ارفع رأسك انت موظف !

علي جبار عطية
ــــــــــــــــــــــــ
aliatia123@yahoo.com
كاتب وصحفي عراقي

 انتفخ جيب الموظف العراقي بمئات الالاف من الدنانير خلال الاسبوعين الماضيين بسبب صرف فروقات زيادة الرواتب لمدة خمسة اشهر وقد وصلت المبالغ الى الملايين وصار الموظف مليونيراً لأول مرة في تاريخ الدولة العراقية الحديثة بعد شموله بهذه الزيادة غير المسبوقة بوصفها اعلى زيادة تشرعها الحكومة اذ تجاوزت المئة بالمئة واشد ما افرحنا ان يتخلى المعلمون والمدرسون بناة المستقبل عن الدراجات الهوائية والنارية ويتخيروا بين انواع السيارات ! ويفكروا باحسن الزوجات واوسع البيوتات ! وبالنسبة للسيدات والانسات صار الذهب في متناول اليد وجرى توديع الحلي المزيفة ! لقد صار بامكان هذه الشريحة المظلومة على مدار التاريخ ان تنفض الغبار عن شخصيتها المتقدة وتسد شيئاً من حرمانها وهي تتجرع غصص سنوات الحصار واخطبوط الحاجة اذ كان الراتب لا يصمد اكثر من اسبوعين في احسن الاحوال ومما يبعث الالم في النفس ان احد رجال الدين اجاب السائل عن جواز الصدقة على الموظف او اعطائه من اموال الخمس فجاء الجواب بالايجاب مادام الموظف محتاجاً هكذا تحقق الحلم اخيراً بحياة تليق بشخصية الموظف الذي يأتي احترامه مقدمة لاحترام الدولة فالحياة الكريمة تعني ان هناك حكومة كريمة ودولة كريمة يشعر المواطن فيها بالانتماء الحقيقي وينعكس هذا على سلوكه في العمل والاماكن العامة فلا يلقي بالقمامة في اي مكان ولايفتح نافذة السيارة ويرمي بعلب الببسي كولا الفارغة ولايترك ماسورة المياه في الدائرة مفتوحة بدعوى ان الماء كثير .. وبقدر فرحتنا بهذه الزيادة المجزية كنا نتمنى لو اتسعت رقعة المشمولين بهذه الزيادة فتشمل المتقاعدين والمستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية وخريجي الجامعات ممن لم يجدوا وظائف لحد الان بل تشمل حتى ربات البيوت من اللواتي صمدن طوال ايام الحصار ومنهن من باعت بعض مفردات الحصة التموينية لتبقى اسرتها على قيد الحياة .. امنياتنا كثيرة وليست بكثيرة على حكومة كريمة استطاعت خلال فترة وجيزة ان تبسط الامن والاستقرار على مناطق كان الحديث عن عودة الامن اليها ضرباً من المستحيل والمعجزة .. لكن مما يؤسف له ان الزيادة الاخيرة لم تذكر بخير في وسائل الاعلام حتى من قبيل (واما بنعمة ربك فحدث) ولم يتحدث عنها المثقفون المشغولون بالحديث عن السوسولوجيا والميثولوجيا و (الثول) لوجيا والحجارة الماتعجبك تفشخك !!