ماهر حسين.
خلال إحدى مؤتمرات الاتحاد العام لطلبة فلسطين قام احد الطلاب من ذوي التوجه اليساري بتوجيه انتقـــاد حاد إلى منظمة التحرير واتهمها وقيادتها بالفســــاد وعندما قاطعه البعض من الحضور مطالبين بالتوضيح تحدث عن ارتداء بعض القيادات (للبدل) وتكرر الحدث مرة أخرى بمؤتمر أخر بحديث مشابهة.
يومها تولى احد الطلاب الرد وأوضح بأننا شعب ثائر ومحتل ولكننا نهوى الحياة ونتمسك بها حبا" في فلسطين ولا يوجد ما يمنع أن نلبس ما يليق وأن نمتلك ما يمكن معتمدين على أنفسنا وللمصادفة بان من قام بالرد المٌقنع ينتمي إلى تيار يساري قريب إلى تيار من قام بالانتقــــاد.
الموضوع ليس موقف ولكنه فهم للأمور ...فالبعض يعتقد أن التنعم لا يجوز وفلسطين محتلة والبعض الأخر يعتقد بأنها حق شخصي طالما بأنها من مال الشخص .
يومها استغربت من هذا المنطق الغريب ..فهل يوجد زى معين (للثوار ) وبحثت بالموضوع فوجدت بان الأخ القائد أبو عمار هو من صنع في ثورتنا زيا" محددا له والباقي لم يلتزم بزي معين و لاحقا" لذلك وبعد سنوات أشار لي صديق بأن البعض يعتقد بان للثائر رائحـــة تميزه وأضاف (ربما مازحا" )بأنها يجب أن تكون كريهة للدلالة على ثورته !!!!!
بعيدا" عن روائح الثوار ولبساهم فنحن شعب يستحق الحياة ولنــــا حق بها ومن ضمن حقوقنــــا اللباس والمأكل والمشرب وهذا لا يمس بانتمائنا لفلسطين ... نحن شعب ننتزع حقنا بالحياة وبالفرح ونعيش بكرامة بغض النظر عن الظرف المحيط بنــــا ...نحافظ على إرادة البناء والتحرير ونتعاطى بايجابية مع التطورات مستندين إلى وعينا وإيماننا بقضيتنـــا وليس بعيدا" عن هذا فهمنــــا للأثر الديني (أعمل لأخرتك وكأنك تموت غدا واعمل لدنياك وكأنك تعيش أبدا) .
لا عيب في ذلك ولا يوجد ما يعيب الفرحة التي رسمهـــــــا الشاب محمد عساف على شفاه كل الفلسطينيين والعرب بصوته الجميل وحضوره المذهـــــل في المسابقة التي يشارك بهـــا .
استغربت اعتبار البعض للفرح الفلسطيني عيب وخيانة وحرام ...وكأن المطلوب منا فقط أن نكون إما شهداء أو أسرى ... في فلسطين هناك شهداء وهناك أسرى وهناك رجال أعمال وهناك موظفين وهناك عمال وفلاحين وطلاب وهناك فن وبل فنون فلسطينية للتعبير عن تمسكنا بأرضنا وحبنا للحياة ومقاومتنا المحتل .
لا يوجد ما يمنع من الفرح وبل أن الفرح وسيلتنا للتعبير عن إصرارنا على الصمود وعلى حضورنا .
من هنا أعلن فرحي بهذا الشاب صاحب الصوت الجميــــل ...من هنا أعلن فرحي بابن غزة العزيزة محمد عســـاف وأقول بأنه حقا" هدية (الفلسطينيين ) للعالم العربي ...فما زال في صحوننا بقية من عســــل كما يقول شاعرنا الكبير محمود درويش .
فرحتنا بعســــاف فرحه مستحقه ولكن ...
حقنا بالفرح لا يعني تعاطينا مع كل المناسبات والذكريات والأحداث بفرح ...فهناك مناسبات لا يجوز الفرح فيها ومنها ذكرى النكبــــة ...ذكرى النكبة لا يقال فيهــــــا (Happy Nakbah) لأنها ذكرى للهزيمة المره وذكرى لخسارة فلسطين الجميلة التي إضاعتها السياسة الآن ....ذكرى للجوء وللمعاناة وللحزن وللموت ...أن ذكرى النكبة ليست ذكرى للفرح وليست احتفال إنها لحظة خسرنا فيها الكثير .
خسرنا بأيدينا وبأيدي أخوتنا فلسطين الحبيبة ... علينا أن نبكي في تلك الذكرى حزنا" على خسارة ما فات وعلينا أن نعمل بجد وان نستفيد من الذكرى لنتعلم الاعتماد على الذات والعمل الدائم لوحدة شعبنا لعلنا نصل لدولتنا.... على أمل بان يكون وطننا دولة ودولتنا وطن لكل أهل النكبة .
كلنا كفلسطينيين وعرب ندفع ثمن النكبة وعلينا أن نتعلم من تلك الذكرى الكئيبة وان نستفيد من العبر والدروس المستفادة منها .
ذكرى ضياع فلسطين الجميلة ...ذكرى نكبه لا يصح بهـــا (Happy Nakbah) ...هي ليست ذكرى للفرح وإنما ذكرى لاستذكار الوطن الجميل وهي فرصة ليعرف كل العالم مقدار معاناة الفلسطيني ....لا فرح بذكرى النكبة ..لا فرح...
التعليقات (0)