مواضيع اليوم

اذا الدواء لا يشفي علتاً، فأين يذهب المعلول؟

مصعب الامير

2009-07-08 15:47:10

0

منذ أن وعى الإنسان ذاته واستطاع إن يروض الطبيعة أرضا ونباتا وحيوانا برا وبحرا وفضاءا لإرادته وسعادته ومنذ آلاف السنين سعى الإنسان العراقي للحصول على سر الخلود، فظفر جلجامش بعشبة الحياة ألتي سرقتها منه الأفعى في غفلة منه.إن الأفعى رمز للاستحواذ والاستئثار بجهد الإنسان وسعيه للحصول على سر الخلود والتجدد والهناء،وقد مرت محاولات الإنسان للحصول على مايديم ويجدد حياته بأطوار ومراحل عديدة ابتداء بالسحر وقديم القرابين واسترضاء قوى الغيب وظواهر الطبيعة المختلفة وانتهاء بأحدث أنواع العقاقير التي لم تكن تخطر على بال الإنسان حتى في الحلم والى وقت قريب، فاستطاع أن يتخلص من أعتى الإمراض وأخطرها كالطاعون والجدري والكوليرا والحصبة...
الخ..وها هو الآن يصارع أمراض السرطان والايدز وانفلونزا الطيور وهو يسعى ويجد ويكافح بلا كلل ولاملل من اجل حياة أفضل وأكثر هناء ومتعة لبني البشر وتخفيف آلامهم.
استعمل العديد من الأعشاب وبعض المكونات الحيوانية ومنتجاتها على اختلافها ثم ارتقى إلى تصنيع المواد الكيماوية والعقارات المستحضرة في مختبراته ليحقق معجزات في هذا المجال مثل البنسلين ومواد التخدير والأنسولين وعلاج الملا ريا ......و...و...و..
ولكن للأسف الشديد نتيجة جشع وطمع بعض المتعاملين بتجارة وصناعة وبيع وشراء وتسويق الدواء أساءت كثيرا إلى الجهود وعطاء وقدرات العلماء من مكتشفي ومصنعي الأدوية وقد أفنى الكثير منهم سنين طوال من حياته في البحث والتجريب والمثابرة ليتوصل إلى علاج جديد لمرض مستعص. ونخص بالذكر في هذا المجال الشركات الرأسمالية الاحتكارية وسيطرتها على بحوث وتجارب العلماء وتحكمها في اكتشافاتهم مستغلة حاجتهم للمال من اجل العيش وتمويل البحوث حيث إن هذه الشركات لاتخضع لأي وازع أنساني بل يحركها الربح ثم الربح ثم الربح وقد لايكون للإنسان أي اعتبار في حساباتها .
الأعداد الهائلة من البشر يموتون بسبب فقدان وشحة أو فساد الدواء لمختلف الأسباب وعلى رأسها العوز المادي وعدم قدرة دول وشعوب الفقر والتخلف والتبعية على توفير الدواء لمحتاجيه أو قد يقتصر على الطبقات الغنية والشرائح الحاكمة .
ومن الأبواب الأخرى وبدافع الربح الأكبر والنفع الأسرع والأضمن توظف مليارات الدولارات للإغراض الحربية وتصنيع الأسلحة وتجهيز الجيوش و لاشك لو أنها وظفت في مجال البحوث الطبية والدوائية وتامين ظروف حياة أفضل للإنسان لتم التوصل إلى الأدوية الشافية والكافية للقضاء على الكثير من الأمراض المستعصية في عالم اليوم ولوفرت للإنسان حياة هانئة مطمئنة خالية من الآلام والإمراض ، هذا على مستوى العالم.
إما في العراق فان مشكلة المواطن العراقي مع الدواء مشكلة مزمنة منذ جدهم الأول الذي سرقت عشبته الأفعى ولازالت تتربص بابنائه الفرص لسرقة أكسير حياته وسر سعادته وبقاءه وأمانه من المرض والموت،وقد عانى شعبنا أهوالا كبيرة من الأمراض الفتاكة في تاريخه القديم والحديث ففي الزمن الحديث عانى الأمرين زمن الديكتاتورية السالفة من فقدان الغذاء والدواء تحت ذريعة الحصار الذي فرضته قوى الاحتكار والاستعمار العالمي بقيادة أمريكا وحلفائها لمعاقبة الشعب العراقي بجريرة أفعال وأقوال ومغامرات شخص مجنون.
أما الآن وبعد انتشار الأمراض الفتاكة وعودة الكثير من الأمراض المتوطنة التي تخلص أو كاد أن يتخلص منها العراق نهائيا قبل الحصار والاحتلال والأمراض الأخرى المستوردة والمجلوبة مع دبابات الاحتلال وانفلات الأسواق والبشر من شتى بقاع العالم لتدخل العراق زراعة الموت والدمار ودوام أسبابه وشحة أو فقدان وسائل علاجه سعيا منها لإبادة الشعب العراقي بالجملة على المدى الطويل بعد إن فتكت به قنابلها ومفخخاتها وطائراتها وصواريخها بصورة مباشرة.
فقد زادت عشرات الإضعاف أمراض السرطان والشلل والتدرن بأنواعه وأمراض فقر الدم وارتفاع ضغط الدم والسكر والنوبة القلبية ناهيك عن الأمراض النفسية نتيجة عقود من الخوف والحرمان والديكتاتورية وإلارهاب الحديث المحلي والمستورد.
تشير العديد من الإحصائيات إلى تدني حصة المواطن الفرد من الدواء والعناية الصحية من مجمل الميزانية للدولة على الرغم من ضخامتها وبلوغها أرقاما غير مسبوقة في تاريخ العراق.
فالمرصود والمعروف والمعترف به معاناة المستشفيات والموستصفات الحكومية من نقص شديد ومزمن للعديد من الأدوية والمستلزمات الطبية الهامة والتي لايمكن الاستغناء عنها لديمومة حياة الإنسان كأدوية الأمراض المزمنة ناهيك عن تدني النوعيات المتوفرة منها كونها مستوردة من أكثر المناشيء والشركات العالمي سوءا وقد يكون بعضها مجهول المنشأ وخصوصا في القطاع الخاص نظرا لرخص ثمنها في بلد من أغنى بلدان العالم بالإضافة إلى ضعف أو فقدان الرقابة الدوائية على القطاع العام والخاص وتفشي حالة الفساد المالي والرشوة وعدم المبالاة وفقدان الكفاءة والتجربة لمن توكل إليه مهمة الاستيراد والرقابة، حيث نجد أدويتنا مستوردة من أسوأ المناشيء والشركات الأردنية والسورية والإماراتية والمصرية والهندية والصينية والايرانيه..
وأمام المراقب للعديد من الشواهد التي تدل على مانقول فقد وصل الأمر ببعض مسؤولينا أن يجري عملية بسيطة في الخارج بالإضافة إلى إجراء الفحوصات المختبرية والأشعة والعلاج الطبيعي وغيرها في أرقى المستشفيات والمختبرات والعيادات الطبية في العالم المتقدم في الوقت الذي يرزح عشرات الآلاف من المصابين بالإمراض المستعصية تحت كابوس الإهمال ووحش الألم المبرح والمعانات دون إن يهتم بشأنهم احد وهم أصحاب الثروة الحقيقيين في هذا البلد الثري.
لانريد أن نطيل الحديث في هذا الشأن والذي يبدو معروفا لكل ذي بصر وبصيرة ولكننا نريد أن نسلط الضوء على العديد من الممارسات الخاطئة والخطيرة من قبل بعض الصيدليات الأهلية وبعض المتعاملين بالشأن الدوائي في العراق:-
o اغلب الصيدليات تعمد إلى تجزئة العبوات الدوائية إلى أجزاء بما في ذلك الشرابات وتقطيع شيتات الكبسول أو الحبوب إلى أجزاء بما في ذلك بعض الشرابات وعبوات الحبوب مع العلم إن السعر لايقل عن سعر العبوة الكاملة أو ينقص عنه بقليل وهذا التصرف يؤدي إلى :-
أ‌- مضاعفة كلفة الدواء.
ب‌- تعرض الدواء إلى التلوث والتلف.
ت‌- عدم معرفة تاريخ إنتاج وتاريخ انتهاء مفعول الدواء بالنسبة للمريض والطبيب من وجود غلاف العبوة الأصلي.
ث‌- الخلط بين الحبوب والشرابات والكبسول التشابه مما يؤدي إلى ضرر بالغ يلحق المريض..
ثانيا:- عدم وجود تسعيرة محددة على العبوة الدوائية وعدم ذكر سعر كل مفردة ومدى تطابقه مع السعر المتداول في السوق. مما يجعل المريض تحت رحمة صاحب الصيدلية وغالبا مانرى تفاوتا كبيرا في أسعار الأدوية بين صيدلية وأخرى لنفس الدواء ومن نفس المصدر.
ثالثا:- تعج الكثير من ا لصيدليات بالعديد من الأدوية من مناشيء غير مصرح بها رسميا وغير خاضعة للسيطرة النوعية لوزارة الصحة وغير مضمونة الصلاحية للاستخدام البشري.وخصوصا بعد إن أعطي القطاع الخاص صلاحيات استيرادية واسعة للأدوية والمستلزمات الطبية.
رابعا:- في عدد غير قليل من الصيدليات يعمل فيها أشخاص وأحداث لاعلاقة لهم بعلم الأدوية كمن يعمل في دكان بقاله أو بائع مرطبات وهذا الأمر شائع ومعروف في عمل الصيدليات وصناعة العوينات الطبية دون باقي المهن الصحية والطبية. نادرا تجد الصيدلاني أو ألنظاراتي المختص موجودا في صيدليته أو مشغله اللهم إلا أوقات الحملات التفتيشية والرقابية والذي ياخذون بها علما مسبقا.
كما وإننا لابد وان نشير إلى شيوع وصف وبيع الأدوية من قبل بعض الكوادر الصحية والمضمدين في بعض المناطق السكنية الشعبية وبعض القرى والأرياف وأحيانا في مراكز المدن وخصوصا أثناء الفوضى وعدم الأمان أو فقدان الثقة في المستشفيات والمستوصفات والأسعار الباهظة في المستشفيات الأهلية والعيادات الطبية الخاصة.
فقد وصل الأمر إلى حد كبير من التدهور حيث بدأت السلطات الصحية والأمنية بوضع يدها على مذاخر أدوية ضخمة تعمل وتدار من قبل تجار ا لأدوية الفاسدة والغير صالحة للاستعمال والملوثة والمنتهية الصلاحية.
مثل هذا الواقع المؤلم والخطير يتطلب جهدا استثنائيا ومدروسا من قبل وزارة الصحة وأجهزتها الرقابية ومن قبل السلطات الحكومية الأمنية وبالتعاون والتضامن مع المنظمات الانسانية ومنظمات المجتمع المدني الجادة والى شن حملة واسعة وشاملة كما نرى:-
أولا:-نؤكد ماذهبنا إليه في موضوعنا السابق تنفيذ نية وخطوة وزارة الصحة في الفصل بين العمل في مؤسسات الدولة الصحية والقطاع الخاص.
ثانيا:- إن تتبنى الدولة ووزارة الصحة ومؤسساتها الخدمية ذات الخبرة والقدرة الفنية والعلمية والعملية الطويلة استيراد وتوزيع الأدوية حصرا في الوقت الحاضر لحين تثبيت الآليات والإمكانية لغرض حصر مراقبة وتوجيه شركات القطاع الخاص للقيام بقسط من هذه المهمة وعلى الدولة تخصيص نسبة جيدة من الميزانية العامة لاستيراد الأدوية والمستلزمات الطبية خدمة للمواطن العراقي في مثل هذه الظروف الاستثنائية والكارثية في مختلف المستويات التي يتعرض لها الإنسان العراقي.
ثالثا:- اعتماد شركات عالمية مشهود لها بالجودة والكفاءة العالية في الصناعات الدوائية والعزوف قدر المستطاع عن المناشيء الثانوية وشركات الامتياز ذات القدرة والخبرة والكفاءة المتدنية في صناعة الأدوية والمستلزمات الطبية.
رابعا:-وضع رقابة شبه دائمة على الصيدليات والمذاخر الدوائية الأهلية والتأكد من مهنية وعلمية العاملين في هذه المذاخر والصيدليات.
خامسا:- الحظر التام على بيع ووصف الأدوية لغير الأطباء والصيدليات المجازة رسمياً.
سادسا:- إعادة دعم الدولة للأدوية المجهزة للصيدليات الأهلية ووضع ضوابط على كيفية بيعها وتخزينها وإلزام الصيدليات بدرج سعر المفردة الدوائية في الوصفة الطبية العائدة للمريض وختم وتوقيع للصيدلاني البائع للدواء ، فمن المعروف كيف استغل العديد من ضعاف النفوس الحصة الدوائية التي كان النظام السابق قد خصصها للصيدلية الأهلية بأسعار مدعومة وقد اثروا اثراءا فاحشا عن طريق احتكار الدواء والمضاربة به في السوق السوداء بينما يرزح العراقيون تحت أقذر وأمر حصار غذائي ودوائي فرضته أمريكا وأعوانها على الشعب العراقي.
سابعا:-وضع إلية عملية فاعلة للحد من تسرب الأدوية من المستشفيات والمستوصفات أو وصفها وإعطائها لغير مستحقيها مع مراعاة أن تكون أدوية المستشفيات والمستوصفات الحكومية من الأنواع والمناشيء العالمية الجيدة ولا مانع أن تكون مقابل أسعار مخفضة مدعومة وخصوصا للفئات الفقيرة ومحدودة الدخل والعجزة والعاطلين عن العمل.
ثامنا:- اعتبار غش الدواء أو سرقته وتسربه من مؤسسات الدولة جريمة مخلة بالشرف المهني تقتضي الحرمان من ممارسة المهنة في دوائر الدولة وخارجها بعد ثبوت إدانته بالاضافة للعقوبة القضائية التي يستحقها.
تاسعا:- تسهيل عملية مقاضاة المواطن المريض للجهة أو الشخص عراقي أو أجنبي الذي سبب له ضررا صحيا نتيجة خطا في وصف الدواء .
عاشرا:الاستعانة بوسائل الإعلام المختلفة ومؤسسات التربية ومنظمات المجتمع المدني لنشر الوعي الصحي والثقافة الدوائية والوقائية وممارسة دور الرقابة الشعبية الذاتية من اجل إدانة ومحاربة والكشف عن كل ما من شانه التسبب في ضرر صحي أو مادي للمريض.
ختاما نامل ان نكون قد القينا بعض الضوء على مشكلة هامة ومعاناة كبيرة يعاني منها المواطن العراقي لها مساس مباشر بصحته وسلامته وحياته.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات