استهجن فتوى القرضاوي صحيفة القدس: عباس... العبء الثقيل والطريق الشائك
رام الله – استهجن الكاتب محمد جلال عناية المقيم في اميركا في مقالة له نشرتها صحيفة القدس في عددها الصادر، اليوم، فتوى العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، التي تحث على رجم الرئيس محمود عباس في مكة، والمتعلقة بتقرير غولدستون حول مسؤولية كل من إسرائيل وحركة حماس المتفاوتة عن مخالفات وجرائم، وقعت خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة. يقول الكاتب: صدمت لصدور مثل هذه الفتوى في شأن سياسي. وأنني لا اعرف الكثير عن توجهات الشيخ القرضاوي السياسية، ولكنني استمعت كمشاهد في أوقات متقطعة، لفتاوى تتعلق بشؤون الناس المعيشية والاجتماعية، فكان فضيلته يسهل على الناس من المسلمين عملية تأقلمهم في مجتمعاتهم الغربية الجديدة، انطلاقاً من وعي واسع بتحديات العصر، وبفهم عميق لروح الإسلام. ويضيف، مع رفضنا القاطع لما ذهب اليه فضيلة العلامة القرضاوي من حيث المبدأ، لطرح هذا الأسلوب المستهجن لمعالجة الخلافات السياسية، فإننا نتساءل ان كانت قد غابت عن ذهن الشيخ القرضاوي العواقب المترتبة على هذه الفتوى، والتي تشمل التحريض على قتل رئيس عربي، وما يلحق بذلك من إثارة فتنة تأكل الأخضر واليابس. ويتابع: اننا نرى بأن يقوم فضيلة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي، ان كان على هذا القدر من الغيرة على أهل قطاع غزة وما أصابهم، بهذه القفزة العشوائية الواسعة في تحديد المسؤوليات عن ما أصاب قطاع غزة واهله في حرب الشتاء «٢٠٠٨-٢٠٠٩»، فيبدأ بذيول تقرير غولدستون، مما يجافي العقل والمنطق. المحزن فلسطينياً، ان حروبنا دائماً موجهة ضد بعضنا البعض، يقول الكاتب، فبعد فوزها في انتخابات «٢٠٠٦»، كانت حروب حماس موجهة ضد حركة فتح، وعمدت الى ان تسدد لها ما تعتبره في تقديرها ضربات قاضية. وتمثلت هذه الضربات في استمرار العمل المسلح ضد إسرائيل، لإظهار الحركة على انها متخاذلة. وفي الإعلان عن تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، لاتهام فتح بتقديم تنازلات لإسرائيل. وفي الإعلان المتكرر عن عدم الاعتراف بإسرائيل، لاتهام فتح بالتفريط. ويشير الكاتب جلال عناية في مقالته الى انه في غياب الحسابات الدقيقة والقرارات المسؤولة، ومع الاختلال الصارخ في موازين القوى لصالح إسرائيل، فإن حركة حماس أسقطت من حساباتها التربص الإسرائيلي بها وبالشعب الفلسطيني، للبحث عن ذريعة لتوجيه سلاحها الجهنمي الى الشعب الفلسطيني، مدنيين ومقاتلين، في غزة، بزعم ان حماس تسعى الى تدمير إسرائيل بصواريخها، التي كان يصفها الرئيس عباس بالعبثية.. ولعل حماس أدركت بنفسها من خلال نتائج حرب الشتاء الكارثية على غزة، ان ضرر صواريخها قد فاق نفعها، فتوقفت عن إطلاقها منذ ذلك الحين. ويتوجه الكاتب لفضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، بالقول:بأننا لا نضع الرئيس محمود عباس في صف الملائكة، ولا نحشره كذلك في زمرة الشياطين، بل سوف نفترض انه واحد من الرؤساء العرب..وفوق ذلك سوف نحمله المسؤولية ظلماً عن استفزاز إسرائيل، واستدراجها الى حرب مدمرة للحجر وما حققه للبشر، دون اخذ العواقب بعين الاعتبار. وانه مسؤول عن تجميد السلاح العربي، من دبابات وطائرات وصواريخ، ومنع استخدامها لنجدة أهل غزة، وهم يحترقون في اتون الأسلحة الإسرائيلية المتطورة والفتاكة، والمسؤول حتى عن عدم التلويح باستخدامها ومسؤول حتى عن عدم خفض جزئي لضخ النفط العربي، للضغط على إسرائيل عسكريا على المستوى الإقليمي، وعلى المجتمع الدولي نفطيا على المستوى العالمي، لإنقاذ اهالي غزة العزل من بين براثن الة الفتك العسكرية الإسرائيلية. ويضيف: انطلاقا من روح العدالة الإسلامية، ومن نبض الضمير الحي، ننتظر من فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، ان كان يريد ان يتمسك بعقوبة الرجم في مكة التي نرفضها من حيث المبدأ، ان يتجلى بشجاعة المؤمن، وان يتوخى العدالة في وضع قائمة جديدة تشمل عشرات الحكام العرب والقادة العسكريين، الذين يتحملون المسؤولية المباشرة وغير المباشرة عن الذي أصاب قطاع غزة وأهله من دمار وفناء، ليطبق عليهم فضيلة العلامة القرضاوي عقوبة الرجم في مكة، قبل ان يصل الدور إلى الرئيس محمود عباس الذي سنحمله المسؤولية اعتباطا عن تقرير غولدستون الذي جاء في أذيال حرب الشتاء على غزة، دون ان نوفر له الفرصة للدفاع عن قضيته. ويتابع: سبق وقلنا لفضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، بأننا لا نضع الرئيس محمود عباس في صف الملائكة ولن نحشره في زمرة الشياطين، وسوف نعتبره واحدا من الحكام العرب، ونتساءل ان كان فضيلته قد افتى برجم الحكام والقادة العسكريين العرب المسؤولين عن هزيمة ١٩٦٧/٦/٥ في مكة. تلك الكارثة التي تبدو مضاعفاتها ستظل تأخذ بتلابيب الأمتين العربية والاسلامية على امتداد عشرات السنين، وبقي المسؤولون العرب في مناصبهم الى ان انتهت آجالهم بأمر ربهم. ويختتم الكاتب عناية مقالته بالقول: اننا نقول لفضيلة العلامة الجليل الشيخ يوسف القرضاوي بأن الشعب الفلسطيني لن يتنازل لفضيلته عن حقه في محاسبة الرئيس محمود عباس الذي انتخبه، عندما يرى ما يوجب هذه المحاسبة، وانه سيتولى أمره على ضوء المصالح الوطنية، بالإرادة الشعبية نفسها، وبالأسلوب الحضاري نفسه، من خلال صناديق الاقتراع. والسلام على من اتبع الهدى.
التعليقات (0)