قرأت كتاباً عن كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي أم كلثوم .. أيقظ الكتاب جميع ما في النفس من كوامن العاطفة والأحاسيس والذكريات التي هزت أوتار قلوبنا وعصفت بأفئدتنا حين مستها ألحان وأغنيات وقصائد أم كلثوم ..
قرأت عن حياتها وعن تربيتها وحفظها للقرآن وإلمامها بعيون الشعر العربي من دواوين لأبي تمام وابن الرمي والبارودي وشوقي وغيرهم .. قرأت عن تجنيدها لنفسها ولصوتها ولجهدها عقب هزيمة يونيو1967 ورحلاتها إلى الأقطار العربية والأجنبية لإقامة حفلات غنائية وتخصيص دخلها بالكامل في خدمة المجهود الحربي والجيش المصري لإعادة بنائه تمهيداً ليوم الثأر..
قرأت عن حفاوة وانبهار الشعوب العربية حين تطأ أقدام أم كلثوم أراضيها واستقبالها استقبال الملوك حبا وكرامة واحتراما للفن المحترم وللغاية النبيلة وللجهد المبذول .. قرأت عن مكانة هذه السيدة العظيمة في قلوب الأمة العربية بأكملها من المحيط إلى الخليج وكيف أنها توحدت في فرقتها واختلاف نوازعها على شيء واحد هو أم كلثوم وعلى صوت واحد هو صوت أم كلثوم ..
غمرني ما قرأته بالعاطفة نحو هذه السيدة العظيمة وأردت أن أكتب عنها شيئاً يعيد ذكراها إلى الأذهان ..
ووجدتني أكتب مسترسلاً دون تنقيح أو تهذيب أو مراجعة لأنني كتبت عنها بالعاطفة لا بالدراسة .. وعذري أنني يكفي أن أكتب أي شيء تحت اسم أم كلثوم فسيعلم الجميع مقصدي ومرامي ..
وكتبت ونشرت ما كتبته في زاوية "الفنون" محاولاً الالتزام قدر المستطاع بزاوية النشر .. لم تمر دقائق.. نعم دقائق .. حتى أزيحت أم كلثوم بإعلان عن تحميل أغنية ل ( أليسا) !! أزاح إعلان تحميل أغنية لأليسا (أم كلثوم) ..
صدمت صدمة ما أشدها وما أقساها على قلبي.. ليس لإزاحة الموضوع . لا طبعاً .. فهذه أشياء نعرفها وقد اعتدناها ونعذر بعضنا بعضاً عليها لأن لا أحد يمتلك الحق في البقاء ولا مزية الاستمرار وما عدنا في حاجة إلى ذلك فقد عرفنا من أراد القراءة لنا.. بل إنني أذكر أن أربعة موضوعات متتاليات أختيرت لنا ضمن الموضوعات المختارة بالواجهة..
ولكن صدمتي كانت ذات مغزى معنوي هزني بشدة.. أن يزاح موضوع عن كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي (أم كلثوم) بما لها من قيمة وقامة وقمة بإعلان في سطرين عن تحميل أغنية ل (أليسا) ... في إسقاط "غير مقصود" ولكنه كان في محله تماماً معبراً أيما تعبير عن هذا السقوط المدوي الذي ننحدر إليه..
ياليت الذي أزاح (أم كلثوم) كان فيض خاطر لجمال الهنداوي أو مناضلة على موقف لعبد العراقي أو قصيدة نبت بها قريحة سلمى بالحاج أو موقف تساخر به من حياتنا محسن الصفار أو دراسة وتحليل لحدث أفاض بها علينا زين الكعبي أو محاولة لفت نظر لعيوب مجتمعاتنا قام بها سعود الرويلي أو موضوع جديد لمدي المصري أو هشام الشرقاوي أو عزام عزام أو شمس محمد أو ربيع العاملي أو غيرهم من قدامي وحداثيي الزملاء المدونين الذين يبذلون جهدهم ويقدمون عصارة فكرهم على مائدة المدونات ..
ولكن للأسف أن الذي أزاح موضوع أم كلثوم هو إعلان عن تحميل أغنية لأليسا .. إسقاط مريع وسقوط مدوي ..
ليس لأهمية الكاتب "إطلاقاً" ولكن لأهمية المكتوب عنه ..
لقد شعرت أنني أهنت أم كلثوم من حيث أردت أن أزكيها ..
وجرحتها من حيث أردت تكريمها ..
حين يطردها ويطرد الحديث عنها إعلان عن تحميل أغنية لأليسا تكررت معه إعلانات تغزو باقي الزوايا دون إلتزام ودون احترام لجهد المدونين ومجهودهم ..
بيني وبين أحد الزملاء المدونين بل أفكارنا ورؤانا في يوم من الأيام حتى الموت .. وكل منا قانع بموقفه ووجهة نظره.. ولكن ربما طرأ شيء ما يجمعنا أو يوجب علينا أن نتضامن جميعاً ما دمنا نطرق نفس البيت ونعيش نفس الأجواء ونتداول نفس العملة .. يجب أن نصطف جميعاً بصرف النظر عن اختلاف رؤانا ووجهات نظرنا وعقائدنا ومبادئنا وثقافتنا وعقلياتنا ..
أقول يجب أن نصطف خلف مبدأ واحد هو الاحتجاج على هذا النشر السرطاني المهين لذواتنا ولأحاسيسنا ولمجهوداتنا وإزاحة ما كتبناه بجهدنا وعرقنا وما أنفقنا في سبيله جل ساعات يومنا المقتطعة من حياتنا وحقوق عوائلنا وأبنائنا وذلك بإعلانات عن تحميل أغان وأفلام ومسرحيات على كافة ربوع زوايا النشر دون أدنى تنسيق أو احترام لمجهود مبذول من المدون...
لذا فإنني مضطر حزيناً وآسفاً تمام الحزن وتمام الأسف واعتذاراً مني إلى السيدة العظيمة التي كتبت عنها لأكرمها فإذا بأغنية أليسا تزيحها بعد دقائق وكأن ذلك علامة ودلالة عصر.. ومغزى زمن يحقق معادلة الاقتصاد أن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق.. لذا فأنا مضطر أيضاً للاحتجاب عن التدوين مدة من الزمن احتجاجاً على ما اقترفه إعلان تحميل أغنية "أليسا" من إهانة لكوكب الشرق السيدة العظيمة "أم كلثوم" ..
وعلى ما تقترفه هذه الموجة الجديدة من إهانة لمجهودات الزملاء المدونين بإزاحتها وطردها بإعلانات لا تليق ...
التعليقات (0)