مواضيع اليوم

احتقار المرأة ووأد البنات في الجاهلية

إبراهيم أبو عواد

2014-06-01 10:32:00

0

 احتقار المرأة ووأد البنات في الجاهلية

 

للكاتب/ إبراهيم أبو عواد 

 

..................

 

     المرأةُ في الجاهلية كانت محل الانتقاص والتعيير ، فهي الحلقةُ الأضعف في المجتمع ، والطائرُ ذو الجناح المكسور. وقد نَسجت عقليةُ الجاهليةِ البدائيةُ ألاعيبها حول المرأة، وكرَّست العبثَ بالكيان الأُنثوي ، وجذَّرت احتقارَ إنسانية المرأة ، فصارت المرأةُ عُرضةً للسخرية والشتم .

     فعن أبي ذَر _ رضي الله عنه _ قال : كان بَيْني وبين رَجل كلام ، وكانت أُمُّه أعجمية ، فنلتُ منها، فَذَكَرَني إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لي: (( أساببتَ فلاناً))، قلتُ: نعم، قال: (( أفنلتَ من أُمِّه ؟ ))، قلتُ : نعم ، قال : (( إنك امرؤ فيك جاهلية )){(1)}.

     فالأم ككيان أنثوي _ حسب المنظور الجاهلي _ عُرضة للسب ومحل لكل منقصة . فلا هي ذات مكانة ولا هي تنجو من عبث العابثين . وهذا مرده إلى الصورة السلبية للمرأة في النسق الجاهلي غير الأخلاقي . فهي لا تعدو عن كونها سِلعةً رخيصةً ، ومتعة مؤقتة ، ودمية متبرجة في أكف الرجال .

     وهذا الحديثُ لا يَنفي المكانةَ السامية لأبي ذَر رضي الله عنه،ولكنه يُصحِّح خطأَ هذا الصحابي.

فالتعييرُ من أخلاق الجاهلية ، ويجب على المسْلم أن يُطهِّر نَفْسَه من كل شوائب الجاهلية التي كَثُر فيها تنقيص الآباء والأُمهات بدافع العصبية القَبَلية ، والتمييز على أساس العِرْق والجِنس واللون .

     ولا يمكن تجاهل عملية "وأْد البنات" في البيئة الجاهلية، فهذه عقيدةٌ راسخة، وسلوكٌ اجتماعي ثابت . وهذه الجريمة فِعل طبيعي في مجتمع يُصنِّف الأنثى كوصمة عارٍ ينبغي مَحْوها من الوجود .

     لقد تجلَّى احتقارُ المرأة ( الأنثى ) في شريعة "وأْد البنات" التي رَفضت منح حق الحياة للأنثى باعتبارها رمزاً للعار والذل والفقر . فوأدُ البنات هو تلخيص لفلسفة المجتمع الجاهلي المتطرف في ذكوريته ، الوحشي في تعامله مع الأنثى، والذي لا يتورع عن تصفيتها جسدياً . فلا يوجد احترام لحياة الإنسان ، ولا يوجد رحمة في التعامل مع الأنثى ، ذلك الكائن الضعيف المهمَّش .

     قال الله تعالى : } قد خسر الذين قَتلوا أولادَهم سفهاً بغير عِلْم وحَرَّموا ما رزقهم اللهُ افتراءً على الله {[ الأنعام : 140] .

     (( نَزلت في ربيعة ومضر وبعض العرب من غيرهم، كانوا يدفنون البناتِ أحياء مخافة السَّبي والفقر )){(2)}.

     أي إن هؤلاء الجهلة الذين قتلوا أولادَهم ( وأدوا بناتهم ) بكل طيش وسَفهٍ وقلة عقل ، وحرَّموا طيباتِ ما أحل اللهُ لهم من الأنعام كالبحيرة والسائبة كذباً على الله تعالى، واعتداءً على شريعته ، قد باؤوا بالخسران في الحياة الدنيا( قتلوا أولادهم وضيَّقوا على أنفسهم وحَرَموها من الاستمتاع بالحلال )، وخسروا الآخرةَ أيضاً حينما يُعذَّبون في الجحيم. فقد جعلوا عقولَهم الناقصة مصدرَ التشريع ، وراحوا يخترعون أحكاماً ما أنزل اللهُ بها من سلطان وألزموا أنفسهم بها جهلاً وعدواناً . وهذا الأمر يعكس جهلَ العرب الذين كانوا يئدون بناتهم ، ويَحرمون أنفسهم من الأولاد زينةِ الحياة الدنيا ، ويُدمِّرون حياتهم بأيديهم .

     والمضحك المبكي في الأمر أن عرب الجاهلية كانوا يئدون بناتهم في حين أنهم يَعتنون بأنعامهم ، ويُوفِّرون لها الحياة الهانئة. وهذا يدل على الرُّتبة المتدنية للإنسان وعدم احترام كيانه ووجوده .

     وفي زاد المسير لابن الجوزي ( 3/ 134) : (( وقال قتادة : كان أهلُ الجاهلية يَقتل أحدُهم بِنْتَه مخافة السَّبي والفاقة ، ويغذو كلبَه )) اهـ .  

     وفي صحيح البخاري ( 3/ 1297 ) : عن ابن عباس _ رضي الله عنهما _ قال : إذا سَرَّكَ أن تعلم جهلَ العرب ، فاقرأْ ما فوق الثلاثين ومائة في سورة الأنعام } قد خسر الذين قَتلوا أولادَهم سفهاً بغير عِلْم { إلى قَوْله : } قد ضلوا وما كانوا مهتدين  {.

     وقال الله تعالى : } وإذا الموؤدةُ سُئِلت (8) بأيِّ ذَنبٍ قُتِلت (9) {[ التكوير ] .

     فالموؤدةُ ( المدفونة حيةً مخافة العار أو الحاجة ) تُسأل يوم القيامة على أي ذَنْب قُتلت وهي المظلومة، وهذا تهديدٌ لقاتلها الظالم . وسُمِّيت الموؤدة بهذا الاسم لأنه حينما يُطرَح عليها التراب فيؤودها ، أي يثقلها حتى تموت .

     وقال القرطبي في تفسيره ( 19/ 202) : (( وكانوا يدفنون بناتهم أحياء لخصلتَيْن ، إحداهما: كانوا يقولون : إن الملائكة بنات الله ، فألحقوا البنات به . والثانية : إمَّا مخافة الحاجة الإملاق ، وإمَّا خوفاً من السبي والاسترقاق ... وقال ابن عباس : كانت المرأة في الجاهلية إذا حملت حفرت حفرة ، وتمخضت على رأسها ، فإن وَلدت جارية رَمت بها في الحفرة ، وردَّت التراب عليها، وإن وَلدت غلاماً حَبَسَتْهُ )) اهـ .

     والوأدُ مرتبطٌ بالإناث ، لأن الذكور يُنظَر إليهم كقوة مستقبلية ، وسندٍ عائلي ، وطاقةٍ قادرة على الاكتساب وتحصيلِ الأموال ، وتدبُّر أمورهم في كل الأوضاع. فالمجتمعُ الجاهلي يمارس سُلطته الذكورية بكل تطرف . وحينما يتجذر التطرف فإن الضغط سوف يتركز على الطرف الأضعف ، لذلك كانت الأنثى هي الخاسرة الأُولى في هذه اللعبة القاتلة .

     قال الحافظ في الفتح ( 10/ 406 ) : (( ويقال إن أول من فعل ذلك _ يعني وأد البنات _ قيس بن عاصم التميمي ، وكان بعض أعدائه أغار عليه فأسر بِنته فاتخذها لنفْسه ، ثم حصل بينهم صلحٌ ، فَخَيَّر ابنته فاختارت زوجَها ، فآلى قيس على نفْسه أن لا تولد له بنت إلا دفنها حَيَّةً ، فتبعه العرب في ذلك )) اهـ .

     فهذا الفِعل الطائش الذي وُلد في ساعة غضب تحوَّل إلى شريعة مُلزِمة للعرب جميعاً ، الذين يَسيرون على غير هُدى ، والذين يَتبعون كلَّ دعوى هدَّامة تحت ضغط العصبية القَبَلية والأهواء الشخصية دون تفكير في الأمور. وهذا هو الجهل بِعَيْنه،وأقصى درجات التطرف والتقليد الأعمى.

     وعن عمر بن الخطاب في قَوْل الله _ تبارك وتعالى _: } وإذا الموؤدةُ سُئِلت { ، قال : جاء قيس بن عاصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : يا رسول الله ، إني وَأدتُ بَناتٍ لي في الجاهلية ، فقال : (( أعْتِقْ عن كل واحدة منهنَّ رَقبة )) ، قال : يا رسول الله ، إني صاحبُ إبل ، قال : (( فانحرْ عن كل واحدة منهنَّ بَدَنة )){(3)}.

     لقد سعى هذا الصحابي الجليل إلى تطهير نفْسه ، مع أن الإسلام يَجُبُّ ما قَبْله . وهذه الجرائم الشنيعة التي ارتكبها في الجاهلية تشير إلى حجم الانهيار الدِّيني والأخلاقي والإنساني . فقد وَأَدَ بناته بلا رحمة ، ودفنهنَّ وهُنَّ على قيد الحياة بلا شفقة . وقد كان هذا السلوك الإجرامي فِعلاً عادياً لا يَدعو إلى القلق ، ولا يُثير في المجتمع أيةَ مشكلات . فالعقلُ الجمعي في البيئة الجاهلية مبنيٌّ على معاداة الأنثى ، وتصنيفها ككائن غير مرغوب فيه ، وينبغي التخلص منه بأسرع وقت .

     وفي صحيح البخاري ( 3/ 1392 ) : عن أسماء بنت أبي بكر _ رضي الله عنهما _ قالت : (( رأيتُ زيد بن عمرو بن نفيل{(4)} قائماً مُسنِداً ظهره إلى الكعبة ، يقول : يا معاشر قريش ،  والله ما مِنكم على دِين إبراهيم غَيْري . وكان يُحيي الموءودةَ ، يقول للرَّجل إذا أراد أن يَقتل ابنته : لا تقتلها ، أنا أَكْفِيكها مؤونتها فيأخذها، فإذا ترعرعت قال لأبيها : إن شئتَ دفعتُها إليك وإن شئتَ كَفَيْتُكَ مؤونتها )) .

     وهذا إن دل على شيء فهو يدل على مكارم الأخلاق الجليلة المنبثقة من دِين التوحيد ( دِين إبراهيم صلى الله عليه وسلم ) . فزيد بن عمرو بن نفيل على الرغم من حياته وموته في الحقبة الجاهلية ( قبل البعثة المحمَّدية الإسلامية ) إلا أن كان متمسكاً بالحنيفية ( الميل عن الباطل إلى الحق ) . ومع أن الجاهلية كانت تعج بالمغريات والانحلال الأخلاقي وعبادة الأوثان ، إلا أنه اختطَّ لنفْسه مساراً مخالفاً لبني قومه مُؤْثراً الآخرة على الدنيا . وهذا جعله يعارض وَأْدَ البنات ، بل ذهب أبعد من هذا حينما كان يعرض على الأب أن يتكفل بمؤونة ابنته خوفاً من قتلها . وكل هذا الإصرار على الحق في محيط مريض بالكفر والفساد جعل منه قدوةً في الصلاح والإصلاح ، لذلك يُبعَث يوم القيامة أُمَّةً لوحده ، ومصيره إلى الجنة لأنه قضى حياته مشعلاً للنور والهداية ونشر الفضيلة ، ومات على التوحيد الخالص دون أن يتلوَّث بالشِّرك وسوءِ الأخلاق .

     إن وَأْدَ البنات كان ثقافةً اجتماعية سائدة . وهي تعكس السقوطَ العقائدي ، والانتكاسة الأخلاقية ، وضغط الحياة المادية الفجة على سلوك الأفراد . الأمر الذي جعلهم محصورين في دائرة رد الفعل دون أن يُفكِّروا في تغيير أوضاعهم ، أو تنظيم حياتهم بما يتناسب مع إمكانياتهم .

     وقد أكرم اللهُ تعالى المرأةَ _ أُمَّاً وبنتاً _ ، ورفع من شأنها ، ومنع الإساءةَ إليها . فعن المغيرة بن شعبة      _ رضي الله عنه_ قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله حَرَّم عليكم عُقوقَ الأمهات ، ووأْدَ البنات )){(5)}.

     وقد خُصَّ بالذِّكْر الأمهات ، لأن العقوق مرتبط بهن بسبب ضعفهن ، كما أن بِر الأم مقدَّم على بِر الأب، وحُرْمتها أعظم من حُرْمة الأب. وعقوقُ الأمهات من الكبائر _ بإجماع العلماء _ .

     ووأدُ البنات من الكبائر المهلِكة لأنه قتلٌ للنَّفْس التي حرَّم اللهُ قتلَها ، وقطعٌ للرَّحم ، ويعكس عدم الرضا بقضاء الله وقَدَره . لذلك كان التحريمُ مشدَّداً في كلا الحالتَيْن : عقوق الأمهات ووأد البنات .

     ومن الأهمية بمكان توضيح كراهية التجمع الجاهلي للأنثى ، وتفضيل الذَّكر على الأنثى دون وجه حق. ولم يقف الأمر عند التفضيل، بل تعدَّاه إلى وأد البنات وقتلهن شر قِتلة . وقد كان الوأد مستعملاً في قبائل العرب قاطبة . وكانت مذاهب العرب مختلفة في وأد البنات ، فمنهم من كان يئد البنات لمزيد الغَيرة ، ومخافة لحوق العار بهم من أجلهن ، ومنهم من كان يئد من البنات من كانت زرقاء أو شيماء ( سوداء ) أو برشاء ( برصاء ) أو كسحاء ( عرجاء ) تشاؤماً منهم بهذه الصفات ، ومنهم من كان يقتل أولاده خشية الإنفاق وخوف الفقر ، وهم الفقراء من بعض قبائل العرب، فكان يشتريهم بعض سُراة العرب وأشرافهم، ومنهم من كان يَنذر_ إذا بلغ بنوه عشرة _ نحر واحداً منهم كما فعل عبد المطلب ، ومنهم من يقول : الملائكة بنات الله _ سبحانه وتعالى _ فألحقوا البنات به تعالى، فهو عز وجل أحق بهن _ على حد زعمهم _{(6)}.

     قال اللهُ تعالى : ] وَيَجْعَلُونَ للهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم ما يَشْتَهُونَ . وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدَّاً وَهُوَ كَظِيمٌ . يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [ [ النَّحل : 57_ 59] .

     إن هذه الآيات الكريمة توضح صورة الإنسان الذي يُبَشَّر بالأنثى . فوجهه يغدو أسْود وهو كظيم ، أي يكظم حنقه وغضبه وحزنه ، وبعد كل هذا يختفي عن الأنظار ، ويحرص على ألا يراه أحد ، ثم يفكر أيمسك الأنثى أم يئدها ، وكيف ستكون طريقة الوأد .

     وقال القرطبي في تفسيره ( 10/ 104): (( ] وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثَى [ أي أُخبِر أحدهم بولادة بنت ] ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدَّاً [ أي متغيراً ، وليس يريد السواد الذي هو ضد البياض، وإنما هو كناية عن غَمِّه بالبنت . والعربُ تقول لكل من لقي مكروهاً : قد اسْوَدَّ وجهُه غَمَّاً وحزناً ، قاله الزجاج . وحكى الماوردي أن المراد سواد اللون ، قال : وهو قول الجمهور )) اهـ .

     وقال الأبشيهي في المستطرف ( 2/ 173) : (( وبمكة جبل يقال له أبو دلامة ، كانت قُرَيْش تئد فيه البنات . وقيل إن صعصعة جَد الفرزدق كان يشتري البنات ويفديهنَّ من القتل ، كل بنت بناقتين عشراوَيْن وجمل ، وفاخر الفرزدقُ رَجلاً عند بعض خلفاء بني أمية ، فقال : أنا ابن مُحي الموتى ،  فأنكر الرَّجلُ ذلك ، فقال : إن الله تعالى يقول : } وَمَن أحياها فكأنما أحيا الناسَ جميعاً { [ المائدة : 32] )) اهـ .

     إن الذي يَصون النَّفْس البشرية من القتل ، فقد ساهمَ في إعمار الأرض ، وحفظِ البشرية من الأذى ، وبالتالي فكأنه أحيا الناسَ جميعاً ، وحماهم من كل سوء .

     والجدير بالذِّكْر أن الناس في عصرنا قد أصابهم لوثة كراهية البنات ، والنظر إلى المرأة نظرة دونية،وأنها فاقدة للمزايا الإنسانية والكرامة البشرية، وأنها كائن غير مرغوب فيه ، وهذه خصلات جاهلية ذميمة هادفة إلى قتل الروح والحياة السوية في الأنثى . وللأسف فقد تم نقلها إلى واقعنا المعاصر . لذا سَمَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم البناتِ بلاء لأن الناس يكرهونهن . 

     فعن السيدة عائشة _ عليها السلام _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( مَن ابْتُلِيَ من البنات بشيء ، فأحسن إليهنَّ ، كُنَّ له سِتراً من النار )){(7)}.

     فهذا هَدْي نبوي شريف لتحبيب البنات إلى نفوس الناس . وتسمية البنات بلاءً فيه نوع من الاختبار الإلهي للإنسان ، هل يشكر أم يكفر ؟!. والشريعة أوجدت كل السُّبل لزرع محبة البنات خصوصاً والذرية عموماً في النَّفْس البشرية . فمن أحسن إلى البنات تربيةً وتعليماً كن له حجاباً واقياً من النار . إنها لفرصة كبرى أن يغدوَ الإنسان في طريق المحبة ، واحترام كينونة الإنسان سواءٌ كان ذَكَراً أم أنثى. وإذا وصل الفرد إلى هذه المرحلة فإنه سيقوم بواجب الشكر لله تعالى على نعمائه وعطاياه في كل الأحوال.قال الحافظ في الفتح ( 10/ 429 ) : (( وفي الحديث تأكيد حق البنات لما فيهنَّ من الضعف غالباً عن القيام بمصالح أنفسهن ، بخلاف الذكور لما فيهم من قوة البدن وجزالة الرأي وإمكان التصرف في الأمور المحتاج إليها في أكثر الأحوال )) اهـ .

     والنسق الجاهلي كان تياراً ضاغطاً على المرأة ، فقادها إلى الجهل والعزلة ، لأنه حجبها عن تلقي العِلم ، والاضطلاع بمسؤولية إنشاء جيل متعلم واعٍ. فالمرأة الجاهلية تفتقد إلى المستوى العلمي السامي ، فهي محصورة في عالم الأوهام وانعدام المعارف نتيجة ضغط البيئة الاجتماعية القاتلة المحيطة بالطبيعة الأنثوية الغارقة في إفرازات الشعوذة ، والتقاليد الوثنية البالية ، والتعاليم الجاهلية الابتزازية .

     ففي تفسير الطبري ( 3/ 15 ) أن سعيد بن جبير قال : (( كانت المرأة في الجاهلية تَنذر إن وَلدت ولداً أن تجعله في اليهود تلتمس بذلك طول بقائه )) اهـ .

     وهذه الرؤية المتخلفة تدل على حجم الضغط الاجتماعي المسلَّط على المرأة المقتنعة _ بفعل إفرازات البيئة المحيطة _ أن وجود الولد في اليهود يطيل بقاءه . مما يشير إلى دور الأوهام والعواطف غير المنطقية في توجيه السلوك المجتمعي نحو عناصر سلبية بفعل الجهل المستشري في الجماعة البشرية ، والذي ينعكس بشكل مرعب على عقلية المرأة ( الأم ) التي يُفترَض بها أنها صانعة الأجيال .

...............الحاشية....................

{(1)} رواه البخاري ( 5/ 2248 ) واللفظ له ، ومسلم ( 3/ 1282 ) .

{(2)} تفسير البغوي ( 1/ 194 ) ، والكشاف للزمخشري ( 1/ 380 ) .

{(3)} رواه البزار في مسنده ( 1/ 355) برقم ( 238 ) .  وقال الهيثمي في المجمع ( 7/ 283 ) :  (( رواه البزار والطبراني ، ورجال البزار رجال الصحيح غير حسين بن مهدي الأيلي وهو ثقة )) .

{(4)} قال ابن حجر في تهذيب التهذيب( 3/ 363 ):(( زيد بن عمرو بن نفيل العدوي، ابن عم عمر ابن الخطاب أمير المؤمنين، ووالد سعيد بن زيد أحد العشرة ))اهـ. قلتُ: وقد تُوفِّي زيد على التوحيد قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم . وقد ذَكَره النبي صلى الله عليه وسلم فقال  : (( يُبعَث يوم القيامة أُمَّةً وَحْدَه بَيْني وبَيْن عيسى )) [ سنن النسائي الكبرى (5/ 54) ] . وقال العراقي في تخريج الإحياء ( 1/ 236) : سنده جَيِّد .

{(5)} متفق عليه . البخاري( 2/848) . ومسلم ( 3/ 1340 ) .

{(6)} انظر بلوغ الأرب في أحوال العرب للآلوسي .

 

{(7)} متفق عليه. واللفظ لمسلم ( 4/ 2027 ) . البخاري ( 2/ 514) .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !