن التعصب في المدينة ؟لا اصدق ان جارتي تخاف من شراء الاسطح وارفض ان اصدق اي كلام عن شراء اهل المدينة للسلاح ولا اريد ان اصدق كل الاخبار التي تأتي بها وسائل الاعلام وتزيد التعصب تعصبا والاحتقان احتقانا والخوف من الاخر خوفا...ليست طرابلس المدينة التي تحقق اهداف الاخرين على ارضها فتخضع لخطط مكشوفة ونوايا ضغينة.من يزور المدينة يتنشق رائحة اخلاص المدينة لابنائها ووفائها لمبادئها والتزامها الكامل بالعيش المشترك وتقبل الاخر وان جهد البعض في استغلال حماسة بعض اهاليها والتزامهم الديني..لن يقف الدين الى جانب التعصب والتطرف ولن يسير الالتزام الديني مع الخطط الخبيثة وستبقى طرابلس عريقة من فوق اسطح البنايات او في الاحياء والشوارع.

جارتي العزيزة ,لا ترضخي لحملات الترويع و لا تدخلي نفق التعصب الاعمى ولنرفض معا الخنوع لرغبات حشر طرابلس بزاوية الرد على التعصب بالتعصب
..اي تعصب لا يواجه بالتعصب واي تطرف لا يقاوم بالتطرف وعلينا نحن اهل الحي سكان المدينة ان لا ننجر الى ما يراد للمدينة الانجرار له ..لا يجب ان تدفع طرابلس الثمن ولا يجب ان تشكل شققها المرتفعة واسطح بناياتها خوفا لابنائها.
طرابلس ترفض مذكرات التوقيف السورية ولا تقبل ضغوطات التنازل التي تمارس على رئيس الحكومة وتغلي بالشائعات ولكنها لن تخضع لها .
لنزور معا الجيران الجدد ونشرب القهوة ونتسامر ونتساير ونكتشف الشقة الروف من الداخل والى اين تطل وماذا تكشف؟ هل تكشف عمق المدينة وتراثها ؟هل تكشف فلذات اكبادها وحضارة ابنائها وتاريخ العيش المشترك الذي لم تستطع القوى الاسلامية المتطرفة النيل منه ؟
العين قادرة ان ترى من فوق مشهد عام لمدينة لا تخاف وابواب مفتوحة لا تغلق وبيوت ليست للبيع الا اذا اراد سكان الحي..