مواضيع اليوم

احداث لندن..ونحن

جمال الهنداوي

2011-08-10 17:22:22

0

هناك الكثير مما يجعلنا نجزم بان أحداث لندن الحالية قد تأثرت بصورة وأخرى بأحداث الثورات العربية ..فتطابق أحداثها و شراراتها تؤكد ان الوضع الاقتصادي الصعب وارتفاع معدل البطالة لاسيما من خريجي الجامعات قد يكون العامل الحاسم في حالات الاستياء والتمرد في صفوف الشباب والمهيئة للانفجار مع اي بادرة او تلويح من الاحداث .. 

ثارت الجماهير في لندن بعد مقتل مواطن من ذوي الدخل المحدود..وهو نفس ما حصل في تونس مثلا ..وهاجت الشوارع وماجت كما هي شوارع الشام..ولكن ما حصل لم يحصل في القاهرة ولا في بنغازي من إشعال حرائق وسلب ونهب وتخريب..وما اتهم به المحتجون لم يقترب مما وصف به الفتية الذين ثاروا على قمع واستبداد القرون..

بدون ان نرغب باي مقارنة..ومع كل هذا الدخان المتصاعد من شوارع لندن وليفربول..فان هذا التطابق لم يستطع حجب النور الساطع لتحضر ورقي الحراك الثوري لشعوبنا العربية من جهة..وصلابة ورسوخ الديمقراطية البريطانية واخلاقيات وقيم ومهنية الاعلام الانجليزي من جهة اخرى..وهذا ما قد يشكل الفرق الحاسم بين ما هو بين ايدينا وما يجب ان يكون..

فرغم حراجة الموقف.. ودقة وقساوة الانباء الصادمة  التي تتقاطر من الشارع البريطاني ..فاننا لم نرى حفلات التملق وتقديم الاضاحي الشعبية للحكومة من قبل الاعلام الرسمي اوالمرتزق الذي لا يتوانى ولا يمل من هواية ابتكار النعوت المهينة لجراحات وودموع الشعب ودمائه.ولم نستمع الى التنظيرات المقيتة حول المندسين والعملاء والاجندات الخارجية..ولم ينبر لنا من يستنبط للاحداث دوافع عنصرية او طائفية او عرقية تمكن السلطان من التستر خلفها لتبرير استهدافه للحمة الوطنية والوئام المجتمعي للشعب.

لم نرتطم في متابعتنا للاحداث بمن يدعو الى الضرب بيد من حديد على رؤوس المخربين..ولم نجابه بالتغطيات الحماسية المستعرضة لبطولات رجال الامن الصناديد وهم يسحقون اعداء الوطن والسلطان بعقبهم الحديدية..ولم نضطر لمكابدة البرامج المفرطة الطول المحشوة بنداءات"المواطنين"الهاتفية الداعية الزاعقة الدامعة تأثرا بالقيادة التاريخية للملكة ورئيس وزرائها الامين..وبالتأكيد لم يكن لدوق كانتبري حضورفي ابراز الادلة العقلية والنقلية على ان المحتجين هم شر الخلق على الارض وفي الدرك الاسفل من جهنم وبئس المهاد.

بل على العكس فما وصلنا من وسائل الاعلام البريطانية هو قمة الممارسة المهنية المسؤولة للكلمة الحرة التي تستهدف خير الانسان والمجتمع..من خلال التغطية المحايدة والبحث عن الجذور الحقيقية للاحداث والتنقيب عن عمق الازمة الاجتماعية التي ادت الى الانفجار الشعبي ومسؤولية الحرمان والتهميش في ترسيخ معاناة المواطن وبذل الجهود في دراسة كل ما يمكن ان يؤدي الى تفادي مثل هذه الانزلاقات مستقبلا ..وهذا ما افتقدناه في اعلامنا الرسمي للاسف.

ما نستطيع ان نستشفه من كل هذا الضجيج هو ان الحكومة البريطانية بكل شرعيتها وامكانياتها لم تخضع لاغراء القوة السهل رغم تمتعها بوضع الطرف المستهدف من قبل تفلتات لا يمكن ان تعد الا خروجا عن النظام والقانون وسوء تعبير عن احتقانات اجتماعية واقتصادية..وان الشعوب العربية اثبتت رقيها وانضباطها الثوري رغم الانفلات الامني الذي تمارسه ضدها الأنظمة القمعية المستبدة الفاقدة للشرعية وعناصرها وقواتها واقلامها الزاعقة المستهدفة لكرامة المواطن وقيمه وسلمه الاهلي.. وهذا ما يجعلنا ننظر بعين الاكبار والاحترام لكل من التحضر الشعبي العربي والالتزام المهني للاعلام البريطاني ونتوصل الى النتيجة الحتمية التي تقول باننا انظمتنا هي اسوأ ما فينا..وهنا قد تصح المقارنة.   




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !