اسرائيل وضربات محمود عباس
القاهرة - محمد أحمد منير
\ بحكم المنطق الاسرائيلي، لا تبدو غريبة تهديدات المستوى السياسي في تل ابيب يوميا ضد السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس، واخرها ما صرح به رئيس الموساد السابق افرايم هليفي فى حديثه لإذاعة الجيش صباح الثلاثاء 5 كانون الثاني - يناير 2010، بأن السلطة الفلسطينية ورئيسها وأجهزتها الأمنية مجرد عبء يجب التخلص منه.
المسؤول الاسرائيلي هذا، وهو مدير مركز تامي شتاينمتس لأبحاث السلام قدم في الثاني من هذا الشهر دراسة ضمت استنتاجاته وتوصياته لحكومة تل ابيب اشار فيها إلى ان رئيس السلطة لا لزوم له وآن الاوان للتخلص منه لانه يشكل عبئا على اسرائيل هو وسلطته واجهزته وان اسرائيل يجب ان تعمل على ايجاد بدائل عنه.
يبدو الامر واضحا الان، ففي الوقت الذي يصر فيه الرئيس محمود عباس على موقفه بوقف الاستيطان قبل البدء في اية مفاوضات، وهذا ليس شرطا فلسطينيا وانما استحقاق يجب على اسرائيل تنفيذه وفق خارطة الطريق، في هذا الوقت، وبعد فشل اسرائيل في اغتيال الرئيس ابو مازن سياسيا وشعبيا بسبب مواقفه المستمدة من الثوابت الفلسطينية، وبعد اسقاط مخططات اسرائيل في البدء بانتفاضة جديدة من خلالها تظهر اعلاميا – وهي القادرة على ذلك – مظهر الدولة المدافعة عن نفسها من الارهاب الفلسطيني وتعطي نفسها الحق بتدمير البنية التحتية والمؤسسات والاقتصاد والامن الفلسطيني، تلجأ القيادة السياسية في تل ابيب الى مناوراتها في التهديد والوعيد، من اجل اجبار الجانب الفلسطيني على الجلوس على طاولة المفاوضات دون ان تنفذ اسرائيل التزاماتها تجاه العملية السلمية.
قد يبدو لاسرائيل في محاولاتها للضغط على الفلسطينيين ان الشعب الفلسطيني نسي تدميرها البنية التحتية وقصف المقرات الامنية واغتيال قادتها، واشهرها اغتيال ياسر عرفات وتدمير مقر الرئاسة الفلسطينية خلال انتفاضة الاقصى، فها هي تكرر نفسها ولكن بطريقة اكثر وقاحة الان، الا انه وكما يبدو، ان الرئيس محمود عباس يمتلك الاوراق السياسية والدولية الاكثر فاعلية في هذا الصدد، وهذا يعود الى حجم التاييد الدولي والشعبي العالمي للقضية الفلسطينية، والذي استطاع الرئيس الفلسطيني حشده خلال فترة حكمه.
خلال برنامج صباح الخير إسرائيل الذي يقدمه الصحفي غازي بركاعي على قناة الجيش الاسرائيلي تساءل الرئيس السابق للموساد ما هي قيمة أبو مازن بالنسبة لإسرائيل؟. وهنا يبدو ان السياسي الاسرائيلي لا يعرف أن الرئيس ابو مازن يدرك تماما هذا الموقف الاسرائيلي، والذي اشار اليه بنفسه خلال فعاليات ذكرى انطلاق الثورة الفلسطينية، حين ارتفع صوت سيارة اسعاف في مقر المقاطعة برام الله اثناء خطاب الرئيس محمود عباس، حين قطع الرئيس خطابه ليشير الى احتمالية ان يكون هذا صوت الاليات العسكرية الاسرائيلية، وانها اعتادت على اجتياح الاراضي الفلسطينية وعلى عمليات الاغتيال، في اشارة واضحة الى عدم ثقته باسرائيل. كانت رسالة واضحة الى العالم..
رئيس الموساد السابق هليفي قال خلال ذات المقابلة انه يجب على اسرائيل التفاوض مع حماس بصورة او باخرى، هو نفسه قال في كتابه من الظلال: في ثنايا الأزمة في الشرق الأوسط، من الرجل الذي قاد الموساد، إنه قبل أيام معدودة من محاولة اغتيال خالد مشعل في عمان عام 1997، نقل الملك حسين إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه بنيامين نتانياهو، اقتراحاً، عن طريق ممثل للموساد، من قيادة حماس للتوصل إلى هدنة لمدة ثلاثين عاماً، إلا أن الاقتراح وصل إلى نتانياهو بعد محاولة تنفيذ الإغتيال. اذا، هكذا يريد الاسرائيليون ان يلعبوها ايضا الان، خلق الازمات ومن ثم طرح مشاريع سلام – حلول - بديلة، تعزيز الفصل بين الضفة والقطاع وطرح سلام وهدنة مع حماس، ما يعزز الانقسام ويسهل على اسرائيل ومن معها تطبيق حل الدولة المؤقتة دون القدس واللاجئين – اقتراح حماس الاساسي – لينتهي الامر بانجاز لحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة.
هنا، يجب على اسرائيل ان تعي جيدا ان القيادة الفلسطينية التي تخطت كافة المؤامرات التاريخية ضد القضية الفلسطينية، ومن هذه القيادات وعلى راس هرمها الان الرئيس محمود عباس، تعرف جيدا كيف تستخدم الاوراق السياسية، فمنذ سجن كامب ديفيد كما اسماه الرئيس ابو مازن في كتابه المسيرة السياسية في الشرق الاوسط وحتى اللحظة، لقنت القيادة الفلسطينية اسرائيل ومن معها دروسا في فن السياسة، اظهرت ان تل ابيب مسرح لحكومات تساقطت متتالية كونها غير بالغة سياسيا لاي اتفاق سلام، ويبدو ان احد تلاميذ هذه المدرسة وهو رئيس الحكومة الاسرائيلية الحالية بنيامين نتنياهو، والذي عاش قصة سقوط سياسي قديمة، يحاول الثأر الان من تلك القصة. لا احد يمكنه التعليق على ذاكرة نتنياهو الان سوى الرئيس محمود عباس، فهل لديه المزيد من الضربات السياسية الموجعة لاسرائيل!!
التعليقات (0)