مواضيع اليوم

ادب الفتيان بين العرض والتطوير دراسة

فارس سعد

2009-05-13 18:02:21

0

                              أدب الفـتيان

                         بين العرض والتطوير

 

                                                فارس سعد الدين السردار

 

عند الحديث عن أدب الفتيان وما يتعلق بالسرد القصصي- القصة القصيرة حصراَ – علينا ان نقف بأناة أمام ما قد يبدو مسلماَ به، على الرغم من عدم ميلي الى هذا المعنى. لان الإبداع يفتح مساحات الإبهار بأي وسيلة او شكل.

من المهم بدءاَ أن نحدد ما الذي  يهدف اليه الكتّاب من خلال نصوصهم.

 ومن هم الكتاب بدءا؟

 وكيف يكتبون هذه النصوص!؟

 ولماذا؟

هل ان القصاصين الذين نبشر بهم، وكلنا أمل ان يكونوا يوما جبهة للموجة التي تمثل جيلهم، يقفون على شيء من الإبداع. ان ما نحاوله ليس دراسة نقدية للنصوص، بقدر ما هي محاولة لفك مجموعة من الاشتباكات التي  قد تكون تداخلت، بفعل الإرباك الذي لم يمنهج كتاباتهم. خاصة وإننا أمام نصوص         ( التجارب الاولى) والتي لم تمتلك بعد قدرة امتشاق ما يؤهلها من الدفاع عن اشتعالاتها.

ان الكتابة هذه بمعنى التي تصدر عن الفتيان أنفسهم، تختلف عن الكتابة الموجهة أليهم والكتابة من هذا النوع عادة ما تكون صادرة  عن كتاب متمرسين. اما التي نحن بصددها فهي الخطوات الاولى في مسار لتجارب شدتها الى هذا الفن قدرة تأثير ما قد تكون ( الأب او المدرس او صديق او كتاب ) وكل هؤلاء لا يمكن تنحيتهم بسهولة من دائرة اهتمام الكاتب، ما داموا قد فعلوا فعلهم ودفعوا بالمؤلف الى الكتابة.

وكما ان الكتاب الاول بالنسبة لأي قارىء مبتدئ. والذي اكتشف صفحاته وغامر بمنحه للوقت، والذي استمد منه ذاك الإحساس الغريب الأسر، الباعث للمتعة. بات في دائرة المقدس، فأن ما ينتجه ذاك القارىء من نصوص تبدو مقدسة بمعنى انها قريبة من الكمال كثيرا، ولا تتحمل النقد والتقويم. من وجهة نظره.

في عالم السرد الفسيح الانتباه لا يسلط الى اتجاه واحد. لان الذي يراد قوله غاية في الأهمية، كما ان مؤشرات الثقافة يجب ان لا تقل أهمية. لأنها هي التي سيقع على كاهلها ما قد يقال. أي بمعنى ان المهتم بالسرد والقصة خاصة يجب ان يكون على مستوى ليس بالهين من الثقافة والمعرفة الرصينة والمتنوعة التي تؤهله لما هو مقدم عليه. والكتابة لا تذهب باتجاه صقل للخبرات واللغة والعلاقات والقيم بل انها ستعزز الاكتشاف وستقترب من تحسس ما هو خيالي وطوباوي وغامض، فهي توسيع لأفق الأفكار بقدر ما هي اختبار لها . وبوح.

فالكتابة بهذا المعنى ليست لهوا، والأمر جاد الى حد بعيد، لأنه انفتاح على العالم، وقراءة له وقول شيء ما بحقه، فهي إذن خطوة مهمة ذات جرأة. لا يمكن الاستهانة بها. لذلك التراجع عن ما في النص يبدو صعبا. بالنسبة للكاتب الفتي.

وتتسم مثل هذه النصوص التي نحن بصددها بالابتعاد عن ما هو جامد وممل، ملقية بنفسها في أجواء الحركة ، وانحرافها باتجاه ما هو نافع ووعظي، على اعتبار ان الكتاب يكونون أكثر التصاقا في عملية فحصهم للقيم المجتمعية وما تمليه عليهم من ضغط باتجاه تعزيز للمثل والقيم التي هي بالنتيجة جزء من مساحة ثقافتهم، لذلك يبدون بعض الأحيان انهم غير قادرين على حسم أمورهم فيغلب عليهم ما هو اقرب الى التذبذب فيما هو أكثر حراكا في دائرة التمرد وبين ما هو خاضع للتبني بفعل المجاملة الاجتماعية. او ماهو توفيقي من أفكار وأراء وقيم. بينما ما هو أكثر انغماسا فيه ان كانوا قراءً او منتجي نصوص هو ما يخص الحقائق المؤكدة والمسلم بها كالعلم مثلا وما ينتج عنه من تأثيرات اجتماعية.

ان حياة أي فتى او فتاة في أي مجتمع ثري كان أم فقير لا تخلو من ثغرات، تخلقها التناقضات الناشئة بين( القيمة والتطبيق) حتى وان كانت بيوت تنشأ تهم منظمة وموفورة الحظ، القراءة تساعد على ملء  هذه الفجوات. من هنا تبرز أهمية ما يقدم للفتيان والفتيات وأهمية ما ينتجانه أنفسهم من نصوص. فالمشكلة الأخلاقية واضحة والواجب دعم قيم التجاوز عندهم من خلال ما يقرؤونه او يكتبونه، والذي يعنى بالكتابة الى هذه الفئات العمرية عليه ان يبين لقراءه ان العالم ليس مكاناً بسيطا، بل وعلى الرغم من ثرائه العجيب والمذهل، الا انه غريب ومحيّر وغامض وجميل، ولغز يتعذر تقبله. وان ما يحيطنا من دلالات لا نستطيع تفهمها الا بشكل غامض مهما حاولنا ان نتعلم، وان العلم وان كان قد أجاب على تساؤلات كثيرة الا ان التساؤلات التي لم يجب عليها لا زالت الأكثر، وقد لا تتوقف عن انثيالها.

لقد استخدم القص منذ قديم الزمان الكهنة، والشعراء، ورجال الطب. كوسيلة من وسائلهم السحرية للشفاء والتعليم، واستعمل كوسيلة لمواجهة المشكلات التي لا يمكن تحملها، وذكر القرآن الكريم ( نحن نقص عليك أحسن القصص). أية (    ) صورة  (   )

ما يجعل القصة جيدة هو قدرتها في التغلب على الصدفة. ومتابعة الضالة المنشودة  حتى نهايتها وتحقيق المهمة، وعلى الكاتب ان لا يبدو لقراءة ماكراً او متحذلقا. بل على النص المكتوب ان يتسم بالصدق والبوح الصريح عندها يكون اقرب عند متلقيه.

القصة شكل من أشكال الشهادة. اذا أخبرتك بقصة  فلا ريب انك ستستمتع. متابعة القصة أسهل لما فيها من سببية وهذا يعني انها ثمة حادثة تقود الى اخرى.

اذا كنت تستمتع بالوصف ، فانك كاتب مقالة.

واذا كانت العبارة جيدة التناغم فقد تكون شاعراً.

اما اذا كان ما يهمك ويسليك هو الموقف والأحداث وسلوك الناس فيما يحيط بهم من مواقف فأنت إذن سارد قصة.

 

النماذج التي بين أيديكم اجتازت اختباراً، كانت الاعتبارات التي تحدثنا عنها حاضرة في أذهاننا، الا اننا نجد ان هذا النمط من الأدب بات غريبا عن مدارسنا، وما يردنا من قصص لا يتناسب وحجم ما نتوقعه من مجتمع مدرسي يدعي اعتناءه بالنشاطات اللاصفية بقوة. هذه المحاولة كانت إشارة لما تعنيه الكتابة في مجال القصة القصيرة كفن له مساحة واضحة ونماذج مهمة يحتضنها المنهج الدراسي في مادة اللغة العربية. ان كانت صادرة من الكبار الى الفتيان والصغار. او كانت على العكس .

ونستطيع ان نورد بعض التصورات الراسخة في أذهان بعض المدرسين عن ما تعنيه القصة القصيرة لديهم. وأهميتها ، وفاعليتها في تنمية الذائقة الأدبية والفنية التي نسعى للحصول عليها. وهي بواقع الحال محبطة بشكل كبير.

نأمل ان تنال هذه المحاولة ما تستحقه من أهمية. لنميط اللثام عن ما يختزنه طلبتنا من قدرات على القص.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                    




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !