مواضيع اليوم

احتمال عدم مشاركة العاهل المغربي في القمة العربية

شريف هزاع

2010-09-30 00:00:39

0

 

عبـد الفتـاح الفاتحـي

يرى عدد من المهتمين بالسياسات الإقليمية العربية أن جولة فاروق الشرع الأخيرة لحشد التأييد للقمة العربية المقرر انعقادها بالعاصمة الليبية طرابلس، وخاصة على المستوى المغاربي إنما تعكس الإحساس بالقلق الذي ينتاب دول المغرب العربي حيال المواقف المتواضعة للعرب نحو القضايا الدولية، وخاصة القضية الفلسطينية، قلق بدأ يبرز جليا في طبيعة المواقف التي تصدر عن المغاربيين نحو قرارات وتوصيات جامعة الدول العربية، التي لم تعد بالمقنعة.

ويرى عدد من المراقبين أن عدم توصل فاروق الشرع من مدينة تطوان بتأكيد المشاركة الشخصية للعاهل المغربي محمد السادس في القمة العربية بطرابلس، هو في حد ذاته مؤشر على عدم الحضور الشخصي لمحمد السادس في قمة طرابلس، وهو ما يستشف أيضا من الرد المصحوب بلياقة دبلوماسية زائدة، عبر عنه وزير الإعلام المغربي خالد الناصري بالقول إن مشاركة المغرب في القمة العربية المقبلة أمر بديهي، لأن المغرب عضو نشيط وأساسي في جامعة الدول العربية،... ومستوى تمثيل المغرب فسيعلن عنه في حينه.

وباستقراء لطبيعة الرد الحكومي على ما جاء من أجله فاروق الشرع يتوقع أن لا يشارك العاهل المغربي محمد السادس شخصيا في قمة طرابلس ال 22، وهو ما يرجح اكتفاء المشاركة المغربية بوفد حكومي يترأسه الوزير الأول عباس الفاسي.

ويرى عدد من المحللين أن في المساعي التي يقوم بها فاروق الشرع لدى القادة المغاربيين بدل وزارة الخارجية الليبية التي ستحتضن القمة، إنما يبرز عن تباين وجهات نظر دول المغرب العربي حول حجم المشاركة في قمة طرابلس، وذلك بفعل المواقف المتشنجة بين العربية السعودية وليبيا من جهة، حيث سبق للزعيم معمر القدافي أن اتهم العربية السعودية بالعمالة للولايات المتحدة الأمريكية. وهو الاتهام الذي يرى فيه البعض أنه قد يكون من بين أسباب عدم مشاركة محمد السادس في قمة طرابلس القادمة، حيث تجمعه علاقات جد متميزة مع الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وذهبت تحليلات إلى أن عدم مشاركة محمد السادس تبقى هي الأرجح في ظل استمرار الوضع العربي على الصورة التي سبق وحددها العاهل المغربي في كلمته خلال انعقاد قمة دمشق ال 20، بعد احتدام الخلافات العربية - العربية نتيجة ما أسماه محمد السادس بـ: "تغليب الحسابات الضيقة على المصالح العليا للأمة مما يكرس واقع الهوان الذي تعيشه". كما اعتبر أن تجاوز تحديات الأمة العربية "لن يتأتى إلا بتحصين أقطارنا من مخاطر الفرقة والتجزئة والهشاشة. وكذا بتأهيلها لمسايرة متغيرات العلاقات الدولية وما أفرزته من إكراهات بقضاياها المتداخلة". ودعا إلى "تجاوز هذا الوضع الذي وصفه بالمزري والمؤسف... عبر تنقية الأجواء العربية،... باعتماد الحوار الإيجابي والنأي عن الأسباب التي تعيق العمل العربي المشترك".

ولعل استمرار تلك الأجواء هي التي حالت أيضا دون مشاركة محمد السادس في القمة العربية الاستثنائية السابقة بالدوحة وفي القمة العربية الاقتصادية بالكويت، فأصدر حينها بيانا شديد اللهجة بخصوص الانقسام العربي حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجاء في البيان أن هذا القرار "ينطلق من حيثيات موضوعية، واعتبارات مؤسفة، متمثلة في الوضع العربي الذي وصفه بالمرير، والذي بلغ حدا من التردي، لم يسبق له مثيل في تاريخ العمل العربي المشترك". كما تحدث عن الصراعات العربية – العربية، وقال أن مجرد طرح فكرة عقد قمة عربية استثنائية، أصبح يثير صراعات ومزايدات، تتحول أحيانا إلى خصومات بين البلدان العربية". كما انتقد الجو العربي السائد الذي يعطي الانطباع بمحاولات الاستفراد بزعامة العالم العربي أو خلق محاور ومناطق استقطاب، وخلص إلى التأكيد بأن هذا المنحى يرفض المغرب دوما الخوض فيه.

