ازدواجية الهوية وإشكالية الانتماء
انتهت الدولة ذات اللون الواحد ، والدين الواحد ، والدم الواحد ، والعرق الواحد والهوية الواحدة منذ زمن بعيد ، منذ ان نبذ الانسان فكرة العنصرية والتعصب الأعمى المبني على أسس من التمييز العرقي والعنصري والطائفي والفبلي ... الخ .
وبالتالي لم يعد للجنس الواحد مكان واحد مخصص في العالم ، وراحت الدول الكبرى تنادي بالعولمة ( بغض النظر عن موافقتنا او رفضنا لتك الفكرة ، التي تريد ان تصبغ العالم بلون واحد هو لون الغرب ) وباتت الدولة تضم في جنباتها طيف من الأعراق الاثنية المختلفة ،التي تنتسب كل منها الى ثقافة خاصة ودين خاص ، وجغرافيا خاصة ، ولكنها تنظوي تحت راية دولة واحدة كما نشاهد في العديد من دول العالم ، أمريكا وأوروبا وبعض الدول العربية .
ولعل هذا التنوع صب في مصلحة تلك الدول من لا تدري ، فكان للتنوع العرقي اثر كبير إثراء الحياة الثقافية والاقتصادية والعلمية في تلك المجتمعات ..على عكس ما تنادي به إسرائيل اليوم من جعل إسرائيل دولة يهودية خالصة ( عقلية القلعة ) وما تنم عنه تلك الفكرة من عنصرية وحقد على البشرية فقط لانها تخالف المعتقد اليهودي .
ومنحت القوانين الحديثة العصرية الإنسان حق الإقامة والعمل ، في الكثير من بلدان العالم ، وتبعا لطول الإقامة ضمنت التشريعات أحقية منح الجنسية لتلك الفئات من السكان غير الأصليين ( المهاجرين ) وتمتعوا تبعا لذلك بميزات كثيرة مما يتمع به المواطن الأصلي ، على الرغم من تسجيل بعض الانتهاكات والتجاوزات للكثير من الحقوق في العديد م تلك الدول التي تعد دولة مستهدفة للهجرة ، لما تتمتع به من رفاه اجتماعي واقتصادي ، ومناخ الحرية الشخصية التي تتيح للانسان التصرف على هواه ولكن ضمن ضوابط قانونية واجتماعية في بعض الاحيان .
ولم يشكل ازدواج الهوية في الغالب الأعم مشكلة في تلك البلاد ، فمثلا تتميز الولايات المتحدة ان الغالبية العظمى من السكان هم من المهاجرين فلا فضل لأحد على الآخر إلا بمقدار ما يقدم ويعمل ويمكنه الحصول عليه ( ولو ان هناك بعض التجاوزات ولكنها في المقياس العام لا تحسب فالحرية مصانة بموجب القانون الذي يطبق على الجميع دون استثناء .
في عالمنا العربي لا تزال إشكالية ازدواج الجنسية تعد إشكالية كبرى ، فالكثير من سكان البلاد الأصليين لا زالوا لا يتقبلون المجنسين على الرغم أنهم عرب ومسلمون مثلهم ، ولا تزال قضية اندماج تلك الفئات من الناس قضية تؤرق بال الساسة والمنظمين لشؤون البلاد والعباد ، ولا زال الكثير من سكان البلاد العربية وعلى الرغم من انهم من سكان البلاد الأصليين ومسلمين الديانة او مسيحيين لا زالوا يسجلون في دوائر الدولة على انهم ( بدون ) فلا يحملون الجنسية ولا يحملون الرقم الوطني وبالتالي لا يتمتعون بأي نوع من الخدمات التي تمنحها خصوصية المواطنة للمواطن ، الا ما يتلقوه على شكل هبات ومساعدات من منظمات المجتمع المدني ومنظمات الاغاثة الدولية .
وبالتالي سيخلق هذا فجوة في بنية المجتمع وثغرة ينفذ منها الداء ، وبوابة للتدخل الأجنبي تحت مسميات عدة : حقوق الانسان ، منظمات الاغاثة الدولية ، الصليب الاحمر ، حملات التبشير والتي تكون على شكل مستشفيات ، او مراكز ثقافية واعلامية ، او جمعيات تعاونية ، او مؤسسات اعلامية ... الخ .
ان ترك الامر في قضية ازدواج الجنسية بلا حل في أي بلد من بلاد العالم يخلق فئة حاقدة ، وبركان يتحفز للانفجار في أي وقت ، ويعيق عملية التنمية ، ويعطل فئة كبيرة من المجتمع عن البناء والعمل ، ويخلق بالتالي قضية تمس جوهر الانتماء والولاء .
التعليقات (0)