مواضيع اليوم

استقبال السفير .. تصرف حقير ..

محمد شحاتة

2009-09-22 13:21:03

0

الذي لا يعرف مصر وطبيعة شعبها .. ربما يختلط عليه الأمر ويذهب فيها كل مذهب ..

ولكن الذي يمعن النظر ويخلص النظرة .. يجد أن مصر الراكنة .. الراكدة .. الراقدة في ظاهرها ..

إنما هي تمور..  وتعج بالحركة في باطنها .. بلا أدنى مبالغة ..

فمصر و إسرائيل عنصران .. متنافران .. متضادان .. لايجتمعان معا..ولا يمتزجان معاً ..

حتى ولو تعاونت وتكالبت قوى الدنيا على محاولة تغيير هذه المعادلة القــــدَرية ..
وقبول أحدهما للآخر كقــدر..  أمر يتوقف على مدى إيمانه بصحة هذا القدر .. أم بوهمه وكذبه ..
لذلك تحمل الجينات الوراثية المصرية منذ أربعينيات القرن المنصرم .. وحتى يشاء الله .. المشاهد الكاملة لتخليق الكائن الإسرائيلي ..وتحضيره في معامل الاستعمار الغاصب .. وغرسه في الجسد العربي عنوة وقهراً ..

ثم محاولة استخراج شهادة ميلاد رسمية لهذا الكائن .. و "فبركة" أوراق وسندات شرعيته وموجبات قبوله ..

ولم تستطع أربعة حروب .. وعشرات المعارك..  ومئات الاعتداءات .. وآلاف التحرشات..  ومئات الآلاف من القتلى..

لم تفلح جميعها ومثلها معها  في أن تنتزع من الشعوب العربية .. والشعب المصري على وجه الخصوص "خاتم " الاعتراف بذلك النسب المزيف وذلك الجسد اللقيط..

تكتلات .. وتضييقات .. ووعد .. ووعيد..  وتخويف .. وتهديد من الدول "العظمى" لم تكل ولم تمل لمحاولة فرض إسرائيل العرب ..

نجحت محاولاتهم وضغوطهم مع الحكومات " معظمها تحديدا" .. لكنها لم تنجح أبداً مع الشعوب " جميعها تحديداً" ..

وهذا ما يقلق الدول العظمى وإسرائيل .. لأنهم يدركون أن اعتراف الحكومات العربية في جميع الاتفاقيات والمعاهدات التي أبرمت والتي سوف تبرم بإسرائيل كدولة .. إنما هو كمثل الحبر على الورق .. ما لم يكن نابعاً من عقيدة ويقين الشعوب ..

والشعوب لن يتوافر عندها هذا اليقين..  ولا تلك العقيدة حتى لو ضُــربت بالقنبلة النووية..  مالم تسترد من إسرائيل حقوقها المسلوبة وأراضيها ومقدساتها المغتصبة ..

لذلك وأنا هنا سأتحدث عن مصر بالخصوص .. سيلاحظ " المتحيرون" تلك الازدواجية العنيفة في العلاقة المصرية الإسرائيلية ..

نعم .. هناك اتفاقية تربطنا..  وسفارة .. وعلاقات دبلوماسية..  وبعض العلاقات التجارية "المفروضة فرضاً بسلاح المعونة" كالكويز وغيرها .. وهناك لقاءات.. وزيارات متبادلة .. وابتسامات مفتعلة..  ومحاولات مفاجئة ومتعمدة " للف" الذراع على الكتف للإيحاء بالحميمية ..

كل ذلك وأضعافه لم ..ولا .. ولن يغير..  ولن يؤثر في جينات الشعب المصري المتوارثة .. من كراهية .. واشمئزاز وعداء "مكتوم" لإسرائيل .. ينفجر ويتصاعد مع كل اعتداء إجرامي .. وتحرش بربري تمارسه إسرائيل بأهلنا في جنوب لبنان..  وفلسطين.. وبجنودنا على الحدود ..

لا تخلطوا بين الشعب ومشاعره .. وبين سياسته التي تمثلها حكومته ونظامه ..

فهناك اتفاقية بيننا وبينهم .. نعم .. نعرفها ونعرف بنودها جيداً ..

ولكننا نعرف أيضاً كيف نتعامل معها .. دون أن نسقط من حساباتنا .. ومن أحضاننا قضيتنا ..وفلسطيننا .. و لبناننا..  وجولاننا..

أعطيناهم سلاماً بارداً كالثلج مقابل أراضينا ..

ولن تفرض علينا هذه الاتفاقية .. ولا معاهدات .. ولا تهديدات الدنيا جميعها احتراماً لمن لا يحترمنا..  