ويؤكد المراقبون أن حصول العكس لن يقع إلا في حالة حصول توافقات إقليمية مغاربية بين المغرب والجزائر فيما يخص النزاع حول الصحراء، بعد مساعي جدية يمكن أن يقودها الزعيم الليبي معمر القدافي لإنجاح القمة المنعقدة في بلاده، أو بعد حصول تطورات حقيقية على مستوى الدبلوماسية العربية تؤشر لصفحة جديدة في مسار العمل العربي المشترك، وهو الشرط الذي يستشف من خلال بيان محمد السادس الصادر قبيل انعقاد قمة الدوحة.

وبالإضافة إلى ما سبق فإن تحليلات أخرى تذهب إلى التأكيد بأن الدول المغاربية وخاصة المغرب قد تكونت لديها قناعة قوية خلال العقدين الأخيرين بأن انتماءاتهم العربية لم تعد مجدية بالقدر الذين يأملونه من التكتل في العالم العربي، وباتت ترى في الشراكة مع الاتحاد الأوربي أفضل وأرحم من التشنجات السياسية العربية البينية، وهو ما يجعل القادة المغاربيون مقتنعون بأن المشاركة في القمم العربية وعدمها سيان، بعدما أصبحت هذه المشاركات بمثابة تقليد رمزي دأب قادة العرب على إحيائه في قممهم العربية.

ويشير محللون سياسيون مغاربيون أن القادة المغاربة باتوا اليوم أكثر واقعية في التعاطي مع القضايا القومية العربية، فلم تعد مثلا هذه الخطابات أكثر إغراء، لذلك فإن دعوة فاروق الشرع المشرقي إلى محمد السادس لحضور أشغال قمة في بلد مغاربي غير مجدية إلى حد ما، مقابل توجيه دعوة مغاربية لحضور القمة، آنذاك يمكن أن تحظى الدعوة بالقبول الكبير.

واستدلوا على ذلك أن العاهل المغربي محمد السادس سبق وأبلغ تأكيد مشاركته في القمة العربية بالجزائر فورا لمبعوث عبد العزيز بوتفليقة، وكان أول قائد عربي يؤكد مشاركته في القمة العربية بالعاصمة الجزائرية. غير أن محللين آخرين وصفوا هذا التفسير بالضعيف، على اعتبار أن الاستجابة الفورية لدعوة عبد العزيز بوتفليقة تدخل ضمن الممارسة البراغماتية في ترتيب أولويات الدبلوماسية المغربية، من مبدأ تعزيز العمل المغاربي المشترك أولا، ثم توطيد العمل العربي المشترك ثانيا، ولكونها أيضا تندرج ضمن سياسة اليد الممدودة للمغرب، التي دأب على الإعلان عليها تجاه الجارة الجزائر في كثير من المناسبات، بغية تحسين العلاقات بين البلدين المتأزمة بنزاع الصحراء.

والحق أن المستجدات التي يمكن أن تقع على مستوى الدبلوماسية العربية والمغاربية من شأنها هي الأخرى أن ترسم مدى دقة كل التخمينات الممكنة للمشاركة الفعلية لمحمد السادس من عدمها في قمة طرابلس القادمة، ذلك لأن مختلف القمم التي كانت تنظم بالدول المغاربية، كانت تسبقها تفاعلات دبلوماسية إقليمية على مستوى رفيع، مما يبقى على احتمال مشاركته الشخصية واردة.

ويختلف المحللون السياسيون المغاربة بين متحفظ ومؤيد لأسلوب حكم العاهل المغربي محمد السادس بخصوص الدبلوماسية الدولية، بحيث يرى المتتبعون أن عدم مشاركة العاهل المغربي في عدد من القمم العربية والدولية، يرجع إلى إيلائه للسياسة الداخلية أهمية بالغة، خلافا لسياسة والده الراحل الحسن الثاني الذي عرف بحنكته الدبلوماسية، والذي حرص على لعب دور دولي ذو أبعاد مختلفة بتدخلاته الوازنة في النزاع العربي الإسرائيلي وباقي القضايا الدولية، بحيث كان يرى في الدبلوماسية الدولية مدخلا لبناء قوة الدولة الحديثة.

ويذهب المؤيدون لأسلوب حكم العاهل المغربي إلى التأكيد بأن سياسة العهد الجديد في المغرب اليوم رتبت أولوياتها في تقوية البنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الداخلية أولا، ثم بناء قوة الدولة على المستوى الخارجي. ويدافع المؤيدون عن هذا التوجه بالتأكيد على أن الاهتمام الأول ينبغي أن ينصب لصالح الداخل مع الابتعاد عن الصراعات الإقليمية والدولية التي لا ناقة للمغرب فيها ولا جمل.

ولذلك يولي الملك محمد السادس اهتماما أكبر للشؤون الداخلية أكثر من القضايا الخارجية، فتكثر تنقلاته اليومية بين المدن والقرى والمداشر المغربية بهدف تدشين مشاريع جديدة والدفع بعجلة التنمية في مختلف القطاعات.

وعكس الرأي السابق يحن البعض الآخر إلى عهد الأدوار الطلائعية التي كان فيها المغرب في عهد الراحل الحسن الثاني "قبلة" لمؤتمرات عربية ودولية لها قيمتها في صفحات الدبلوماسية المغربية. وشددوا على أهمية ذلك الوزن السياسي الذي ساهم به المغرب من موقع قوة في حل عدد من القضايا الدولية والإقليمية. وأصر البعض منهم على إزالة الأسباب التي تؤدي إلى غياب الملك عن القمم الدولية، لأن المغرب بحاجة إلى استعادة دوره على مستوى محيطه الإقليمي والدولي.

واعتبروا أن الانشغالات الجوهرية للعاهل المغربي بقضايا التنمية البشرية والاقتصادية، ربما أثرت بشكل ملحوظ على دور المغرب كمحاور ومفاوض أساسي في الأزمات العربية والإسلامية، حيث أصبح يكتفي بتسجيل حضور رسمي ومحتشم في الملتقيات والمؤتمرات العربية والإسلامية، كما لم يعد يتدخل في صياغة مبادرات تتعلق بأزمة الشرق الأوسط، كما هو الشأن في مرحلة الثمانينات وبداية التسعينات.

وكان المغرب قد احتضن عدد كبير من القمم العربية والإسلامية، فعلى المستوى العربي، دعا الراحل الحسن الثاني إلى عقد قمة الدار البيضاء في سبتمبر من عام 1965، وقمة الرباط التي عقدت في ديسمبر من عام 1969، ثم قمة الرباط المنعقدة في نوفمبر من عام 1974، ثم قمة فاس التي عقدت في نوفمبر من عام 1981، وقمة الدار البيضاء غير العادية وعقدت في غشت عام 1985، وقمة الدار البيضاء غير العادية التي عقدت في ماي من عام 1989.

ويؤكد عدد من الفعالين السياسيين أن عدم المشاركة المكثفة للعاهل المغربي محمد السادس على المستوى الدولي، أدى إلى تسجيل تراجع دور لجنة القدس التي ارتبطت مند بداية تأسيسها بالمغرب. إلا أنهم يعزون هذا التواري أيضا إلى فشل الدول العربية والإسلامية نفسها، وكذا تكتلاتها الإقليمية -(جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي)- في توحيد المواقف العربية والإسلامية إزاء العديد من الأزمات الراهنة.

ومنذ مشاركة العاهل المغربي محمد السادس في في القمة العربية ال17 التي انعقدت في 22 و23 مارس 2005 بالجزائر، بات المراقبون يسجلون تراجعا في المشاركة الشخصية لمحمد السادس في العديد من القمم الدولية والعربية والإسلامية، مكتفيا بالمشاركة على مستوى حكومي أو أميري، حيث غاب الملك محمد السادس عن القمة العربية ال18 بالخرطوم التي شارك فيها محمد بن عيسى وزير الشؤون الخارجية والتعاون السابق ممثلا للمغرب.

وغاب عن المشاركة في القمة العربية الـ19 في مارس 2007 بالعاصمة السعودية الرياض، بعد أن كان الملك محمد السادس قد أعلن عن نيته في المشاركة الشخصية بها، ليلغي سفره في اللحظات الأخيرة وأرسل شقيقه الأمير مولاي رشيد على رأس الوفد المغربي، والذي مثل المغرب أيضا في القمة العربية الـ20 التي انعقدت في دمشق بسوريا في مارس 2008.

ويحاول بعض المحللين التأكيد على أن كل القمم العربية كان يسبقها تنسيق وإن اختلفت درجته، فإنه يتوجه لأن يصبح على الأقل عرفا دبلوماسيا بين القادة المغاربيون، واستندوا إلى مضمون الرسالة الشفوية التي بعث بها الزعيم الليبي معمر القذافي إلى الملك محمد السادس عن طريق مبعوثه قداف الدم، بغية توحيد المواقف بين البلدين حول قضايا المغرب العربي قبل قمة الدوحة. ويتكهن محللون آخرون أن هذا التنسيق المغاربي المغربي هو الذي جعل قادة المغرب وليبيا وتونس لم يحضروا القمة التاسعة عشر بالرياض.

Elfathifattah@yahoo.fr
0663215880




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات