مواضيع اليوم

ارتيـاح فـي الأوسـاط الاقتصاديـة المغربيـة بعـد تخـوف مـن انعكـاس أزمـة "دبـي"

شريف هزاع

2009-12-13 13:48:41

0

ارتيـاح فـي الأوسـاط الاقتصاديـة المغربيـة بعـد تخـوف مـن انعكـاس أزمـة "دبـي" علـى استثمـاراتها بالمغـرب

عبـد الفتـاح الفاتحـي

  تعرف علاقات التعاون بين المغرب والإمارات العربية المتحدة خلال فترة حكم الملك محمد السادس، يرجعها دبلوماسيون مغاربة إلى مستوى العلاقات الأخوية بين عاهلي البلدين، وهو ما سمح بارتفاع معدل الاستثمارات الإماراتية بالمغرب مقارنة بنظيرتها الخليجية؛ وتصدر رقم معاملاتها رأس باقي الاستثمارات الخليجية.
  وبذلك يرتبط المغرب والإمارات العربية وخاصة إمارة دبي بروابط اقتصادية كبيرة وعاطفية لما يعلقه المغاربة من آمالا على استثماراتها لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي ينشدها المغاربة، من خلال تنفذ مشاريع الأوراش الكبرى التي أعلن عنها المغرب وأسندت إلى كبريات الشركات الإمارتية.
   وقد تعزز ذلك بعدما أقدمت شركتا "دبي القابضة" و"إعمار" خلال السنوات الأخيرة باستثمار 5.2 مليارات دولار، من خلال مشروع "خليج بهية" بـ 1.2 مليار دولار ومشروع سياحي عقاري في مراكش بـ500 مليون دولار، ودخول شركة "إعمار" الإماراتية في إطار تعاقدي مع مؤسسة "أونا" أكبر هولدينغ مغربي تابع للقطاع الخاص. إضافة إلى استثمارات شركة "بيت أبوظبي للاستثمار"، و"الشركة العالمية الإماراتية للاستثمار"، و"دبي العالمية"، و"ريم"، و"صروح".
  كما يسهم "صندوق أبوظبي للتنمية" في تمويل عدد من المشاريع الإنمائية في المغرب من خلال "الشركة المغربية الإماراتية للتنمية"، التي تستثمر في قطاعات الصيد في أعالي البحار، والفنادق، والسياحة، والموانئ، وبناء السدود، والإسمنت، وإنجاز الطرق السيارة...
  ولذلك صار من المعقول تصديق مقولة إذا "كحت" دبي عطس المغرب، ولذلك أثار إعلان مجموعة دبي مطالبة دائني شركتي «دبي العالمية» و«نخيل العقارية» لمنحهما مهلة جديدة لتسديد الديون المترتبة عليهما هلعا في الأوساط الاقتصادية المغربية، لكون الإمارات تعد ثالثة جهة مستثمرة وملتزمة بتشييد عدد من المشاريع الكبرى، ولذلك يتابع الفاعلون الاقتصاديون المغاربة كما العامة تطور الأزمة المالية لمجموعة دبي، وأملهم أن تتعافى في أقرب فرصة، ليتسنى لها مواصلة تنفيذ المشاريع الملتزمة بها في المغرب، وما يصاحب ذلك من توفير فرص عمل مهمة للمغاربة الذي يرتبطون بعقود عمل مع الشركات الإماراتية.
   ويزداد تخوف المغاربة في ظل تفاقم تأويلات المراقبين الاقتصاديين حول مدى تأثر الاستثمارات الإماراتية في المغرب، فقد المحلل الاقتصادي المغربي إدريس بنعلي إلى "بأن أزمة ديون دبي سيكون لها تأثير على الاقتصاد المغربي على اعتبار أن هذه الديون وصلت إلى سقف 60 مليار دولار، وأنه في الوقت الذي قررت الإمارات مساندة دبي، ستتراجع نسبة استثماراتها بالمغرب لأنها ستفتقد الطاقة المالية الكافية... ومن ثم فإن الإمارات لن تحترم التزاماتها في العديد من الدول بما فيها المغرب.
  وكان الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس اللجنة العليا للسياسة المالية قد قال: "نتفهم كذلك القلق الذي يعتري السوق والدائنين بوجه خاص"، لكن واقع الحال أن حكومة دبي تقود عملية إعادة هيكلة هذه العملية التجارية وذلك إدراكا منها لرد الفعل في السوق، وأن تدخلنا قد فرضته الحاجة لاتخاذ إجراء حاسم لمعالجة مسألة عبء الديون.
   هذا في وقت تقلل فيه تصريحات دبلوماسيين مغاربة وإماراتيين من درجة انعكاسات أزمة دبي على سيرورة المشاريع في المغرب على اعتبار أن إمارة دبي اليوم تحظى بعناية رسمية كفيلة بالحد من تداعيات الأزمة المالية لتعود إلى وضعها الطبيعي، وأن اختلال التوازن المالي لـ"مجموعة دبي العالمية" سيتم تجاوزه في أقرب فرصة.
  وكان الدبلوماسي المغربي بالإمارات العربية عبد القادر زاوي؛ قد أعلن في حديث لمجلة (العواصم الجديدة) الإماراتية، نشرته في عددها الأخير، أن "العلاقات المغربية الإماراتية المتينة تعززت أكثر بفضل إرادة قائدي البلدين جلالة الملك محمد السادس والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، اللذان عملا على ترسيخها من أجل ارتياد آفاق جديدة خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية ".
  وأكد مراقبون أكثر تفاءلا أن المغرب الذي أوجد آليات موضوعية لتجاوز مخلفات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية فتحكم في حجم التبعية الاقتصادية والمالية؛ قادر على التكيف الايجابي مع هذه الأزمة معلنين أن هناك قناعات قوية لدى المغرب في الاستثمارات الإماراتية من أنها ستتواصل في ظل المشاكل المالية لـ"مجموعة دبي العالمية".
   وهو ما ذهب إليه خبراء اقتصاديون خليجيون خلال الملتقى الثاني للاستثمارات الخليجية أن المغرب يمثل نموذجاً مثالياً للاستثمار العربي، بدليل أن تأثر المشاريع الاستثمارية بعد الأزمة المالية والاقتصادية العالمية في المغرب كانت اقل تأثراً من غيرها، بل حققت نمواً بمعدل 2 في المائة عام 2009 في مقابل ناقص 1،1 في المائة على صعيد العالم.
  ويؤكد محمد سؤال خبير اقتصادي مغربي "أن المغرب بعيد كل البعد عن هذه الأزمة، لأن الشركات الإماراتية التي تواجه صعوبات في أداء ديونها ليست لها أي استثمارات في المملكة"، وأضاف أن "المشاريع المبرمجة هنا -في المغرب- ستستمر" وأن "هذه الأزمة ليست لها أي تداعيات على الاستثمارات الإماراتية في المملكة".
وقلل آخرون من نتائج مشاكل دبي المالية على تنفيذ المشاريع التي التزمت بتشييدها في المغرب، مبررين ذلك بقدرة إمارة دبي على تجاوز هذه اللحظات التي يصفها أغلب الخبراء الاقتصاديين في العالم، بـ"الحرجة" في المستقبل القريب بفضل دعم حكومة أبوظبي.
   استغرب رئيس اتحاد المصارف العربية عدنان أحمد يوسف الزوبعة الإعلامية التي أثيرت حول إمارة دبي بعدما طلبت الشركات المملوكة من قبل حكومة الإمارة تأجيل سداد أقساط مديونياتها لفترة قصيرة، وهو إجراء متبع يلجأ إليه المدينون والمقترضون في العديد من الحالات، حتى في الأوقات الطبيعية، ولا يؤشر بالضرورة إلى عدم المقدرة أو إلى العجز في السداد.
   ولقد تنفس المغاربة الصعداء بعد القرار الذي أصدره الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الذي يقضي بضمان الودائع لمدة ثلاثة أعوام، إضافة إلى ضخ السيولة "120 مليار درهم اماراتي" في الجهاز المصرفي، وتشكيل لجنة مختصة تتكون من وزارة المالية والمصرف المركزي ووزارة الاقتصاد لمتابعة تنفيذ قرارات وإجراءات مجلس الوزراء في هذا الشأن.
   من جهة ثانية، أكد وزير الاقتصاد الإماراتي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، أن الدولة كانت ولا تزال حريصة على توحيد الجهود على المستوى الاتحادي في مواجهة تداعيات الأزمة المالية، وهو ما يجسده قرار الشيخ خليفة بن زايد آل.
  وقد قرئت هذه التطمينات على تأكيد على جهوزيَّة حكومة ابوظبي للتدخل من أجل مساندة "دبي"، وأكد المراقبون أن دبي بذلك مهيَّأة للتعافي، متوقعين عودة الأسواق المحلية في دبي وأبوظبي إلى الارتفاع مطلع الأسبوع المقبل، وبرروا ذلك بأن اقتصاد دبي أكثر مناعة من أن تسقطه أزمة مديونية مجموعة دبي العالمية. فإمارة دبي ما تزال تعد بيئة الأعمال الأكثر تقدمًا في الشرق الأوسط، وهي تتمتع ببنية تحتية بالغة التطور تنافس كبريات العواصم العالمية.
كما أعلن مايكل غيغان، الرئيس التنفيذي لمجموعة HSBC أن المجموعة ستدعم إمارة دبي لمواجهة أزمة الديون الحالية، وقال «على الرغم من أن حجم أعمالنا في منطقة الشرق الأوسط لا يمثل سوى 2 في المائة من الميزانية العمومية للمجموعة، فإنها تعتبر جزءا بالغ الأهمية بالنسبة لاستراتيجية أعمال HSBC المصرفية على المستوى الدولي.
 وعموما فإن وجهات نظر وسطى دعت إلى اتخاذ إجراءات وقائية واحتياطية لاستيعاب مختلف النتائج المحتملة حيال أي وضع محتمل في المستقبل.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات