شيركو شاهين
sher_argh@yahoo.com
ما من مفر، فمن يولي وجه عن عصف الانفجارات والمفخخات لن يكون بعيدا عن عصف واقع الحياة من خلال سلسلة من الازمات المستعصية والتي الحقت المزيد من الاضرار ببنية الاسرة العراقية التي دامت تعاني اصلا من انعدام الامن والبطالة وسط حالة الفوضى العارمة التي نشهدها وتزيد يوما بعد اخر والتي طالت مختلف مرافق النشاط الانساني، تأتي وسط هذه الاحوال تأتي ازمة ارتفاع اسعار الوقود وانعكاسته على اجور النقل فوصلت الى اسعار تقرب الى الخيال، ليتناقض الواقع حينها مع حجم الوعود التي يطلقها السادة المسؤولين بتحسن الحال ورفاهية العيش، تلك الاحلام التي لم تعرف الى حد يومنا هذا طريقا الى باب المواطن، ولتزيد بعد ذك في دراما مسلسل (الألم العراقية) ذات الطابع التراجيدي حلقة جديدة.
حول ارتفاع اجور النقل وتأثيرها على المواطن، استطلعنا اراء مختلفة لابرز المتضررين من هذه المشكلة.
اراء المواطنين
بدات الازمة الجديدة مع ارتفاع اسعار المحروقات لتشهد بعدها اجور النقل تضاعفا غير منطقي ولم نشهد له مثيل، هذا مابدء به السيد (بشير حسين-35عاما-) موظف، حول سؤالنا له بخصوص الموضوع، واضاف بعدها: ترحمنا على سقوط النظام كغيرنا من الشرفاء ولكن مع الاسف (تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن) لتبدد سماء الافراح بغيوم الحزن، فانا موظف ولايتجاوز راتبي في احسن الاحوال (230 الف دينار) فكيف لي ان ادفع يوميا (2000) دينار كأجور نقل بينما كانت قبل ذلك لاتتجاوز(1000)، وأسال هنا المعنين عن اقتصادنا هل سيكفي المتبقي لبدل الايجار ومصروف البيت في هذا الوقت الصعب. وللعلم فاني ومنذ اكثر من عام لم (اركب) سيارة اجرة (تاكسي) ولا ادري ان كنت قريبا سوف انسى ركوب (الكيا) لاذهب بعدها الى عملي سيرا على الاقدام ولا اعلم ان كان هذا قطافنا للحرية والديمقراطية التي بشرونا بشياعها خيرا.
اكثر المتضررين من هذه الازمة وابرزهم هم شريحة الطلبة من المجتمع وهذا ما اكده الطالب (منهل مازن-الجامعة التكنولوجية 20عاما)وعلق بعدها بالقول:- فانا اسكن منطقة الاسكان واحتاج يوميا الى مايقل عن (2500) دينار من البيت الى الجامعة وبالعكس، هذا طبعا في احسن الاحوال واذا كانت هذه اجور نقلي بمفردي فكيف الحال ونحن ثلاث طلبة من ذات البيت وكم سيعاني والدي من تأمين هذا المبلغ يوميا.
كان من الافضل التريث في اقرار زيادة الاجور المحروقات على الاقل لحي انهاء الطلبة العام الدراسي، واتمنى بعدها البحث عن حلول جذرية مع بداية العام الجديد، واذكر ايام النظام السابق كانت توفر لنا في كراجات (باب المعظم) و(العلاوي) باصات نقل مجانية وبأسعار مدعومة هذا كمثال طبعا، واعتقد ان باستطاعة هيئة النقل الخاص توفير حافلات خاصة بالجامعات باجور زهيدة للطلاب مما قد يدفع سائقي سيارات الاجرة الى تخفيض اجور النقل..
مع سائقي (الكيا)
سواق سيارات الاجرة كان لديهم ما يدفعون به الظلم عن اعناقهم ورد الاتهامات المتعددة الموجهة اليهم، وكان اول المتحدثين في هذا الخصوص هو السيد (ابو عمار) -40عاما- يعمل على خط (البياع-الباب الشرقي) وهي من اكثر الخطوط عملا بالتجزئة، فقال: كنا قبل ارتفاع اسعار (الكاز) نشتري عبوة الـ(20لتر) من هذه المادة بسعر يتراوح بين (8000-12000) الف دينار وكنا نتقاضى مبلغ (500) دينار للشخص الواحد اما اليوم فاننا نشتري نفس الكمية السابقة بما لايقل عن (18000-20000) دينار لذلك رفعنا السعر الى (750)دينار، فلماذا لاتألمون السادة في وزارة النفط بعد ان اضاعوا حقوقنا كمواطنين قبل كل شيء في تأمين اسعار وقود السيارات باسعار مدعومة اسوة بدول الخليج التي لاتقل عنا خيرا لماذا العراق يحار في الشتاء بعبوة صغيرة للنفط.
سالناه حين ذاك: ولكنكم اليوم اكثر من غيركم متهمون بتجزءة الخط الى ثلاث اجزاء هي (البياع-جامعة بغداد-الكرادة-الباب الشرقي) فلماذا هذا التجزءة على حساب المواطن؟
فرض (ابو عمار) ان يعلق على هذه النقطة بعد ان كان يدافع حقوقه اكتشف انه لم يكن يؤدي واجباته.
اما السيد (ضرغام حاتم-35عاما) وهو سائق في خط(باب الشرقي-حي الجهاد) والذي وصلت تعريفة النقل فيه الى اكثر من (1000)دينار فيقول: ارجو ان لايستمر الذم وكيل الاتهامات الى فئة اسواق فقط، لاننا اكثر من غيرنا نعاني الضغوط المتصاعدة في شوارع بغداد، فانا مثلا قبل سقوط النظام كنت اقطع هذا الطريق في اقل من نصف ساعة واحيانا اقل، اما اليوم فان الطريق يزيد عن الساعة والنصف في احسن الاحوال فهو اما ان يكون مغلقا نهائيا او نتاخر بسبب بعض السيطرات التي يكون همها الوحيد تاخير العربات وبدون اي فائدة.
فالازمة في نظري عبارة عن سلسلة حلقات متتالية من المشكلات اول الخاسرين فيها واخرهم هو المواطن (المسكين).
بسبب ارتفاع اسعار الوقود
حول الشحة الحاصلة في تزويد مادتي(البانزين والكاز) وارتفاع اسعاره في داخل المحطات وخارجها اثار لدى الكثيرين تسأولات عدة، لذا كانت وجهتنا التالية هي احدى المحطات الخاصة بتوزيع هذه المادة وهناك وجدنا عند ابوابها العجب العجاب، وذلك بعد المسافة الطويلة التي قطعناه من نهاية الطابور الى ابواب المحطة، وقال لي احد السواق من الذين يقفون في نهاية ذلك الطابور انه لو اراد ان يعرف ان كانت المحطة توزع البانزين ام لا عليه (يركب) سيارة اجرة ليذهب الى باب المحطة ويسأل!! التقينا اولا بالسيد (محمود الجبوري) هو مستأجر المحطة من الدولة، فاعرب عن رأيه قائلا: بخصوص رفع اسعار الوقود فهذا امر خارج عن صلاحية ادارة المحطات ولانملك امر التدخل في اقراره فنحن نستلم ونبيع باسعار مقررة سلفا من قبل رئاسة الوزارة وتعميمها من قبل ادارة وزارة النفط، هذا من جانب، اما الجانب الاخر للموضوع فلا محطتي ولا اي من المحطات مسؤولة عنه، فالحصة المقررة لنا بالكاد تصلنا وبشق الانفس، وفي عهد النظام السابق كانت ساعات التزويد المخصصة مستمرة على مدى(24) ساعة يوميا وبكميات مفتوحة اما اليوم فاننا بالكاد نحصل على حصتنا وفي احيان كثيرة لاتصل لعوارض امنية عديدة يواجهها سواق الصهاريج في الطرقات، ولايجب ان نسى ان ارتفاع اعداد السيارات وتضاعفها ادى الى مادى به الحال اليوم.
كذلك فان الحاجة للتزود بالوقود اليوم تضاعفت مرات تزودهم ليتمكنوا من تزويد مولداتهم المنزلية بهذه المادة خاصة بعد تراجع ساعات الكهرباء الوطنية في عموم بغداد، هذه المنغصات والسلبيات كانت معدومة في السابق وظهرت اليوم وتزايدت بشكل مخيف.
ولكن يتهمكم البعض بتهريب صهاريج الوقود التي تزودكم بها الوزارة وبيعها خارج المحطات الى اصحاب السوق السوداء؟
الاشاعات والاكاذيب تملأ حياتنا كما يعرف الجميع، فما حاجتي لبيع الوقود خارج المحطة طالما كنت مستفيدا اصلا من بيعه في داخلها، ولما اصلا اعرض نفسي لخطورة سحب اجازة العمل من قبل الوزارة في حال علمها بمثل هذه العمليات فضلا عن ذلك كله هناك هيئة مشرفة ومراقبة لعملنا وهي (شرطة النفط) وهي مسؤولة بمنع اي نوع من مثل هذه التلاعبات بمقدارت المواطن والقبض بعدها على المقصرين في هذا المجال.
في كراج العلاوي
لاستكمال اوجه الموضوع من جميع اوجهه انتقنا الى مراب (العلاوي) وهو من اهم كراجات العاصمة من حيث الموقع والسعة وارتفاع عدد الخطوط المؤمنة فيه بين بغداد وجميع المحافظات، وهو حقيقة يتصف بحسن الادارة وتوزيع ادوار النقل وخطوطه على عكس العديد من الكراجات الاخرة، والتقينا بالسيد (اكرم شبيب) عضو في الهيئة النقابية للمرأب، وسألناه اولا عن دور الهيئة في الحد من ظاهرة ارتفاع النقل الخاص؟
فاجاب بالقول: يجب ان نعترف انه ومنذ سقوط نظام صدام وحتى يومنا هذا نعاني من انعدام الصلاحيات الفعلية في ايدينا ولاتزيد في احسن الاحوال عن قدر الجباية واستحصال (الكراجيات) من السواق، ولنتكلم بصراحة اكثر كيف يمكن للنقابة ومن خلفها وزارة النقل والمواصلات تفرض تعريفة نقل ثابته ومركزية على اجور النقل الداخلي والخارجي في الوقت الذي تقوم وزارة النفط بزيادة اسعار الوقود من حين لاخر، الى جانب عدم توفير وتسهيل الحصول عليه من قبل المستفدين، فالسائق اليوم عليه ان يقف مالايقل عن(6-8) ساعات يوميا ليتمكن من الحصول على حصة الوقود بالسعر الرسمي والا فانه يضطر لشرائها من السوق السوداء وفي كلتا الحالتين تعكس سلبيات هذا الشأن على المواطن والسائق في ذات الوقت، وبختصار فاننا لانستطيع ان نسن قانونا نظاميا في خضم هذه الحالة الشاذة التي نعيشها.
وفيما يخص تجزءة الخطوط لمضاعفة المكسب غير الشرعي ، وما دور الهيئة للحد من هذه الممارسات لحماية المواطن؟
نعمل بين فترة واخرى على اقامة حملات لرصد مثل هذه المخالفات وتغريم المخالفين ولكني اتمنى ان تتعاون معنا اجهزة الداخلية من رجال الشرطة والمرور في رصد هذه المخلافات عبر اصدار غرامات فورية لان شرطي المرور هو الاقرب منا اليهم في الشارع.
وعن ابرز المعوقات التي تعمل على اضعاف فعالية نشاطهم العملي، اجابنا قائلا:
تراجع الوضع الامني في الشارع عموما يكاد ان يفقدنا قيمة عملنا، فحملة السلاح في الشارع اليوم يتجاوز (80%) فكيف نستطيع ان نقف بوجه المقصرين.
وفي حالات كثيرة يكون السلاح هو الحل الاول لحل مشكلات الشارع، فهذه بالنقطة بالذات وغيرها اكثر مايؤدي الى اضعاف سلطاتنا والاقلال من قيمتنا لدى السواق فتزيد حين ذاك انتقاصهم من القانون ومن حالات (المزاجيات) التي لاحدود لها لديهم.
نشر بتاريخ ((10/09/2006))
التعليقات (0)