مواضيع اليوم

احمر...بالخط العريض

بدر الشبيب

2010-02-15 17:56:09

0

احمر ....بالخط العريض
لم أكن انوي الكتابة لولا متابعتي لشريط وثائقي إسرائيلي عرض بأحد الفضائيات العربية بعنوان"
السينما المصرية ...تغرق في الجنس".فمنذ العنوان ندرك محتوى الشريط الوثائقي..فليس بالأمر
الشاق على المواطن العربي أن يدرك المستوى الذي انحطت إليه السينما العربية في الآونة الأخيرة
بل إن المنتجين والمخرجين يتسابقون ضمن "مارطون جنسي كبير " للوصول إلى أكثر فيلم جريء
في السينما العربية.فكأننا بكتاب الروايات قد انسدت أفاق مخيلاتهم الأدبية و انحصرت بنات أفكارهم
في خندق واحد لتصب في الأخير في هالة "هستيرية اجتماعية تسمى "الجنس".
لكن ما يدعو إلى وجود حقيقي لوقفة ابستيمولوجية أمام هذا الواقع السينمائي الجديد هو تبرير البعض
من الوسط الفني بان هذه الأفلام هي مساحة حرة لكسر حاجز الكبت و الانغلاق التي تعيشها
المجتمعات العربية اليوم.وهي دعوة صريحة للتحرر من براثن الواقع الاجتماعي العربي الذي يفرض
"المحرمات بسبب أو دونه". كذلك اعتبر البعض إن هذا التوجه الجنسي للسينما العربية هو معادلة
موازية لصد مايسمى "بصعود الأصوليين".
في حقيقة الأمر إن هذا التمزق الذي اجتاح مجتمعاتنا العربية ليس إلا أزمة هوية وهو ما يجب
الاعتراف به علنا . فشعوبنا العربية تعاني من أزمة هوية حقيقية فما يحدث من غزو ثقافي أجنبي
على مجتمعاتنا العربية و تقبل المواطن العربي لها بل و تبنيها في اغلب الأحيان دون تفكير أو إبداء
للاستنكار هو دليل على مدى تشتت العقل العربي وضياعه في غياهب الانحلال الأخلاقي و السفاهة
الاجتماعية.
هذه الأفلام السينمائية الضاربة في مواضيع "الجنسية البحتة "قد تجاوزت الخط الأحمر...بالخط
العريض لأنها تجاوزت كل الحدود المسموحة و غير المسموحة.
فلنستعرض مثلا الأفلام السينمائية التي طرحت مؤخرا بدور العرض كلمني..شكرا لخالد يوسف
بالألوان الطبيعية...لأسامة فوزي و أحاسيس لهاني جرجس فوزي .مما يدفعنا بالتساؤل عن دور
الرقابة .و هل شاهدت الرقابة تترات هذه الأفلام بالفضائيات و تلك الومضات من المشاهد الساخنة .
فماذا كانت ردود الرقابة إزاءها...ماهذا الصمت الرهيب أمام هذا التفسخ الأخلاقي؟ ..لطالما كانت
السينما هي كرسي الاعتراف الذي نخشوا مواجهته ..لأنها الوجه الآخر للحقيقة.فالسينما هي أداة

الفن الراقي لتصوير مخاوفنا و الجهر بصمتنا و التغلغل في أعماق مشاكلنا..فنادت بضرورة المساواة
بين المرأة و الرجل و كشفت بؤرة الفساد في هيكلية المجتمعات العربية و فضحت المؤامرات السياسية
التي تنخر في جسد الوطن...و ترسم بالون الأسود عالما ما تحت الأرض..عالم الفقراء و المشردين
و عالم الرذيلة و العنف. هكذا عهدنا السينما .فهل أصبحت المعضلة الوحيدة بمجتمعاتنا العربية هي
الجنس فقط؟أم أنها موظفة سينمائيا؟؟؟.إن المتابع لهذه الأفلام الجديدة سيبحث بلا ريب عن مضمون
و هدف الفيلم لكنه بالتأكيد لن يجده. و هذه الملايين من الأموال التي أنفقت ببذخ لإنتاج هذه الأفلام
ما خلفيات تمويلها؟؟.هل لان الفيلم سيحقق الجوائز العالمية أم انه سيكرم لطرحه قضايا تهم الشارع
و المواطن العربي.أتساءل ماذا قدمت هذه " السينما الغير النظيفة" للشباب.فماذا وراء هذه المشاهد
الخادشة للحياء أم أنها وظفت دراميا لغاية في نفس يعقوب؟؟
و الملفت في الأمر هو تحذير أصحاب هذه الأفلام المستميتة لمنع صغار السن من مشاهدة هذه
الأفلام .
لاادري...إن كانوا يعلمون بوجود الانترنت و قرصنة الأفلام وان كل ماهو محظور هو مرغوب.
و لهذا يقبل المراهقون على متابعة هذه الأفلام المثيرة ليشاهدوا عالم مليء بالأحاسيس و الغرق في
الجنس..الجنس.
لكن تجاوز هذه الأفلام الأحمر بالخط العريض ليس بالتجاوز الاعتباطي بل سبقته أفلام جريئة
لكنها ليست في هذا المستوى الصارخ بالرذيلة لتجس نبض الشارع و الرقابة و كل خطوط الردع
لكن تبين إن حواجز الردع هي حواجز وهمية هشة...
كما لن اطنب في الحديث عن الحضور الطاغي للممثلات من الجنس الناعم لأنهن تجاوزن الأحمر
بالخط العريض فحضور البعض منهن لايخدم الحبكة السينمائية كما يردد أصحاب المهنة
بل هن مجرد سلعة جسد تتراشقة الأعين بشهوة و طمع غريزي .فللأسف..اجل للآسف لاني
سأستعمل الوصف الإسرائيلي لوصف واقعنا السينمائي.."الغارق في الجنس".
إن الفن هو واحة الإنسان التي تبيح له التعبير عن واقعه وهو المساحة الحرة حيث تتلاقى خيلاء
الإبداع مع صمت الواقع لينسجا لنا حبكة فنية تتلامس فيها بصمة الموجود مع حلم المنشود.
سناء محيمدي
 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !