مواضيع اليوم

اداء الحكومة المصرية في ازمة غزة

زين الدين الكعبي

2009-01-22 09:57:58

0

هدأت النيران في غزة وخرجت الناس من مخابئها ورجع اهل غزة الى بيوتهم يلملمون ما تبقى من اغراضهم ويخرجون من تحت انقاض بيوتهم شهدائهم وجرحاهم بل واشلاء بشرية قد لايتمكنون من معرفة اصحابها . وبعد ان بشرتنا الصحف ووكالات الانباء  بالمصالحة التاريخية (وكل القمم والاجتماعات العربية تاريخية طبعا) بين معسكر السلام ومعسكر الحرب على هامش قمة الكويت. وبما ان الوقت الان هو وقت هدوء , فلنناقش دور الحكومة والدبلوماسية المصرية بهدوء ونرى ان كانت اجادت ام لا. وربما يتسائل البعض لماذا مصر بالذات؟, سنرد للاسباب التالية.

1-   ان مصر هي والسعودية القائدتين لمعسكر القائلين بالتفاوض مع الكيان الصهيوني , وان مبدأ الارض مقابل السلام هو الحل الوحيد لهذا الصراع وان معسكر الكفاح المسلح هو معسكر غير واقعي ومنافق فهو يتكلم فقط دون ان يعمل شيئا , ويجر المنطقة الى الكوارث .

2-   ان مصر هي الدولة العربية الوحيدة اللتي لها حدود مع قطاع غزة اللذي تحكمه حماس .

3-   ان مصر دونا عن  دول معسكر السلام الاخرى وخصوصا السعودية والاردن تلقت الكم الاكبر من الهجوم والاتهامات مع اعتقادي ان الجميع مسؤول مع مصر.

 

فلسفة الحكومة المصرية المعلنة (وهي تمثل وجهة نظر من باتوا يسمون بدول الاعتدال) في ازمة غزة الاخيرة تترركز على ان غزة كانت تحت سيطرة حكومة مقالة من قبل الرئيس الفلسطيني عباس, وبالتالي فان الحكومة المصرية غير ملزمة بالتعاون مع حكومة حماس ,بل وانهالاتستطيع الا التعامل مع حكومة واحدة والاعتراف بها كممثل وحيد للشعب الفلسطيني وذلك حفاظا على وحدة وسلامة الشعب الفلسطيني , وبما ان الفلسطينيين مصرين على الانقسام فان الحكومة المصرية اختارت حكومة الضفة الغربية وبالتالي اصبحت حكومة غزة حكومة غير شرعية بنظرها.  وحماس هي منظمة متشددة وتجر القطاع عبر اطلاق الصواريخ على الاسرائيليين الى حرب غير متكافئة تدمر الضرع والحرث وان من واجبها اتجاه شعب غزة عدم مساندة حماس . وبالاضافة الى كل ذلك ان مصر واسرائيل ترتبطان بمعاهدة سلام تفرض عليهم عدم الاعتداء المتبادل . و ان تهريب الصواريخ والمواد المتفجرة عبر معابر غزة يندرج في العرف الدولي تحت بند المساعدة على الاعتداء على اسرائيل وهو ما ترفضه مصر احتراما لمعاهداتها الدولية.

 

بغض النظر عن ارائنا سواءا اكانت موافقة لوجهة النظر المصرية ام لا فاننا يمكن ان نسجل الملاحظات التالية على تصرف الحكومة المصرية قبل واثناء العدوان على غزة .

 

1- يعيش في قطاع غزة قسم كبير من الشعب الفلسطيني ,معظمهم مدنيين منهم الاطفال والنساء والشيوخ والمرضى , وان هؤلاء وتحت اي  ظرف سواء اكانوا راضين عن حكم حماس او لا وبمقاييس جميع الاديان والقوانين السماوية والوضعية لهم الحق بالعيش والتعليم والغذاء والدواء حتى وان كانوا تحت حكم حماس الغير شرعي براي الحكومة المصرية , وان حصارهم من قبل الصهاينة جريمة بحق الانسانية عبرت عن رفضها شعوب الارض كافة من خلال المظاهرات اللتي اندلعت حتى في اسرائيل نفسها , ان المبالغة في الاجراءات الامنية المصرية على المعابر في رفح حتى وان كانت مبررة نتيجة حساسية الوضع كانت خاطئة واعطت انطباعا بان مصر تحاصر غزة ونتيجة للصور اللتي فضحت حجم الجرائم الصهيونية والمجازر البشعة المرتكبة ضد المدنيين العزل والفسفور اصبحت هذه الاجراءات غير مبررة واوحت باشتراك في الجريمة استغله بشدة المعسكر الاخر وادى الى خسائر واضحة في الجانب المصري والمعتدل.

ولو تذرعت الحكومة المصرية بالاسباب اعلاه لفتح المعابر على مصراعيها وان ليوم او يومين فقط للمساعدات الانسانية ولدخول وخروج الفلسطينيين قبل العدوان خصوصا وبعده مع التاكيد بانها تراقب وتمنع تهريب الاسلحة الى حماس لما استطاع احد من ان يلومها  ,ولاستطاعت مصر من استغلال هذه النقطة  لتبين للراي العام المصري والفلسطيني والعربي والعالمي وحتى لليهود المعتدلين بانها ضد فكر حماس ولكنها  لاتشارك اسرائيل بهذه الجرائم .

 

 2- لقد صرح عدد من الساسة ومنهم اولمرت وساركوزي بصورة مباشرة وغير مباشرة بانهم سمعوا من عدة دول عربية ومن ضمنها مصر بانهم لا يمانعون من استخدام القوة ضد حماس على ان يكون هذا العمل حاسما ويقضي على حماس قضاءا تاما يخرجها من الساحة تماما,وقد تكررت هذه التصريحات بوضوح.

هنلك احتمالان لاثالث لهما , اما ان يكون المصريون قد صرحوا بذلك امام هؤلاء الساسة باعتبارهم اصدقاء موثوقين لمصر كما هو معروف , او ان المصريين لم يصرحوا بذلك وان هؤلاء الساسة يكذبون, فلو كان الاحتمال الاول صحيحا فاننا نعلم تماما ان ابسط  واول الدروس في السياسة تقول ان السياسة لا اخلاق لها وهي فن اللعب بالموجود واستغلال جميع الطرق المشروعة وغير المشروعة للكسب. فكان على الساسة الممصريين ان لا يصرحوا لاصدقائهم بذلك حتى لو كان ذلك يطابق المصالح للحكومة المصرية لان اولمرت وسركوزي بالتاكيد سيستغلون الرغبة المصرية لتقوية موقفهم امام الراي العام , وستتهم  مصر بانها شريك في الحرب على غزة, ولم تتعظ مصر والمعتدلون من حرب لبنان 2006 حين لم تترك حكومات هذه الدول لنفسها خطا للرجعة ورمت بكامل ثقلها بتصريحها وبما لايدع مجالا للشك بان حزب الله لابد ان يقضى عليه , ويبدوا انهم كانوا واثقين من قوة الالة العسكرية الصهيونية وقدرتها على سحق حزب الله فقرروا حصد المكاسب قبل ان تبدأ الحرب , وقد كان ذلك خطأ كبيرا حيث بقي حزب الله وظهر منتصرا في نظر الكثيرين واعترفت اسرائيل بهزيمتها علنا وخرج نصر الله يهيج الراي العام ضد الحكومات المعتدلة ويتهمها  بالخيانة واولها الحكومة المصرية.

 والاحتمال الثاني انهم لم يصرحوا بذلك وهنا كان على الحكومة المصرية ان ترد بقوة ضد هذه التصريحات وان تقوم بحملة دبلوماسية شعواء واستدعاء للسفراء وتقديم احتجاجات شديدة اللهجة للحكومة الاسرائيلية والفرنسية والمطالبة باعتذار علني عن هذه التصريحات غير المسؤولة . ولكن شيئا من هذا لم يحدث واكتفت الحكومة المصرية والرئاسة باصدار تكذيب مهذب واستغراب من التصريحات اثبتت التهمة على الحكومة المصرية ربما اكثر من نفيها عنها.

3 –  حرب القمم او مهزلة القمم ان شأت من المواضيع اللتي احرجت العرب جميعا وقد استغلت افضل استغلال من عرب الحرب ضد عرب السلام وبامتياز . فهل كان من الضروري عدم عقد قمة عربية ؟ اليس كل دول العالم تعقد قمما لاتفه الاسباب؟ فما كان يضيرالحكومة المصرية  من عقد قمة سريعة في القاهرة واصدار بيان عام يرضي الجميع كما تعودنا من القمم العربية مزامنا لعملها المنفرد اللذي تتكلم عنه  بدلا من ترك الاخرين (المجعجعين كما تصفهم) ليستغلوا هذه النقطة في مهاجمتها. وكما قلنا السياسة شطارة والقمة حتى وان كانت لاتحل ولا تربط كما يقول المثل فهي تسكت وترضي عدد لاباس به من الراي العام العربي والمصري .  

4 - في الجانب الاعلامي كان هناك تخبطا واضحا واخطاء جسيمة . قبل العدوان وبعده تتمثل بالتالي .

أ‌-      في اثناء المؤتمرات الصحفية اللتي اجريت قبل ساعات من الغزو الاسرائيلي خصوصا وانهم كانوا يعلمون بحتمية الهجوم الاسرائيلي على غزة كما صرحوا كان المصريين يتحدثون براحة  واضحة وخصوصا المؤتمرالشهير بين ليفني وابو الغيط اللذي اعلنت فيه الاخيرة بدأ الغزو بينما كان عليهم التعبير بوضوح وشدة عن رفضهم للعدوان وتحميل اسرائيل المسؤولية علنا ,وترك رايها بتحميل حماس المسؤولية للمباحثات السرية او وسائل الاعلام الاجنبية غير المنشورة في الدول العربية تجنبا للاتهامات. او على الاقل تحميل حماس واسرائيل المسؤولية بالتساوي وتفضيل الحكمة والسياسة على الرغبة بالانتقام اللتي كانت واضحة في جميع التصريحات الصحفية ووسائل الاعلام التابعة للجكومة المصرية.

ب‌-   ان اراء مثل, (اما ابيض او اسود) . (وان لم تكن معي فانت ضدي ). اراء فسدت كما يصرح من يسمون بالعرب المعتدلين واولهم الحكومة المصرية , وكثيرا ما ينتقدون الناصريين والقوميين لتبنيهم هذه الاراء, بل وان هذه الاراء اسقطت الجمهوريين في الانتخابات الامريكية الاخيرة. واذا بالحكومة المصرية تقاطع قنوات اخبارية مثل الجزيرة وتنهمك في مهاجمتها وتحميلها مسؤوليات ويمتنع وزرائها عن الظهور على شاشاتها بينما يستغل الجميع هذه القنوات لعرض ارائهم حتى المسؤولين الاسرائيليين لعلمهم بما لهذه القنوات من تاثير على الرأي العام وخصوصا العربي والمصري.

 

ج‌-  التصريحات الصحفية المنفعلة والرد من قبل المسؤولين الاعلاميين والسياسيين بالسباب والشتائم على حزب الله وحماس وسوريا وايران وقطر بل  وحتى على قناة الجزيرة واتهام هؤلاء بالعمالة لهذه الجهة او تلك اظهر وكان وزارتي الاعلام والخارجية لاتفقهان شيئا في علم الاعلام وادارة المعارك الاعلامية , وبعض الردود كان مضحكا بمعنى الكلمة, واعطت نتائج عكسية لما كانت تريده الحكومة المصرية , ان شدة الانفعال اعطت انطباعا وكان التهم الموجهة للحكومة المصرية صحيحة مصداقا للمثل المصري(اللي على راسو بطحة يحسس عليها) .

 

ولكل الاسباب اعلاه فان اداء الحكومة المصرية كان رديئا حقا برأيي المتواضع ولاول مرة ارى هذا التخبط غير المبرر في الاداء, ونتيجة هذا الاداء اسمعها كل يوم من الناس في الشارع وفي التلفزيونات والصحف ( الحكومة المصرية خائفة من امريكا واسرائيل ).




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات