جوانب من احتفالات الصين
بذكـرى ثورتها الستين
احتفلت الصين الشعبية يوم 30 سبتمبر الماضي بمناسبة مرور 60 عاما على نجاح الثورة الشيوعية بقيادة ماوتسي تونغ وتحديدا كان ذلك عام 1949م بعد انتصاره على قوات الجنرال تشاي كاي شيك الذي عبر البحر بجيشه وأتباعه وكانوا قرابة 2 مليون ليستقر في جزيرة فرموزا آنذاك والتي تسمى حاليا تايوان ورسميا بالصين الوطنية التي انتهجت خطا رأسماليا مواليا للولايات المتحدة وتحت حمايتها المباشرة الأمر الذي أجبر ماوتسي تونغ بالطبع على التوقف عن ملاحقة الجنرال شيك في دولته الجديدة .
من أبرز سياسات ماوتسي تونغ هو إعلانه خطة (القفزة الكبرى) عام 1958م وتعني الاعتماد على تبني الصناعات الصغيرة ولكن الخطة فشلت في مجملها ولم تحقق النتائج الاقتصادية المرجوة بسبب تدني النوعية والروتين والفساد المالي والترهل الإداري .... ثم أفلح في تحويل الصين إلى دولة نووية فشهد عام 1964م تفجير أول قنبلة ذرية بنجاح وتلتها بعد ذلك القنبلة الهيدروجينية ... ثم إطلاقه عام 1966م ما يسمى بالثورة الثقافية التي كمم في ظلها الأفواه وعطل العمل بكافة التعاليم الدينية بما فيها الكونفوشسية التي كانت تحض على ترابط الأسرة وتبجيل الوالدين ونادى بدلا منها أن يكون المعبود هو الوطن الصين وحدها .... وبالطبع كانت هذه أحلام سرعان ما تبخرت وأصبح الدين يمارس بقوة تحت الأرض وبزخم (كل ممنوع مرغوب) ولم تشهد الثورة الثقافية بحذافيرها نجاحا يذكر بل على العكس استخدمها المحيطون بماو وسيلة للقضاء على معارضيهم بالإضافة إلى أنه بعد ضم طلاب الجامعات والثانويات إلى كتائب الجيش الأحمر وإطلاق أيديهم في الريف والمدن فقد عاث هؤلاء ونتيجة إنعدام الخبرات فسادا في الأرض وكادت الصين تصل إلى حافة الحرب الأهلية بعد أن قتل خلال تلك الثورة الثقافية المدمرة الملايين وتدهور الاقتصاد الصيني إلى الحضيض في وقت شهدت فيه تايوان إزدهارا اقتصاديا منقطع النظير.
ولكن بعد وفاة ماوتسي تونغ عام 1976م شهدت الصين انفتاحا سياسيا كان باكورته القضاء على مراكز القوى ورؤوس الفساد أو بما سمي آنذاك بعصابة الأربعة .
وعلى الرغم من الانفتاح السياسي الداخلي الذي شهدته الصين إلا أنه لم يكن بالطبع على النحو الذي كان يطمح إليه الغرب الرأسمالي والديمقراطي الليبرالي . وظلت الصين محافظة على نهجها السياسي الشمولي في الحكم وتمسكها بالنظام الاشتراكي ...
ولكن شيئا فشيئا وتحت أسنة الضغوط الاقتصادية عمدت القيادة الصينية الجديدة إلى تبني سياسة صناعية انتاجية على النهج الراسمالي في قطاعات ومدن ساحلية يتم الاستثمار فيها وفق قوانين المناطق الحرة. وبالطبع قدمت الصين العديد من التسهيلات لجذب الاستثمارات الأجنبية وعلى رأسها الأيدي العاملة الرخيصة المطيعة والملتزمة بالعمل الدؤوب بصبر. فكان أن انتعش الاقتصاد الصيني وأصبحت المنتجات الصينية معروضة في كافة الأسواق العالمية وبأسعار تنافسية مبهرة .
الجديد الذي يهمنا من كل هذا هو بالطبع موقف القيادة الصينية من المواطن الصيني المسلم وحيث يبلغ عدد المسلمين في الصين قرابة ألـ 100 مليون مسلم على أقل تقدير وفق التقديرات الغربية ودون أن تؤكد الصين الرسمية هذا الرقم أو ترفضه على نحو قاطع ...
على أية حال وللتذكير فقد كانت الصين حتى عهد قريب وخلال احتفالاتها الوطنية تؤكد على تحالف قوى الشعب العامل فقط وتتجاهل ما هو غير ذلك من قوميات أو قناعات دينية وثقافات وحضارات ...
ولكن الملفت في خطاب الرئيس الحالي "هو جين تاو" بتاريخ 30/9/2009م بمناسبة احتفال الصين بالعيد الستين لانتصار الثورة الاشتراكية هو تأكيده على روح الوحدة والتفاعل الايجابي بين القوميات الصينية وحيث يقول: (نحث على تعزيز التناغم والازدهار بين جميع قوميات الصين) .... وهو على حسب وجهة نظري المتواضعة يعتبر منعطفا مهما وقفزة نوعية لا تعود بها الصين إلى الوراء . وإنما نحو الأمام إلى الحداثة والواقع المعاش كونها تسعى للاعتراف بما هو أصيل في نوازع البشر قاطبة ورغبة كل قومية في أن يحترم الآخر ثقافتها وديانتها وتاريخها الذي تراه جديرا بالاعتبار على الأقل من وجهة نظرها البحتة ولا ترضى بإهماله أو الحط من شأنه .
الجدير بالذكر أن هناك عدة قوميات صينية تم إعادة الاعتراف بها مؤخرا في الوسط الثقافي والاعلامي الرسمي . هذا بالإضافة إلى التنوع الديني فيها والذي ترصده الأجهزة الرسمية الصينية على النحو الآتي:
يبلغ سكان الصين حاليا مليار وثلاثمائة ألف نسمة.
يبلغ مجموع القوميات الصينية 56 قومية.
القوميات الرئيسية في الصين هي (7) قوميات:
قومية هان : 92% من السكان .... وللمسلمين علاقات قوية مع هذه القومية كون أن معظم العرب الذين قدموا للصين تزوجوا منها.
أما القوميات الرئيسية الأخرى فهي : تشوانع ، مان ، هوي (مسلمة يبلغ تعدادها 9 مليون) ، مياو ، يي ، منغوليا (تخضع لحكم ذاتي).
وبالطبع فهناك عدم شفافية في تحديد الأجهزة الرسمية الصينية للأعداد الحقيقية لهذه القوميات فهي تجعل تعداد قومية هان الحاكمة 1.2 مليار ولا يتبقى إذن من مجموع السكان سوى 100 مليون تقريبا موزعون على 55 قومية وهو الأمر الذي يلقي بظلال كثيفة من الشك على جدية توجهات الصين نحو احترام القوميات وما إذا كانت المسألة مجرد تكتيك لحظي فرضته ظروف محيطة أم إستراتيجية طويلة الأمد.
كذلك باتت الصين حاليا تعترف بديانات مواطنيها سواء السماوية منها أو الوضعية الفلسفية والتعاليم الأرضية وتحصرها رسميا في (5) ديانات ومعتقدات هي : البوذية ، الطاوية ، الإسلام ، الكاثوليكية ، الأرذودكسية.
وبالتالي يتضح لنا أن الإسلام هو الدين الثالث في الصين الشعبية.
ومما لاشك فيه أن احترام القيادة الصينية للديانت عامة والدين الإسلامي خاصة يبعث في نفوسنا المزيد من الرضا والارتياح.
ويجدر بنا أن نشير إلى أن القرون الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين قد شهدت ثورات إسلامية جرى قمعها بقوة وعنف . والطريف أنه وكأن العرب والمسلمين يتفجر تحت أقدامهم النفط أينما كانوا وحيثما حلوا فمقاطعة (سينكيانج) الصينية التي يسكنها غالبية مسلمة اكتشف أنها غنية بالنفط والفحم واليورانيوم وبات اهل الصين يطلقون عليها (أرض اللبن والعسل) ولكن ليس اللبن والعسل دائما في مصلحة أصحابه ذلك أن ثروات هذه المقاطعة المسلمة قد جذبت إليها أنظار كافة أهل الصين فبادروا إلى النزوح إليها من مختلف أرجاء الصين على الرغم من أن مظاهر الفقر منتشرة بين سكان الإقليم الأصليين من المسلمين.
جانب من صور الاحتفالات عام 2009م
القوميات الصينية .. عودة الاعتراف بها من جديد
البحرية الصينية
جمال وفتوة .... أين منهن غراء فرعاء مصقول عوارضها تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل؟
الرئيس الصيني "هو جين تاو" خلال الاستعراض الرسمي
الرئيس الصيني هو جين تاو يؤكد (نحث على تعزيز التناغم والازدهار بين جميع قوميات الصين)
رموز السلطة في المنصة تحتفي بطريقة
والشعب تحتها يحتفي بطريقة
الألوان تمثل تعبيرا فكريا وثقافيا عميقا لدى أهل الصين
تسونامي ألــــوان
صـنـــع في الصـيـــن
تشكيلات عسكرية إبداعية ...
.... ولا يزال الجيش هو الذراع القوي والقبضة الحديدية للسلطة السياسية
التعليقات (0)