استدراكاً لصنعة العقل
بالأمس القريب تحدث الشيخ صالح المغامسي عن امنيته المتمثلة في تأسيس مذهب فقهي جديد يكون متماشياً مع العصر وقاطعاً لروايات لا يصح نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، تلك الرغبة قوبلت بالهجوم على الشيخ وكأنه تحدث بالكُفر، رغبة الشيخ تنسجم مع نظرية الاجتهاد الفقهي فالاجتهاد الفقهي حقُ مشروع لمن يمتلك أدوات المعرفة والإبداع والملكة أيضاً، لكن بذهني تساؤل بسيط، هل نحنُ في أمس الحاجة إلى تأسيس مذهب فقهي جديد؟ أم أن الأنسب إعادة قراءة التراث بعينِ فاحصة وتنقيحه وترجمة قيم الدين على أرض الواقع كسلوك وتعاملات وليس كشعارات وخطب رنانه وابراز بساطة وسماحة الدين بعيداً عن الغلو والتشبث بآراء فقهية كانت نتيجة لقراءات وظروف معينة..؟
أعتقد أن تأسيس مذهب فقهي جديد يعني محاولة التوفيق بين الشريعة الإسلامية والزمان، ذلك التأسيس أو تلك الرغبة ليست ابتداعاً كما ظن ويظن من يخشى من العقل والتفكير بل هي نتيجة للفهم الصحيح للدين لكن أليس أولى من التأسيس وتحميل المجتمعات مالا تحتمله التوقف عند محطة المراجعات الفقهية والبدء برحلة التنقيب والتدقيق العلمي والمنهجي..
لدى الأمة الإسلامية مذاهب أربعة ولديها فرق ومدارس ممتدة منذ القرن الرابع تقريباً ولديها باب أغلق منذ ذلك القرن تقريباً "باب الاجتهاد الفقهي" كل ذلك ليس حله تأسيس مذهب جديد بل البدء بماهو موجود فكاهل الأمة لا ينقصه إضافة جديده بل بإزاحة ماعلق به وإعادة بث الروح في الجسد من جديد، إذا لم تنجح تلك المحاولة فيمكن التفكير بتأسيس مذهب فقهي جديد لأن مرحلة التنقيب والفحص والقراءة المنهجية لم تنجح..
لدينا مشكلة تكمن في حرق المراحل ففكرة تأسيس مذهب جديد فكرة جريئة وهي مطلب لكن قبل ذلك فالأهم والمهم البدء بمالدينا فرحلة العقل تبدأ بالتدرج وليس بالقفز الذي قد لا يكتب له النجاح..
@Riyadzahriny
التعليقات (0)