مواضيع اليوم

ادلة الاستغاثة والتوسل

أبوعبدالله السني

2011-09-08 05:14:23

0

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
إن الأدلة على جواز الاستغاثة والتوسل كثيرة جداً وهي من باب العمل بالأسباب وليست من باب عبادة المخلوقين كما يزعم المخالفون لأهل السنة .
وقد جاءت النصوص الشرعية المبينة لمشروعية الاستغاثة .وكان السلف الصالح رضي الله عنهم يعملون بها عند الشدائد أو الحاجات .وسار على نهجهم من جاء بعدهم من أمة الإسلام إلى يومنا هذا .
وقد ألف العلماء كتباً نافعة أوردوا فيها أدلة الاستغاثة ورغبوا في العمل بها، وجعلوها من الأداب الشرعية المرعية ومن ذلك كتاب الأدب المفرد للبخاري وكتاب عمل اليوم والليلة للحافظ ابن السني تلميذ الحافظ النسائي ، وكتاب الكلم الطيب لابن تيمية ,غيرها من كتب الأمة التي ألفت للعمل بهذه الأذكار .

فإليكم النقول في ذلك .
جاء في كتاب غريب الحديث للإمام إبراهيم الحربي تلميذ الإمام أحمد بن حنبل في مادة خدر ما نصه:

756 - حدثنا عفان ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عمن سمع ابن عمر ، قال : « خدرت رجله » ، فقيل : اذكر أحب الناس ، قال : « يا محمد »
757 - حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن سعد : جئت ابن عمر فخدرت رجله ، فقلت : مالرجلك ؟ قال : « اجتمع عصبها » ، قلت : ادع أحب الناس إليك ، قال : « يا محمد »
ففي هذين الأثرين تبرز الاستغاثة بسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم ودعاءه عند حدوث هذا العارض .وحتماً أن المسلمين قديماً وحديثاً لا يفعلون ذلك بقصد عبادة النبي صلى الله عليه وسلم وإنما بقصد الاستغاثة السببية فقط.وإلا للزم المتنطعون اتهام الصحابة والتابعين بالوقوع في الشرك.

وجاء في الأدب المفرد للإمام البخاري باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله
1001 - حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن سعد قال : خدرت رجل ابن عمر ، فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك ، فقال :" يا محمد"

فتأمل في قول الحافظ البخاري رحمه الله تعالى باب ما يقول الرجل فهو حث على فعل هذه الاستغاثة.

وجاء في عمل اليوم والليلة للحافظ ابن السني ما نصه:باب ما يقول إذا خدرت رجله
167 - حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي ، وعمرو بن الجنيد بن عيسى ، قالا : ثنا محمد بن خداش ، ثنا أبو بكر بن عياش ، ثنا أبو إسحاق السبيعي ، عن أبي شعبة ، قال : كنت أمشي مع ابن عمر رضي الله عنهما ، فخدرت رجله ، فجلس ، فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك . فقال : « يا محمداه فقام فمشى »

وجاء في الكلم الطيب لابن تيمية ما نصه
في الرجل إذا خدرت عن الهيثم بن حنش قال : كنا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك فقال : يا محمد فكأنما نشط من عقال.

فتأمل في فعل ابن تيمية إذ جعله من الكلم الطيب الذي حث الناس على فعله لا من الشرك كما يفعل المتشددون.

وجاء في تهذيب الكمال للمزي ما نصه: 3832 - بخ(البخاري) عبد الرحمن بن سعد القرشي العدوي مولى بن عمر كوفي روى عن أخيه عبد الله بن سعد ومولاه عبد الله بن عمر بخ روى عنه حماد بن أبي سليمان وأبو شيبة عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ومنصور بن المعتمر وأبو إسحاق السبيعي بخ ذكره بن حبان في كتاب الثقات روى له البخاري في كتاب الأدب حديثا واحدا موقوفا وقد وقع لنا عاليا عنه أخبرنا به أبو الحسن بن البخاري وزينب بنت مكي قالا أخبرنا أبو حفص بن طبرزذ قال أخبرنا الحافظ أبو البركات الأنماطي قال أخبرنا أبو محمد الصريفيني قال أخبرنا أبو القاسم بن حبابة قال أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي قال حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال كنت عند عبد الله بن عمر فخدرت رجله فقلت له يا أبا عبد الرحمن ما لرجلك قال اجتمع عصبها من ها هنا قال قلت ادع أحب الناس إليك فقال يا محمد ،فانبسطت .رواه عن أبي نعيم عن سفيان عن أبي إسحاق مختصرا

وجاء في مسند الحافظ ابن الجعد ما نصه:
2117 - وبه عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن سعد قال : كنت عند عبد الله بن عمر فخدرت رجله فقلت له : يا أبا عبد الرحمن ، ما لرجلك ؟ قال : « اجتمع عصبها من هاهنا ، قلت : ادع أحب الناس إليك ، قال : يا محمد ، فانبسطت »

 

فهم يطلبون الشفاء الذي يحصل نتيجة دعاء من يحبون .وهكذا فعل المسلمون من الصحابة فمن بعدهم إلى اليوم وليس دعاء عبادة وإنما هو دعاء طلب بقصد تعاطي الأسباب .

ووممن حث على ذلك في مقام بيان فضل النبي صلى الله عليه وسلم الحافظ شمس الدين السخاوي :في كتابه "القول البديع " حيث قال ما نصه : "وللبخاري في الأدب المفرد من طريق عبد الرحمن بن سعد قال: خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك فقال: يا محمد" انتهى.

الحديث الثاني
قال الإمام الحافـظ أبو بكر بن أبى شيبة فى (المصنّف) (6/356) برقم
(32002) (حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى صالح عن مالك الدّار قال: وكان خازن عمر على الطعام قال:أصاب الناس قحط فى زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأُتِىَ الرجل فى المنام فقيل له: إئت عمر فأقرئه السلام وأخبره إنكم مسقون وقل له: عليك الكَيْس فأتى عمر فأخبره فبكى عمر ثم قال يا رب لا آلو إلاّ ما عجزت عنه).
ورواه الإمام البيهقى فى كتابه (دلائل النبوة) (7/47)
ففي الخبر فوائد منها :
1_ الاستغاثة بسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته عند نزول البلاء.
2_ عملهم بالرؤيا الصالحة لأنها لا تخالف الشرع.

اما من جهة صحة الخبر فقد صححه الحفاظ وعملت الأمة به على مر الدهور .
قال الحافظ ابن حجر فى "الفتح - 2/397" ما نصه:
(وروى بن أبى شيبة بإسناد صحيح من رواية أبى صالح السمّان عن مالك لدار - وكان خازن عمر - قال: أصاب الناس قحط فى زمن عمر فجاءَ رجل إلى قبر النبى [ فقال: يا رسول الله! استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتى الرجل فى المنام فقيل له: أئت عمر... الحديث. وقد روى سيف فى «الفتوح» أن الذى رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزنى أحد الصحابة).انتهى كلام الحافظ ابن حجر بحروفه

وقال ابن كثير - البداية والنهاية - ثم دخلت سنة ثماني عشرة - طاعون عمواس وعام الرمادة - الجزء : ( 10 ) - رقم الصفحة : ( 73 )....- وقال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا : أبو نصر بن قتادة ، وأبو بكر الفارسي قالا : ، حدثنا : أبو عمر بن مطر ، حدثنا : إبراهيم بن علي الذهلي ، حدثنا : يحيى بن يحيى ، حدثنا : أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن مالك قال : أصاب الناس قحط في زمن عمر بن الخطاب فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إستسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال : إيت عمر فأقره مني السلام وأخبرهم أنهم مسقون ، وقل له عليك بالكيس الكيس ، فأتى الرجل فأخبر عمر فقال : يا رب ما آلوا إلاّ ما عجزت عنه ، وهذا إسناد صحيح ."انتهى كلام الحافظ ابن كثير .

وأما مالك الدار فهو كما قال الحافظ ابن حجر في الإصابة، الجزء السادس. >> [بقية حرف الميم]. >> القسم الثالث من كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ويمكنه أن يسمع منه ولم ينقل أنه سمع منه سواء كان رجلا أو مراهقا أو مميزا [ص:268]. >> الميم بعدها الألف :

" مالك بن عياض مولى عمر هو الذي يقال له مالك الدار، له إدراك، وسمع من أبي بكر الصديق وروى عن الشيخين ومعاذ وأبي عبيدة، روى عنه أبو صالح السمان وابناه عون وعبدالله ابنا مالك، وأخرج البخاري في التاريخ من طريق أبي صالح ذكوان عن مالك الدار أن عمر قال في قحوط المطر يا رب لا ءالو إلا ما عجزت عنه، وأخرجه ابن أبي خيثمة من هذا الوجه مطولا قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق الله لأمتك فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له ائت عمر فقل له إنكم مستسقون فعليك الكفين قال فبكى عمر وقال يا رب ما ءالوا إلا ما عجزت عنه، وروينا في فوائد داود بن عمرو الضبي جمع البغوي من طريق عبدالرحمن بن سعيد ابن يربوع المخزومي عن مالك الدار قال دعاني عمر بن الخطاب يوما فإذا عنده صرة من ذهب فيها أربعمائة دينار فقال اذهب بهذه إلى أبي عبيدة فذكر قصته، وذكر ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين في أهل المدينة قال: روى عن أبي بكر وعمر وكان معروفا، وقال أبو عبيدة : ولاه عمر كيلة عيال عمر فلما قدم عثمان ولاه القسم فسمى مالك الدار، وقال إسماعيل القاضي عن علي بن المديني: كان مالك الدار خازنا لعمر" انتهى كلام الحافظ ابن حجر.

وقال الحافظ الخليلي - الإرشاد في معرفة علماء الحديث - ( مالك الدار مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه تابعي ، قديم ، متفق عليه ، أثنى عليه التابعون )انتهى كلامه

فإذا أثنى عليه التابعون فلا تحفل إذا قدح فيه المعتدون في آخر الزمان. فهذا مالك الدار ثقة معروف روى عنه أربعة رجال وهم أبو صالح السمان وابناه عون وعبد الله ابنا مالك وعبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي . ويكفي في توثيقه تولية عمر وعثمان له بأمر المال، فإن ذلك لابد فيه من الضبط والعدالة بلا ريب فكيف وقد أثنى عليه التابعون .
ومعنى قول الحافظ في الإصابة : " له إدراك". أي أنه مخضرم وقد اختلف في هذه الطبقة هل هم من الصحابة أم التابعين؟ ورجح الحافظ ابن حجر أنهم من كبار التابعين كما في شرح النخبة.

فائدة:
من غرائب دعاوى العلم في آخر الزمان ما ذكره بعض المعاصرين من أن الحديث ضعيف وذلك لجهالة الرجل الذي في المتن .
ومعلوم عند كل طالب علم أن العبرة برجال السند وليس فيهم أي مجهول ، ولله الحمد .وأما إبهام ذكر اسم الرجل الذي في المتن فلا يضر أصلاً لأن العبرة برجال السند .
وللفائدة فقط فهذا الرجل إما من الصحابة وهو بلال بن الحارث المزني كما نقل الحافظ ابن حجر عن سيف في الفتوح أو أنه صحابي آخر غير بلال المزني رضي الله عنه أو أنه من كبار التابعين .وعلى أي تقدير فالعبرة واضحة وهي أنه من أفضل القرون وأقره مالك الدار وعمر بن الخطاب رضي الله عنه ،وليس فعله من الشرك في شيء لأنه ليس بقصد العبادة ،ولا باعتقاد أنه شريك لله في شيء من الأفعال .

الحديث الثالث
جاء في المعجم الصغير للحافظ الطبراني فيما أسند عثمان بن حنيف ما نصه برقم
508 - حدثنا طاهر بن عيسى بن قيرس المصري التميمي حدثنا أصبغ بن الفرج حدثنا عبد الله بن وهب عن شبيب بن سعيد المكي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي المدني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف : أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه فقال له عثمان بن حنيف ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصلي فيه ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه و سلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك ربي جل وعز فيقضي لي حاجتي وتذكر حاجتك ورح إلي حتى أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال له عثمان ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة وقال حاجتك فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة وقال ما كانت لك من حاجة فأتنا .

ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في .فقال عثمان بن حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه و سلم وأتاه ضرير فشكا عليه ذهاب بصره فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم أفتصبر فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي فقال له النبي صلى الله عليه و سلم إئت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات قال عثمان فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضرر قط لم يروه عن روح بن القاسم إلا شبيب بن سعيد أبو سعيد المكي وهو ثقة وهو الذي يحدث عن بن أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس بن يزيد الأبلي وقد روى هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر الخطمي واسمه عمير بن يزيد وهو ثقة تفرد به عثمان بن عمر بن فارس بن شعبة والحديث صحيح وروى هذا الحديث عون بن عمارة عن روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه وهم فيه عون بن عمارة والصواب حديث شبيب بن سعيد . انتهى كلام الحافظ الطبراني بحروفه.

حث الحفاظ الأمة الإسلامية على العمل بهذا الحديث:
فقد حث الحافظ الطبراني على العمل بهذا الحديث حيث أورده في كتابه الدعاء في باب القول عند الدخول على السلطان .
وحث على العمل به الحافظ ابن السني في كتابه عمل اليوم والليلة .في باب ما يقول لمن ذهب بصره.
وحث عليه الإمام ابن خزيمة في صحيحة فقال باب صلاة الترغيب والترهيب ،ثم ذكره في أحاديث الباب.

وجاء في المستدك للإمام الحاكم ما نصه:
1929 - أخبرنا حمزة بن العباس العقبي ببغداد ثنا العباس بن محمد الدوري ثنا عون بن عمارة البصري ثنا روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف رضي الله عنه : أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به يرد الله علي بصري فقال له :
قل اللهم إني أسألك و أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة يا محمد إني قد توجهت بك إلى ربي اللهم شفعه في و شفعني في نفسي فدعا بهذا الدعاء فقام و قد أبصر
تابعه شبيب بن سعيد الحبطي عن روح بن القاسم زيادات في المتن و الإسناد و القول فيه قول شبيب فإنه ثقة مأمون .
1930 - أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سهل الدباس بمكة من أصل كتابه ثنا أبو عبد الله بن علي بن زيد الصائغ ثنا أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي حدثني أبي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المدني و هو الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم و جاءه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال : يا رسول الله ليس لي قائد و قد شق علي فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ائت الميضاة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل : اللهم إني أسألك و أتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه و سلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك فيجلي لي عن بصري اللهم شفعه في و شفعني في نفسي قال عثمان فو الله ما تفرقنا و لا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل و كأنه لم يكن به ضر قط.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري و لم يخرجاه و إنما قدمت حديث عون بن عمارة لأن من رسمنا أن نقدم العالي من الأسانيد.
انتهى كلام الإمام الحاكم بحروفه .
وعلق الحافظ الذهبي في التلخيص على هذا الحديث فقال :على شرط البخاري .
انظر المستدرك مع تعليقات الذهبي 1/707

ورواه الحافظ البيهقي في دلائل النبوةوصححه فقال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا العباس بن محمد الدوري ، وأنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، حدثنا أبو علي حامد بن محمد الهروي ، حدثنا محمد بن يونس ، قالا : حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا شعبة ، عن أبي جعفر الخطمي ، قال : سمعت عمارة بن خزيمة بن ثابت ، يحدث عن عثمان بن حنيف ، أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ادع الله لي أن يعافيني ، قال : « فإن شئت أخرت ذلك فهو خير لك ، وإن شئت دعوت الله » ، قال : فادعه قال : فأمره أن يتوضأ فيحسن الوضوء ، ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء : « اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضيها لي ، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي » هذا لفظ حديث العباس ، زاد محمد بن يونس في روايته ، قال فقام وقد أبصر ، ورويناه في كتاب الدعوات بإسناد صحيح عن روح بن عبادة ، عن شعبة ، ففعل الرجل فبرأ ، وكذلك رواه حماد بن سلمة ، عن أبي جعفر الخطمي . انتهى كلام الحافظ البيهقي .

الفوائد:
1_ استحباب العمل بهذا الدعاء والوضوء وصلاة ركعتين قبله .
2_ تصحيح الحفاظ لهذا الحديث من سلف الأمةومن تبعهم رحمهم الله تعالى .
3_ عمل الصحابة بهذا الحديث ،وترغيب الناس في العمل بهذا الحديث كما صنع الحفاظ حيث حثوا عليه في كتب الأذكار والدعاء كما فعل الإمام ابن خزيمة والطبراني وابن السني والبيهقي والحاكم والمنذري وغيرهم من الحفاظ .
4_ فيه النص على عملين مشروعين وهما الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم بدون قصد العبادة بل من باب تعاطي الأسباب المشروعة وكذلك التوسل به صلى الله عليه وسلم .


ومن الأدلة الشرعية أيضاً:

قال الحافظ نورد الدين الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد
باب ما يقول إذا انفلتت دابته أو أراد غوثا أو أضل شيئا.
عن عتبة بن غزوان عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد عونا وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أغيثوني فإن لله عبادا لا نراهم". وقد جرب ذلك.
رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم إلا أن زيد بن علي لم يدرك عتبة.

وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: أعينوا عباد الله".
رواه البزار ورجاله ثقات. انتهى وحسنه الحافظ ابن حجر في أمالي الأذكار.

وقد جربه السلف وطبقوه وممن عمل بمقتضى هذا الحديث و احتج به الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله . فقد أخرج البيهقي (6/1287) عن عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول : حججت خمس حجج ، اثنتين راكباً وثلاثة ماشياً ، أو ثلاثة راكباً واثنتين ماشياً ، فضللت الطريق في حجة و كنت ماشياً ، فجعلت
أقول : يا عباد الله دلونا على الطريق ، فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق" .انتهى
وهكذا فعل السلف لأنهم يفهمون رحمهم الله الفرق بين الاستغاثة بقصد العبادة والاستغاثة السببية .

تطبيق السلف للأدلة السابقة:
حث السلف الصالح على ذلك كما في الأدب المفرد للحافظ البخاري وعمل اليوم والليلة للحافظ ابن السني ،والدعاء للحافظ الطبراني ،وصحيح ابن خزيمة ومستدرك الإمام الحاكم وغيرها.وكما تجده في كتاب الأذكار للإمام النووي ونحو ذلك.
وعمل به السلف في عهد الخلفاء الراشدين والصحابة الكرام ثم في عهد التابعين ومن جاء بعدهم .وإليكم بعض النقول:
1_ محمد بن المنكدر في سير أعلام النبلاء (5/359): قال مصعب بن عبد الله حدثني إسماعيل بن يعقوب التيمي قال كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه فكان يصيبه صمات فكان يقوم كما هو حتى يضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فعوتب في ذلك فقال إنه يصيبني خطر فإذا وجدت ذلك استعنت بقبر النبي صلى الله عليه وسلم.انتهى

2_ قصة العتبي المشهورة وهي موجودة في تفسير القرطبي وغيره عند قوله تعالى " وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ "
قال الحافظ ابن كثير في التفسير : يرشد الله تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيستغفروا الله عنده , ويسألوه أن يستغفر لهم , فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم ولهذا قال : " لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً.انتهى

وقصة العتبي هي: حكى العتبى وهو تابعي جليل أنه قال : كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عيك يا رسول الله يا صفوة خلق الله أنت الذي أنزل عليك: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباُ رحيماً} وقد ظلمت نفسي، وها أنا قد أتيت أستغفر من ذنبي، اشفع لي إلى ربي، ثم أنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمـه فطاب من طيبهن القاع والأكـم
أنت الفـداء لقـبر أنت ساكنـه فيه العفاف ، وفيه الجود والكرم
أنت الحبيب الذي ترجى شفاعته عند الصراط إذا مازلت القدم
أنت البشير النذير المستضاء به وشافع الخلق إذ يغشاهم الندم
تخصهم بنعيم لا نفاد له والحور في جنة المأوى لهم خدم
تعطى الوسيلة يوم العرض مغتبطا عند المهيمن لما تحشر الأمم
والحوض قد خصك الله الكريم به يوماً عليه جميع الخلق تزدحم
تسقى لمن شئت يا خير الأنام وكم قوماً لعظم الشقا والبعد قد حرموا
صلى عليك إله العرش ما طلعت شمس النهار فغشت حندس الظلم

قال العتبى رحمه الله: ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عتبى أدرك الأعرابي ، وبشره أن الله قد غفر له. وهي مما استفاض عند الأمة، حتى لا تحتاج لسند لاستفاضتها،وهو يدل على رضى نقلتها وهم حملة الشريعة المطهرة .ومنهم النووي في الأذكار وابن قدامة وغيرهم من العلماء .

3_ ومنها ما ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ 3/973وفي السير 16/400في ترجمة ابن المقرىء ما نصه:كان ابن المقرئ يقول: كنت أنا والطبراني، وأبو الشيخ _ ابن حيان _بالمدينة، فضاق بنا الوقت، فواصلنا ذلك اليوم، فلما كان وقت العشاء حضرت القبر، وقلت: يا رسول الله الجوع . فقال لي الطبراني: اجلس، فإما أن يكون الرزق أو الموت.
فقمت أنا وأبو الشيخ، فحضر الباب علوي، ففتحنا له، فإذا معه غلامان بقفتين فيهما شئ كثير، وقال: شكوتموني إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ رأيته في النوم، فأمرني بحمل شئ إليكم.انتهى .

فهذا النوع من الاستغاثة هو من باب تعاطي الأسباب النافعة بإذن الله تعالى الذي يفعله الناس و ليس بقصد العبادة كما يزعم الظالمون هدانا الله وإياهم .والله يحفظنا وإياكم أجمعين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.


انظر منتدى الأزهريين




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات