مواضيع اليوم

استنطع شكرا !!

hakika arabia

2010-01-24 18:18:09

0

بقلم: نوارة نجم / عن جريدة الدستور



 اجتاز الشعب المصري، بتفوق، دورات التسول التي تجرعناها بكرة وعشيا، والمتمثلة في حملة: «اتبرع ولو بجنيه» بالتوازي مع عرض عورات المرضي، وذلك لخدمة هدفين: تعليم الفقراء التسول + تعليم الأغنياء البلادة، والتأكد من أن مالهم لا يذهب إلا لواحد بيفرفر. 

راقب سلوك الأغنياء بعد تلك الجرعات المكثفة، أخبره بحالة تحتاج إلي مساعدة: «هممممم، وعندهم ميه؟ آآآه، وكهربا؟ طاااب ما عندهم ميه وكهربا أهو..آآآه، مش بيشتغل ليه؟ بياخد كام؟ همممم، أمال مش مكفيينه ليه؟ إوعي يكون بيشرب سجاير..بيتعاطي حاجة؟ بيصلي؟ إوعي يكون بيفطر في رمضان .. بيشتم مراته؟ مش متجوز؟ إوعي يكون شاذ.. طب أنا ممكن آجي أبص بصة كده؟ ماهو واقف علي رجليه أهو... آآآه.. طب أنا ممكن آخده عيادة يكشفوا عليه عشان نتأكد بس من التحاليل دي لتكون بتاعة حد تاني..» الغني الآن يسأل عن الفقير المحتاج لمائة جنيه أكثر مما يسأل عن المتقدمين لخطبة ابنته، لذا، فعادة ما يكون المساكين القابلين لصدقته أفضل من زوج ابنته الذي تنتهي حياتها معه بطلاق يدفع فيه الأب دون أن يسأل أسئلة نجمة إبراهيم التي يطرحها حين يطلب منه صدقة لمسكين. 

إن كنت فقيرا، فلم يعد مسموح لك أن تكون ممن تحسبهم أغنياء من التعفف، عليك أن تشغل اسطوانة أتوبلاي: «والنبي يا أبله الله يخليك ده أنا مراتش خالي مريضتش سكر وبنتش أخويا بعيد عنك عندها سرطان وأنا باصرف علي ولاد جوزي اكمنه بيصرف علي مراتش أبوه المشلولة بعد ما ابن عمه رماها من الشوباك.. والنبي يا أبلة كل سنة وانتش طشيبة»، هذه الاسطوانة تعمل وتعاد ذاتيا حتي والفقير يستخرج رقمه القومي. 

هذا وقد شاركت شركات المحمول في الانتقال بالمجتمع من التدهور الأخلاقي إلي التدهول الإنساني من خلال بعض الإضافات البسيطة: كلمني شكرا.. اشحن لي شكرا.. وكل أشكال التسول مع الالتزام بأخلاق القرية: «شكرا». 

ثم دخلت شركات المحمول بكل ثقلها الوطني.

بعد التسول من الطبيعي أن تتعلم الفراغ، ولأن الطفل المصري هو الأذكي في العالم، انتقلنا بسرعة إلي الصف الثاني: ادينا بندردش ورانا إيه؟ ورانا إيه؟

والآن، الناجح يرفع إيده بمناسبة انتقاله إلي الصف الثالث نطاعة مدرسة: «إدفع لي شكرا» الثانوية بنات، التي افتتحتها إحدي شركات النوباين اقتداء بزميلتها صاحبة مدرسة «ورانا إيه؟» الإعدادية بنين. 

ولست أقل وطنية من شركات النوباين، وعندي اقتراحات للنهوض بخطة التدهول الإنساني، منكن مثلا، «إديله علي قفاه شكرا»: خدمة تجعلك تسحب من رصيد الطرف الآخر دون علمه، وحين يحاول الاتصال يفاجأ بنفاد رصيده وتطلع له الست الرغاية إياها وهي بتعمل كده: نياهاهاهاااع هااااااع. منكن «اتجسس شكرا»: خدمة تجعل الطرف الآخر يعتقد أنك أغلقت الخط بينما أنت تسمعه وهو يقول: غووور..أكلت دماغي. منكن «استندل شكرا»: بعد قبولك تسديد قيمة مكالمة النطع صاحب «ادفع لي شكرا»، وبمجرد أن يعيد النطع شحن البطاقة، يتم سحب رصيده فورا، بالفايظ، علي خط النذل، اللي هو أنت، وتطلع له نفس الست وتضحك نفس الضحكة.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !