احتفالات أكتوبر ومقارنة بين عامين ودولتين 1

بتاريخ 7 من أكتوبر العام الماضى 2012 كتبت على مدونتى تحت هذا العنوان ( خطاب مرسى فى استاد القاهرة : المشهد والدلالة , ولقد كان هذا المقال معبرا عن شعور بالفجيعة ’ ناضحا بمذاق المرارة  وأنا أشهد هذا التحول الدراماتيكى فى حياة الدولة المصرية وفى قوام الحياة السياسية فيها ,هذا التحول العاصف الذى اقترب من حدود العبث وربما تخطاها , ذلك لان الاحتفال كان تحت شعار انتصارات أكتوبر , ومثل هذا الاحتفال يجب أن يكون فى حضن الوطنية المصرية  وبحضور رموز الوطن وخاصة الذين يُنسب إليهم هذا النصر من قادة الجيش , هذا بالإضافة إلى الرموز السياسية والفكرية والثقافية المصرية  , ولكن الذى حدث كان أمرا غرائبيا , وأكاد أعتقد أنه أحد أسباب وقوف الجيش مع ثورة 30 يونيه ودعمها , لقد كان هذا الاحتفال كاشفا عن الوجه الحقيقى للتيار الدينى ودالا على تسرعه ولهفته على الإمساك بعنق دولة ظلت  متمسكة بمخزونها الحضارى , نابذة للفرز الطائفى , دولة ظلت متحررة  فى وجدانها الفنى  حتى فى عصر الاستبداد المملوكى  أو الاحتلال التركى الذى ارتدى ثياب الخلافة , فى هذا الحفل  حشد الإخوان أنصارهم من كل المحافظات وشحنوهم فى المركبات العامة  ولقنوهم الهتافات الدينية الطائفية المنظمة  ورأينا الصف الأول من الحفل  يحتله  قادة التنظيمات الجهادية الذين روعوا الوطن فى الثمانينات وبداية التسعينات  وفى المقدمة منهم المتهمون بقتل  الرئيس السادات مثل طارق الزمر  وماجد عبد الوا حد  أ أقول   إن  هذا التصرف من  الحكومة الإخوانية عكس قصور نظر بالغ  أسهم فى تداعيات ما جدث بعد ذك .      ثم تأتى   احتفالات هذا العام  ولا يكاد الإنسان يصدق  أن الدولة التى احتفلت العام الماضى هى نفس الدولة , ولا المناسبة   هى ذات المناسبة  , لقد اختفت اللحى من اللوحة  وغابت الوجوه المتجهمة من الصورة  واختفت  الأناشيد الدينية  والمفردات الطائفية من الأفق  ,  وحل محل ذلك  وجوه النخب العسكرية  والثقافية والفنية  المصرية  ,  وامتلأ الأفق  بالاغانى الوطنية للفنانين المصريين والعرب  , وحضرت زوجة الرئيس السادات الحفل كما يقتضى العرف الوطنى  والأخلاقى , كان مشهد  هذا العام يقول شيئا هاما  وملفتا  وهى ان الدولة  التى احتفلت هذا العام ليست ذات الدولة  التى احتفلت العام الماضى  , الذين احتفلوا هذا العام هم أصحاب الفرح  وصانعوا أسبابه , أما الذين احتفلوا العام الماضى  فهم لا علاقة لهم بالمناسبة ولا يؤمنون  بجلالها ولا معناها  هم فقط  أرادوا استغلالها  للتظاهر بالقوة   والقدرة على الحشد  وللإيهام  بأن المشروع الوطنى يمكن صبغه بصبغة دينية  .  أقول أيضا  : إن احتفال هذا العام   قد حضر فيه الحرام  الإخوانى  ممثلا فى الفن  من أغنيات وموسيقا   ومغنيات لا ترتدين  الحجاب   وتكشفن من أجسادهن ما يحرم  كشفه  عند   أدعياء تطبيق الشريعة لأنه تجاوز الوجه والكفين    ,  كان  حفلا يتفق  مع مكونات شعب مصر وتراثه الثقافى  وقيمه الوطنية   حفل  أقامته دولة أخرى  غير الدولة السابقة  مع ان الفا رق لم يزد عن اثنى عشر شهرا  ! !