سيناريو توجيه ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية اقتربت، وأن مرحلة الحرب الباردة بين إيران من جهة وإسرائيل من جهة أخرى اقتربت من لحظة الانفجار، وأن التباين في وجهات النظر الإسرائيلية والأمريكية حول توقيت الضربة يتوقف على مدى استيعاب إيران للضربة الأولى، وحجم الرد الإيراني واتجاهاته في المنطقة، وانعكاساته على المصالح الغربية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص.
فالولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الراهن ستكون المتضرر الأكبر في حال تم توجيه ضربة عسكرية لإيران في هذا التوقيت، لأن اتجاهات الرد الإيراني ستكون على النحو التالي:
1- الخليج العربي: في حال تم استهداف إيران، فإن منطقة الخليج العربي ستشهد تصعيداً كبيراً، وسيأخذ هذا التصعيد شكلين:
الأول: تصعيد عسكري حيث ستعمل إيران كل ما بوسعها من أجل إغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة، وضرب القواعد الأمريكية في دول الخليج العربي، بالإضافة إلى ضرب مصافي النفط في العديد من الدول من أجل تعطيل سيناريو عملية برية داخل إيران تقوم بها القوات الغازية، أيضاً قد تضرب إيران محطات تحلية المياه العملاقة في دولة الإمارات.
الثاني: إثارة النعرات الطائفية داخل بلدان الخليج العربي وخارجها، فخارطة أصحاب المذهب الشيعي والذين يوالون إيران أيديولوجياً في دول الخليج هي على النحو التالي:
في البحرين يمثلون أغلبية السكان، وتبلغ نسبتهم ما يقارب 65% من عدد السكان، أم في الكويت فيمثلون ما نسبته 30%، وفي السعودية تصل نسبتهم من 10-15%، وفي قطر تصل نسبتهم إلى 10%، وفي الإمارات المتحدة تصل نسبتهم إلى 15%، وفي عمان لم تتجاوز نسبتهم 5% تقريباً.
وبناء على هذا الخريطة الاثنية، فإن رهان إيران عليها كثير في حال اندلعت شرارة الحرب، لأن استثمارها قد يهدد عروش الأسر الحاكمة فيها، وهذا خطر استراتيجي على الولايات المتحدة ومصالحها في الشرق الأوسط، فالثقل الجيوسياسي لمنطقة الخليج العربي يتطلب استقراراً سياسياً وأمنياً واقتصادياً.
2- إسرائيل: لم تكن إسرائيل خارج معادلة الرد الإيراني بل من المتوقع أن تستقبل نخبة من الصواريخ الإيرانية قدرها محللون عسكريون صهاينة بالأرقام على النحو التالي: 2000 صاروخ ستسقط على جنوب إسرائيل من قبل حركتي حماس والجهاد الإسلامي، بالإضافة إلى 3000 صاروخ من حزب الله اللبناني، وقد تطلق إيران ما يقارب 40 صاروخ بعيد المدى على مدن إسرائيلية.
3- الولايات المتحدة الأمريكية: قد تستثمر إيران الخاصرة الأمريكية الضعيفة في العراق وأفغانستان، حيث يوجد العديد من موظفي الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، وقد تقوم جهات عراقية موالية لإيران من استهدافهم، أما في أفغانستان فإن وجود عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين سيكون استهدافه سهلاً من قبل جماعات أفغانية موالية لطهران، وهذا سينطبق على العديد من المناطق الأخرى في العالم.
4- الرد الإيراني السياسي والدبلوماسي: روسيا والصين سيقودان حملة سياسية ودبلوماسية لسحب أي شرعية قانونية لشن العدوان على إيران، لأن الفكر الاستراتيجي الروسي يتحدث عن معادلة جديدة للمنطقة في حال سقطت إيران وسوريا، وازداد نفوذ الولايات المتحدة في منطقة بحر قزوين، فإن ذلك من شأنه أن يؤثر على المصالح الإستراتيجية الروسية، وهنا نحن أمام حرب سياسية ودبلوماسية شرسة قد تؤثر على عمل الأمم المتحدة في المستقبل.
5- منطقة بحر قزوين: سيكون للحرب على إيران انعكاسات على منطقة وسط آسيا، وعلى سوق النفط والتجارة، وغيرها من المصالح الأمريكية والإسرائيلية والغربية.
وقد لا تتوقف اتجاهات الرد الإيراني عند هذا الحد، بل قد تتجاوزه إلى اتجاهات أخرى، وقد تحدث تحالفات مؤقتة بين إيران وبعض القوى السنية مثل طالبان والقاعدة، لاستهداف المصالح الغربية والإسرائيلية في العديد من المناطق.
ومن هنا تأتي رغبة الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل لحثها بعدم توجيه أي ضربة عسكرية لإيران في الوقت الراهن، وأن إثارة القلاقل داخل إيران، بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية والحل السياسي هو الطريق الأمثل الذي سيجنب الولايات المتحدة ويلات الرد الإيراني، وخصوصاً أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما على أبواب انتخابات رئاسية.
التعليقات (0)