استراتيجية الفوضى ٠٠ صناعتنا !
في (أحداث) ندوة المثقفين السعوديين في ملتقاهم الأخير الذي عقد بفندق ماريوت بالرياض ، أتسم الجدل وما يزال بالإحتقان وتبادل التهم المتضادة بين المثقفين السعوديين من جهة وبين الكاتب صالح الشيحي ومؤيديه من بعض الرموز الدينية من جهة أخرى إلى جانب شريحة كبيرة من المجتمع إثر إعلان الشيحي عن بعض المخالفات الشرعية في بهو الفندق على هامش الملتقى الثقافي ودخول معالي وزير الإعلام والثقافة من جهة أخرى في هذا السياق ٠
وبغض النظر عن طبيعة النقاش والتي أخذت منحى يتسم بالإحتقان والتشنج فإن الاستنتاج المنطقي الذي يمكن أن يبرر لتحول المخالفة التي ذكرها الشيحي والتي من المفترض أن تكون قاصرة على الأشخاص الذين كانوا طرف فيها إلى جدال أخلاقي واسع في كثير من وسائل الإعلام المقروءة والمرئية بين الإسلاميين من جهة والمثقفين السعوديين من جهة أخرى ، هو أن تلك المخالفات الشرعية التي تحدث عنها الشيحي والتي كما قلت كان من المفترض أن تكون قاصرة على الأشخاص الذين كانوا طرف فيها لم تكن سوى مدخلا لإثارة قضية ما ، ربما قضية الاختلاط وربما فقط لتحريك الصراع من جديد في هذا التوقيت بالذات ٠ فمن وقف ويقف وراء إثارة هذه الزوبعة ؟ ولماذا هذا التوقيت ؟!
هل هم "المثقفون" في محاولة منهم للعمل على (تطبيع) وجود المرأة السعودية في كل نواحي الحياة الاجتماعية والفكرية والثقافية ٠٠ ؟! أم هم "الإسلاميون" في محاولة للفت الانتباه لقضية أخرى في هذا التوقيت ؟! أم هو طرف ثالث يبحث عن إثارة ما يشغل الخصوم التقليديين ؟!
على أية حال : لا أتهم أحدا في هذا الجانب ، كما لا أؤيد طرفا أو أقف ضد آخر ، وأنما هو استنتاج قد يقود لحقيقة لم تكن هذه "الزوبعة" إلا نتيجة لها ، وهو قراءة لواقع يشوبه الغموض فمن الواضح أن الصدفة وحدها لم تكن وراء هذه "الزوبعة" ، على أن من أهم ما يدعم استنتاجي هذا هو المؤشرات التالية :
١- لم يصدر "استنكار" المخالفات الشرعية التي تحدث عنها الكاتب صالح الشيحي من أحد أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو أحد رجال الدين والمشائخ ، وهو الأمر الذي يدعو للتساؤل عما إذا كان أحد من المحسوبين على التيار الإسلامي دعي لحضور هذا الملتقى أم أن ثمة دعوة لم يستجاب لها ، وعما إذا كانت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعلم بموعد انعقاد الملتقى الثقافي ومكان انعقاده ، أم أن الهيئة تجاهلت ذلك ، أو أن أعضاء الهيئة لم يسمح لهم بدخول الفندق ٠
٢- حديث الكاتب الشيحي عن المخالفات الشرعية بإسلوب الخطاب الديني المشحون بالانفعال وليس بإسلوب الكاتب الصحفي والناقد الاجتماعي الذي اعتاد عليه القارئ ٠
٣- تزامن هذه "الزوبعة" مع تفعيل قرار قصر بيع المستلزمات النسائية على النساء أو ما عرف بتأنيث بيع المستلزمات النسائية ٠
٤- تطور الأحداث العربية على الصعيد السياسي ٠
٥- تزامن هذه "الزوبعة" مع صدور الميزانية ٠
٦- تسليط الضوء إعلاميا وبشكل أكثر تركيزا على هامش الملتقى وليس جوهره والقضايا الثقافية المطروحة للنقاش ونتائج نقاشها وتداولها ٠ وهو الهامش الذي نسب إليه صور من اللقاءات بين بعض المثقفين والمثقفات ثم تسريب هذه الصور ٠ ليلي ذلك مباشرة التراشق "بالألسن" بين الكاتب صالح الشيحي بعد "تغريدته" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وبين بعض المثقفين ، مع بعض المداخلات المؤيدة لطرف أو المعارضة لآخر على برنامج "ياهلا" بقناة روتانا ٠
٧- تأييد عدد من الرموز الدينية للشيحي لما أعتبر إنكارا للمنكر من مخالفات شرعية دون الإشارة إلى قضية الاختلاط في حد ذاتها ٠
٨- ما تلى ذلك من كتابات وإعادة لبث مقاطع من تلك الصور في أغلب المواقع على الانترنت وما صاحبها من ردود وتعليقات وصل بعضها للمئات ربما لو أخذ من حيث الكم والمضمون كمقياس إحصائي فقد يعكس ما نسبته أكثر من 70% مؤيدين الشيحي ، وهو ما يشير بشكل غير مباشر إلى رغبة ما في القول لمن (يهمه الأمر) : انظر ٠٠ أغلبية المجتمع لا توافق على محاولات (تطبيع) الاختلاط ! ٠٠
تركي سليم الأكلبي
التعليقات (0)