ولا رضاء على من ينتهك أراضينا .. ويقتل أولادنا .. ويحاول خنقنا .. وقتلنا عطشاً بتأليب دول حوض النيل علينا ..

ويحاول حصارنا بقنابله ومفاعلاته .. ويحاول بث الفرقة فينا وأسباب الوهن والضعف ..
لذلك فلتفعل الحكومات ما تشاء أمام فلاشات وعدسات الكاميرات بل وخلف كواليس المسارح ..

ولكننا كشعوب .. لنا الكلمة العليا .. ولنا الكلمة الأخيرة .. وعندنا فصل الخطاب ..

وهذا ما تنبهت له إسرائيل ولم تغفل عنه أبداً ..

فلم تتوقف محاولاتها لاختراقنا من الداخل.. حاولت  مد الجسور الوهمية الكاذبة من التواصل مع طبقات من المثقفين والإعلاميين ورجال الأعمال والمصريين الباحثين عن عمل أو عن صفقة أو عن أي شيء .. ولم تسفر عن شيء يغير تركيبتنا نحوها ..

كلها محاولات كمثل نطح الماعز للجبل .. ليست إلا كقشور تنمحي بالتجديد الطبيعي للجلد ..

لذلك فإن الشعب بطوائفه ..ونقاباته .. وجمعياته..  وأطيافه قد حرم إسرائيل على نفسه حرمة الدم أو حرم النسب ..

فلا تطبيع .. ولا تعامل .. ولا تواصل قبل أن يسترد أخواننا في العروبة حقوقهم وأراضيهم ومقدساتهم السليبة ..

وليس أدل ولا أشرف دليل على ذلك الترابط والتلاحم الشعبي من تحريم البابا شنودة الثالث على المسيحيين الحج إلى بيت لحم في فلسطين إلا بعد عودتها إلى العرب وليدخل العربي المسيحي ممسكا بيد أخيه العربي المسلم إلى القدس الفلسطينية العربية ..

هذه هي مصر التي لا تعرفونها ..

 وليس أدل على ذلك من حكم المحكمة الإدارية المصرية بإسقاط الجنسية عن المصريين الذين ساقتهم قدمهم إلى إسرائيل للعمل أو الزواج أو الإقامة فيما يؤكد يقظة الشعب بكافة أطيافه ومؤسساته  واستنكاره لأي تواصل أو تطبيع مع الاسرائيليين ..
لذلك لم يكن غريباً ذلك الإندفاع المحموم..  والاستنكار .. والاستهجان للجرم غير المسئول الذي ارتكبته الصحفية هالة مصطفى " ومن وراءها" والتي هي عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني..  ورئيسة تحرير مجلة الديمقراطية بمؤسسة الأهرام العريقة "إحدى قلاع وحائط من حوائط الصد " عند الشعب المصري..

وذلك عندما استقبلت السفير الإسرائيلي شالوم كوهين بقلب مبنى مؤسسة الأهرام .. في تصرف له مغزاه ومعناه ..

ومهما كان المقابل .. أو الثمن .. أو العلم والسماح من الخارجية أو أجهزة الدولة ..

فهو تصرف شديد الإجتراء والوقاحة والمساس بمشاعر الشعب المصري ..

فجميع سفراء إسرائيل وبلا استثناء لعنوا اليوم الذي تم اختيارهم للعمل في مصر..

وذلك لمعاناتهم من ذلك الكم الهائل من الانعزالية والنفور والكراهية من الشعب المصري ..

لذلك تكثفت المحاولات لضرب هذا الحاجز عن طريق جذب مجموعات كمجموعة كوبنهاجن وغيرها من التصرفات الفردية للإيحاء للشعب بقبول سياسة الأمر الواقع إلا أن ذلك كله لم يفلح ..

ذهبت جماعة كوبنهاجن وذهبت ريحهم .. وبقي الشعب .. وبقيت الكراهية ما بقيت الحقوق العربية مغتصبة ..

وإذا كان هناك من إخواننا في العروبة والمصير من لم يستوعب تلك الازدواجية بين الشعب وسياسة حكومته ..

فإن هناك من قلب إسرائيل من يتفهمها ويقدرها ويقدر مشاعر الشعب المصري تجاه بلده إسرائيل  ..

إنه مدير تحرير صحيفة "ها آرتس" الإسرائيلية الكاتب الإسرائيلي «بينى تسيفار» ..

الذي وصف قرار النقابات المهنية المصرية برفض التطبيع مع إسرائيل، بأنه رد فعل "سلمى"  ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، وضد الظلم المستمر الذي تمارسه إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.

وأكد الكاتب، فى إطار تعليقه على قرار إحالة الدكتورة هالة مصطفى، رئيس تحرير مجلة الديمقراطية، للتحقيق بسبب استقبالها السفير الإسرائيلي فى مكتبها بالأهرام،

 أنه يتفهم اشمئزاز المصريين، وتقززهم من السفير الإسرائيلي شالوم كوهين، ومن أفراد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية فى القاهرة، بسبب الإجراءات الأمنية غير العادية التي تحيط بهم، وتتسبب فى شلل عام يضرب كل مظاهر الحياة فى كل مكان يزوره السفير الإسرائيلي أو أحد أفراد بعثته.
ويقول مدير تحرير الهاآرتس الإسرائيلية ..

لقد اتخذت النقابات المهنية المصرية قراراً، منذ فترة طويلة، بفرض المقاطعة الشاملة على كل من يقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل، طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وطالما ظل الفلسطينيون يرزحون تحت نير هذا الاحتلال،

وأنا أعتقد أن هذا القرار يحظى بالشرعية الكاملة، حتى لو لم يكن يعجبنا نحن الإسرائيليين الذين نريد أن يحبنا العالم كله، ويمتدحنا قائلاً: «أنتم رائعون، أنتم مدهشون».
فالمقاطعة الشاملة التي تفرضها النقابات المهنية المصرية على إسرائيل هى رد فعل سلمى ضد الظلم المستمر،

وتعبير عن التضامن مع شعب يتألم ويكابد، وليس معنى ذلك أن كل شخص ينتمي لنقابة مهنية مُطالب بأن يقاطع الإسرائيليين،

ويبصق عليهم كلما رآهم فى الشارع، فالمصريون، على النقيض من القراء الإسرائيليين الذين لا تفرق تعليقاتهم بين اليمينيين واليساريين،
يعرفون كيف يفرقون بين ما هو شخصي وما هو عام بصورة منطقية جداً،
ويستطرد الكاتب : 

وعلاوة على ذلك، أنا أتفهم، بل أتعاطف مع اشمئزاز المصريين وتقززهم من البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية، ومن السفير الإسرائيلي. ويجب عليك أن تزور القاهرة، لكي تدرك ذلك، وترى بنفسك جميع الإجراءات الأمنية، التي تخدش عيون الناظرين، حول السفير والسفارة.
وفيما يخص قضية هالة مصطفى يقول الكاتب الاسرائيلي :

وإذا عدنا إلى قضية الصحفية المصرية التي استدعيت للتحقيق، فتعالوا نتفق أن لكل مجتمع محظوراته التي يتشبث بها. فنحن، مثلا، لا نقبل بإنكار المحرقة النازية، وهناك قضايا أخرى تعد من المحظورات فى العمل الصحفي عندنا،
ومن ذلك على سبيل المثال فقط، أننا يستحيل أن نكتب أن جندياً إسرائيلياً قتل مجموعة من الفلسطينيين بدم بارد،

ولكن أقصى ما يمكن أن نكتبه أنه قتلهم بطريق الخطأ، لكن يسمح فى صحافتنا، وربما يوصى، أن نكتب أن إرهابيين فلسطينيين قتلوا إسرائيليين بدم بارد.
وخذ عندك مثالاً آخر: ينبغى على الصحفيين الإسرائيليين الالتزام بقانون الرقابة العسكرية، ومن السهل جدا إغلاق صحيفة، أو إيقاف طبعها إذا لم تلتزم بأوامر الرقابة العسكرية. 

انتهى المهم من مقال الها آرتس"

فاستقبال السفير في مبنى الأهرام تصرف يثير الاشمئزاز بحد وصف الصحفي الاسرائيلي وهو تصرف حقير بحد وصفنا الذي لا يختلف في معناه عن الإشمئزاز وليس دفاع هالة مصطفى عن نفسها بسابقة غيرها في نهج ذات التصرف له معنى يخفف من طبيعة هذا الجرم ولكنه يكشف أبعاد الجرم وتكاثر عدد المرتكبين له  ولا يضفي عليه شرعية أو قبولاً..  

العجيب أنهم يعرفوننا جيداً بينما نحن لم نعرف أنفسنا ..
وأخيراً رأيت أن أجعل هذا المقال بمثابة توضيح أو إضافة لمقال أستاذنا ومعلمنا وزميلنا المحترم الأستاذ جمال الهنداوي ..

ولولا طول المقال لجعلته أحد التعليقات على مقاله الجدير بالتناول ..

لولا ما رأيت أسفله من بعض زبد ورغاء ..سرعان ما ذهب جفاء .. وبقي ما ينفع الناس..

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !