لعل قصة اليهودية في إثيوبيا قديمة اذ تسربت إلى الحبشة عن طريق اعتناق قبائل الأجاو (Agao) لهذه العقيدة. ويرجح أن اليهود وصلوا إلى الحبشة على أثر تفرقهم أواخر القرن السادس قبل الميلاد حيث ضرب يختصر البابلي بيت المقدس وشتت بني إسرائيل.
ويعرف اليهود في الحبشة باسم قبائل الفلاشا ، وقد كون هؤلاء قري او مجمعات صغيرة في مناطق غرب إثيوبيا ، وصارت هذه المستعمرات خلايا للدعاية اليهودية فضلاً عن النشاط التجاري ، ولا يخفى أثر اليهودية في الأفكار السياسية والدينية لمملكة الحبشة تاريخيا، منها أسطورة تسلسل ملوك الأحباش من سلالة سليمان الحكيم وزوجته ملكة سبأ التي يسميها الأحباش ماقده (Makeda) . يسمي اليهود أنفسهم كيلا Kayla أو بيت إسرائيل Betaisrael ويسميهم الإثيوبيون فلاشة Falasha أي المنفيون أو المهاجرون.
الآراء في أصلهم مختلفة وموطنهم اليوم منطقة سيمن الجبلية شمال بحيرة تانا ولا يعرف عددهم على وجه اليقين، والأغلب أنهم لا يتجاوزون 30 ألفاً هُجّر منهم أكثر من أربعة عشر ألفاً عامي 1984 و1985 إلى فلسطين المحتلة طبقاً لاتفاق عقد بين الإسرائيليين والحكومة الإثيوبية. ومذهبهم توراتي خالص، أي أنهم يعترفون بأسفار موسى الخمسة وحدها المترجمة إلى الجعزية وهي لغتهم الدينية وبها وضعوا مؤلفاتهم ، ولكن لغة الحديث عندهم هي الأمهرية أو التغرينية .
ولهذا اهتمت إسرائيل باليهود الفلاشا على أساس أنهم نسل السبط الضائع فى أفريقيا وتمت عمليات هجرات لمجموعة منهم في عهد الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري عبر قرية (عروسة) السودانية علي شاطئ البحر الأحمر، وبعد انهيار حكومة مايو كشفت تقارير عن تسللات واختراقات إسرائيلية للحدود السودانية. و النشاط لإسرائيلي في الحدود السودانية الإثيوبية يقوم علي عدة محاور منها
مشروع تنمية الجذور
وهو مشرع تبنتة الحكومة الإسرائيلية بالشراكة مع الحكومة الفيدرالية الإثيوبية بموجبة تنال الحكومة الإثيوبية دعما في شكل مشاريع تديرها شركات اسرئيلية تهتم بتعليم وتدريب وتاهيل وترحيل اليهود الفلاشا وتنظيم شئونهم وتمليكهم مهارات وفرص عمل ، وقد أقيمت هذه المعسكرات بالقرب من منطقة تمت في شرق العطبراوي في ولاية القضارف، واتم استيعاب قرابة 800 من عناصر الفلاشا واعدت لهم مزرعة جماعية ودور عبادة وورش حدادة ونجارة ومعهد لتعليم اللغة العبرية وكان القصد منها تأهيلهم حتي عندما يهاجروا إلي إسرائيل يكونوا أصحاب مهن .
وبالتالي يمكن لإسرائيل أن تجد عمقا استراتيجيا ويمكنها من إقامة محطات تجسس واستماع سرية تشكل تهديدا جديا للأمن القومي السوداني علاوة علي إمكانية قيام هذه الوحدات بدعم وتدريب أي حركات مسلحة لها النوايا في تهديد السودان امنيا.
الدعم الإسرائيلي لإثيوبيا
انهالت المعونات المالية والعسكرية والتقنية اليهودية على إثيوبيا، وتدفق الخبراء العسكريون اليهود ، وأقاموا معسكرات تدريب للأحباش على حرب العصابات للعمل ضد الجماعات في إريتريا والأوجادين حتى بلغ عدد العسكريين اليهود في الحبشة ثلاثة آلاف خبير عسكري يعملون في مختلف القطاعات .
وذلك للسيطرة علي النظم الحاكمة في إثيوبيا وربطها بالدعم والتسليح في مقابل تحقيق شيئا من التواصل مع اليهود الفلاشا وقد تلاقت الرغبة الإسرائيلية والإثيوبية حيال مسالة الفلاشا ،خصوصا وان التعداد السكاني في إثيوبيا تجاوز ال70 مليون نسمة لذلك يكون تهجير الفلاشا حلا لم تكن تتوقع القيادة في إثيوبيا خصوصا وإنها تجد مشاريع ودعم وفتح لفرص العمل لشعبها.
تهريب المنتجات السودانية إلي إسرائيل
وتقود هذه العمليات مجموعة من الشركات الإسرائيلية لتهريب المنتجات السودانية الي إسرائيل وأهمها الصمغ العربي والسمسم والفول السوداني والذرة الرفيعة ، وقد اشتهرت( شركة زهرة) الإسرائيلية التي يملكها المدعو( ملس قيتا) وهو من اليهود الفلاشا و(شركة علي عبدو) وهو يهودي من أصول يمنية وشركة (متن) ، ومعهم مجموعة شركات أخري أبرزها( شركة انكودا) بتهريب هذه المنتجات عبر الأراضي الإثيوبية إلي إسرائيل ، وقد بلغت بهم الجرأة إن أصبحت إثيوبيا الدولة الأولي في تصدير الصمغ العربي في العالم في عام 2001م علي إن الأراضي الإثيوبية ليس بها شجرة هشاب واحدة .
دعم الجبهات المناوئة للخرطوم
موشى فرجي العميد السابق في جهاز المخابرات الإسرائيلية الموساد يقول في دراسة له تحت عنوان "إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان نقطة البداية ومرحلة الانطلاق" : إن "إسرائيل" قررت احتواء أفريقيا والانتشار في قلبها للاقتراب من السودان والإحاطة به
وفي هذا السياق نلحظ الدعم غير المحدود الذي حظي الجيش الشعبي لتحرير السودان إبان فترة نزاعه مع حكومة السودان .والان تتمظهر في دعمها للحركات الدرفورية المسلحة وبالأخص (حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور) . التي تناهض الحكومة في الخرطوم وفي هذا السياق فان أفضل الممرات لتهريب المتمردين عبر بوابة اللجوء إلي إثيوبيا واريتريا ومنها إلي إسرائيل التي احتضنت هذه الحركة المتمردة
أهداف الوجود الإسرائيلي في إثيوبيا:-
وتسعى إسرائيل من جراء وجودها في إثيوبيا إلى تحقيق أكثر من هدف واحد انطلاقا من المتغيرات التالية:
1. وجود جالية يهودية كبيرة في إثيوبيا "يهود الفلاشا" ، ويتطلب وجود إسرائيل قربهم لأنهم يمثلوا العنصر الجاهز لمد إسرائيل بالقوي البشرية خصوصا وان الفارق الديمغرافي كبير بين إسرائيل والعرب .
2. ارتباط القرن الأفريقي بالبحر الحمر والخليج العربي وان كانت إثيوبيا ليست لديها مواني مع البحر الأحمر إلا أنها تمثل القاعدة الحيوية الإسرائيلية في مناطق جنوب البحر الأحمر والضمان لآمن إسرائيل.
3. والوجود الإسرائيلي في المنطقة يساعد على تحقيق متطلباتها الأمنية ،في كل أفريقيا ويساعدها في أي صراع يمكن أن ينشب مع العرب مستقبلا
وإذا نظرنا إلى إثيوبيا نجد أن إسرائيل ظلت علي صلة وثيقة بها ، بغض النظر عن طبيعة النظام الحاكم وتركز محور تثبيت ودعم تلك العلاقات في دعم قومية الأمهرا سابقا ثم تحول ألان إلي قومية التغراي
هذا الانفتاح لم يكن يستهدف إثيوبيا فحسب بل وصل عدد الدول التي أقامت إسرائيل معها علاقات 32 دولة إفريقية وذلك في الفترة الممتدة من 1956 إلى عام 1977م وذلك بناء على دراسات أقامها "مركز ديان لأبحاث الشرق الأوسط وإفريقيا"، التابع لجامعة تل أبيب عام 2003م .
التعليقات (0)